رسوم ترامب الجمركية تثير القلق بالعالم.. محللون: التأثير محدود على المغرب

بعد تنفيذ وعوده بشأن سوق العملات الرقمية وسلسلة أوامر تنفيذية بصمت أول أيام ولايته الثانية أقرّ دونالد ترامب، العائد إلى البيت الأبيض، سلسلة رسوم جمركية جديدة على السلع الواردة إلى أمريكا، خاصة من الصين بنسبة 10 في المائة، “فوق أيّ رسوم جمركية إضافية” حتى تعمل على الحد من “تهريب الفنتانيل”، متعهّداً بـ”استهداف الصين بمعدل 60 في المائة ودرس فرض ضريبة بنسبة 200 بالمائة على بعض واردات السيارات”.

أما الرسوم الجمركية الجديدة المعلنة (بنسبة 25%) على البضائع الواردة إلى الولايات المتحدة من كندا والمكسيك فإنه رغم “قرار تعليقها لمدة شهر”، حسبما أكده ترامب نفسه، غيْر أن مخاطر واحتمالات التأثير والانعكاس تظل واردة بقوة على ساحة التجارة العالمية، نحو مزيد من “ردود الفعل القوية الحمائية أو تنويع الشركاء”.

إعلان رسوم ترامب الجمركية تثير القلق بالعالم.. محللون: التأثير محدود على المغرب

والأحد الماضي استبق الاتحاد الأوروبي “خطوة مماثلة محتملة” بفرض رسوم جمركية على الواردات من بلدانه، مبديا “أسفه العميق لفرض ترامب رسوما جمركية على كبار الشركاء التجاريين لبلاده”، وواصفا تلك القرارات بأنها “مؤذية لكل الأطراف”.

وبينما يثير قرار ترامب الذي ينذر حسب البعض بالركود، بل وحتى بـ”حرب عالمية تجارية”، العديد من المخاوف، تتعزز الأخيرة بعد تحليلات بحثية آخرها من المعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية “تشاتام هاوس”، الذي كان تساءل في ورقة نشرها دجنبر الماضي “هل سيصبح المغرب ساحة معركة في حرب تجارية عالمية؟”.

وحاجَج المعهد ذاته بأن “المغرب قد يصبح نقطة (بؤرة تركيز) ساخنة لأي حرب تجارية قادمة بين الولايات المتحدة والصين، مع تحديات كبرى؛ لكن إستراتيجياته لحماية مصالحه وتجنب العواقب قد توفر دليلا يمكن لبلدان أخرى في الجنوب العالمي أن تحذُو حذوه”، لافتا إلى أن “المغرب يُوفر جسرا بالنسبة لصانعي السيارات الكهربائية الصينيين إلى الأسواق الغربية”.

وفي تعليقهم على تداعيات قرارات ترامب ورسومه الجديدة استبعد محللون اقتصاديون، تحدثوا لجريدة جريدة النهار الإلكترونية، تأثّر بنية الاقتصاد المغربي، خصوصا من حيث هيكلة الصادرات ونوعيتها أو حجمها، مع إبقاء “احتمال تأثر سلاسل إنتاج صناعية كبرى، مثل صناعة أجزاء السيارات والطيران والإلكترونيك والصناعات الكهربائية”.

محدودية التأثير

نبيل بوابراهيمي، أستاذ متخصص في الاقتصاد الدولي في جامعة ابن طفيل، أبرز أنه “منذ إدارته الأولى كانت بوادر تطبيق السياسة الاقتصادية الحمائية لترامب بارزة كإرهاصات؛ وباستحضار أنه بروفايل رجل أعمال مزاجي متسرع في القرارات، فضلا عن كونه محاطاً هذه المرة أكثر بتأثير لوبيات اقتصادية في القرار الأمريكي، ساعية إلى حماية الصناعة الوطنية الأمريكية؛ فمن الطبيعي أن يرجّح تنفيذ ما وعد به ناخبيه بعدما منحوه الشرعية لولاية ثانية، رغم كل ما قد يجرّه ذلك من سيناريوهات الفعل وردّ الفعل”.

وقال بوابراهيمي، في حديث مع جريدة جريدة النهار، إن “الرسوم الجمركية التجارية مع المكسيك وكندا تأتي في سياق مراجعة إدارة ترامب اتفاقيات التبادل الحر التي تم تجديدها حديثاً، وسرعة تنفيذها تأتي انطلاقا من إعادة توطين صناعات أمريكية فوق تراب المسكيك بأرقام معاملات لا يستفيد منها الناتج القومي المحلي لأمريكا، ما يضعف حضورها الاقتصادي، فضلا عن فقدان وظائف ويد عاملة”.

أستاذ الاقتصاد الدولي استشهد بأن “ترامب لا يهمّه السِّلم الاقتصادي بقدر ما يُؤثِر أن يكون منتصرا للقومية الأمريكية وجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى”، موردا أن “القانون الاقتصادي الدولي يتضمن ما تعرف بالسياسة التجارية الإستراتيجية؛ فرغم مخاوف من عودة التضخم الداخلي لكن تقوية الصناعة الأمريكية ستنعش الطلب الداخلي”.

وزاد المتحدث ذاته أن “المغرب رغم أن بنية صادراته لا تتضمن ما يمكن أن يؤثر عليه فإن محدودية التأثير احتمال وارد عبر تضرر سلاسل القيم والإمداد مع الاتحاد الأوروبي، بحكم كونه الشريك التجاري الأول للمملكة، ما يعني تأثيرا على بعض صادرات الرباط (سلاسل صناعات الإلكترونيك والكهرباء، بعض أنشطة صناعة السيارات…)”، وأجمل: “التعريفات الجمركية المتصاعدة والتدابير التقييدية المُقترنة بسياسات الدفاع التجاري العدوانية لا تهدد باستقرار التجارة العالمية فحسب، بل أيضًا بفرض ‘ستار حديدي تكنولوجي’ من شأنه أن يضر بالتقدم العلمي والنمو الاقتصادي في جميع أنحاء العالم”.

“احتمال وارد وجسّ نبض”

من جانبه يرى رشيد ساري، محلل اقتصادي رئيس المركز الإفريقي للدراسات الإستراتيجية والرقمنة، أن هناك “احتمالا واردا لعودة موجة التضخم العالمي إثر تقييد حركة التجارة العالمية برفع الرسوم الجمركية بنسبة مرتفعة، خاصة بين الصين وأمريكا، وفي حال استهداف الاتحاد الأوروبي بقرارات ترامب التي قد تشعل فتيل حرب تجارية عالمية”.

وفي قراءته لـ”رسوم ترامب وتداعياتها” علّق ساري لجريدة جريدة النهار قائلا: “احتمال تأثيرها بشكل كبير يبقى غير مستعبد، لكننا مازلنا نتابع هل ستُطبّق فعليا أم هي مجرد جس نبض؛ وفي حال سيناريو تطبيقها فذلك ليس حتى في صالح الولايات المتحدة واقتصادها، بحكم أن ذلك قد يُثير معاملة بالمثل من طرف قوى اقتصادية عالمية قد تَعزِف عن التعامل التجاري مع الاقتصاد الأول عالميًا، ما يدفعها إلى تغيير الأسواق من أمريكا إلى وجهات أخرى”.

وأكد المحلل ذاته أن “التأثير المباشر على المغرب ليس موجودا، بحكم اتفاقية التبادل الحر مع أمريكا، التي تجعل الفائض التجاري لصالح واشنطن”، مستحضرا أن “رسوما جمركية على دول أخرى نتعامل معها ضمن سلاسل معينة للإنتاج والإمداد ليست ذات تأثيرات كبيرة”.

ولفت المتحدث نفسه إلى أن “احتمال فرض رسوم أمريكية على صادرات الاتحاد الأوروبي إليها وانتهاج الحمائية أمر لن يجعل أوروبا مكتوفة الأيدي، خاصة أن كفة الميزان التجاري تميل إليها”، خاتما بأن “الاقتصاد الصيني الآخذ في التوسع هو المعني الأول برسوم ترامب”.

تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى