المغرب يستثمر في الطيران المدني لدعم السياحة والتحضير لـ”مونديال 2030″
رهان واضح على تطوير قطاع النقل والملاحة الجويَيْن بهدف تسريع الاستعدادات لـ”مونديال 2030″، موازاة مع إسهام قطاع الطيران المدني في تعزيز الرحلات الجوية الداخلية، بما يدعم ترصيد أهداف خارطة طريق السياحة المغربية، التي حققت متم 2024 رقماً قياسياً ببلوغ نحو 17,5 مليون سائح؛ ضِمنهم 3 ملايين سائح إضافي مقارنة بسنة 2023.
“الدور الإستراتيجي للنقل الجوي في تشجيع القطاع السياحي” لم يغِب عن حديث رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أمام النواب، خلال الجلسة العامة للمساءلة الشهرية بمجلس النواب التي انعقدت الإثنين الماضي، لتدارس “التوجهات الكبرى للسياسة السياحية في بلادنا”، إذ قال إن الحكومة واعية بهذا الدور، “ولديها اليوم خطة واضحة في هذا المجال من أجل مضاعفة أسطول الطائرات التابعة للخطوط الملكية المغربية أربع مرات، من 50 إلى 200 طائرة، في إطار رؤية تمتد إلى سنة 2037”.
وفي تعقيبه على انتقادات النواب لتنويع النقل الجوي قال رئيس الحكومة: “في الأفق المتوسط هناك تنويع مهم في الخطوط الجوية لعدد من الوجهات العالمية، سواء التقليدية منها أو الوجهات الجديدة التي وصلنا إليها بفضل عدد من البرامج الترويجية التي أطلقتها الحكومة…”، مذكّرا بـ”توقيعها شراكات مهمة مع مجموعة من الفاعلين في قطاع الطيران العالمي، بهدف الوصول إلى 10 ملايين مسافر على متن خطوطها في أفق سنة 2027”.
ويُرتقب، حسب المعطيات الرسمية، “إطلاق 24 خطا جويا دوليا جديدا، وافتتاح 11 خطا داخليا جديدا بين مدن مغربية، ما يعزز جاذبية عدد من الوجهات السياحية”.
تعزيز “مديرية الطيران المدني”
نهاية دجنبر 2024 كان مجلس للحكومة ضخّ دينامية جديدة في المديرية العامة للطيران المدني التابعة لوزارة النقل واللوجيستيك بتعيين طارق الطالبي مديراً عاماً للطيران المدني، بهدف مواكبة التطورات الكبيرة التي تعرفها الأوراش الجارية في المملكة، وتسريع وتيرتها، خاصة تلك المرتبطة بالتظاهرات الرياضة المقبلة، علاوة على “الرهانات السياحية” الواعدة خارجياً وداخليًا.
وتراهن الحكومة وراء تعيين المهندس الطالبي على رأس هذه المديرية، على تطبيق توجيهات الوزارة المتعلقة بمجال الوصاية على المؤسسات العمومية التي تعمل في ميدان النقل الجوي. كما شرعت الحكومة في المرور إلى السرعة القصوى لتنزيل مجموعة من المشاريع المتعلقة بقطاع النقل والملاحة الجوية؛ تتمثل، على الخصوص، في تعزيز الأسطول الجوي للمملكة، وتعزيز البنيات التحتية المطارية في المغرب.
كما سيكون مدير عام الطيران المدني أمام كسب تحدي المساهمة في إنجاح التظاهرات الرياضية الكبرى (نهائيات كأس إفريقيا للأمم 2025 ونهائيات كأس العالم 2030)؛ ناهيك عن تعزيز النقل الجوي الداخلي.
“تحول بنيوي” للنقل الجوي
من جهته أكد عزيز برهمي، خبير في النقل والتدبير اللوجيستيكي أستاذ باحث بجامعة ابن طفيل، أن رهان إنجاح الاستعدادات اللوجيستية لـ”المونديال” عموماً “يفرض نقلة نوعية للتحول في تدبير عدد من القطاعات، أبرزها النقل الجوي للمسافرين والطيران المدني”، موردا أن التظاهرات الرياضية الكبرى التي يلتزم بها المغرب ضمن دفاتر تحملات محددة تثير ثنائية “الفرص والتحديات”.
ويرى الخبير في قطاع النقل وتدبير اللوجيستيك، متحدثا لجريدة جريدة النهار، أن “إنجاح أهداف الحكومة للطيران الجوي للمسافرين، سواء الربط الداخلي أو الخارجي، يتطلب ليس فقط بنيات تحتية مطارية في مستوى المعايير الدولية”، شارحا أن “مضاعفة الخطوط مع عدد من الوجهات العالمية وبين المدن المغربية يتطلب فتح السوق أكثر للمنافسة، بما يضمن تحوّل بنية وهيكلة السوق المغربية للطيران الجوي بشقيه الخارجي والداخلي”.
ولمواكبة الطلب المتزايد على الرحلات الجوية الداخلية، وإنجاح رهان السياحة الداخلية في وجهات متعددة، يؤكد برهمي أهمية العمل على إقرار “ترخيصات استغلال جديدة لخطوط وفاعلي طيران، وفق دفاتر تحملات، بما يفضي إيجابيًا إلى تنويع العرض الذي يتعلق أساساً بتعدد الشركات وضمان الجودة المنشودة في الخدمات”.
كما أبرز المتحدث أهمية “تطوير وتحديث البنى التحتية المطارية”، حسب المخططات الحكومية المعلنة، في ضمان تأثير إيجابي لاستيعاب عدد متزايد من الزوار والوافدين، مردفا بأن “فتح السوق أكثر أمام تنوع العروض يضمن تحقيق شروط المنافسة الحقيقية”.
ويتوقع المصرح “تأثيراً إيجابياً للقرارات الحكومية الأخيرة المعلنة، بما فيها تعيين مدير عام جديد للطيران المدني”، متابعا بأن ذلك “رهينُ احترام مجموعة من المعايير في النقل الجوي للمسافرين، لأن المونديال وتوسع السوق فرصة يجب استغلالها بالشكل الأمثل”، بتعبيره.
وواصل برهمي بأن “الوزارة بمختلف مديرياتها، المؤسسات التي تقع تحت إشرافها ووصايتها، بما فيها ‘لارام’ ومكتب المطارات، ينتظرها عمل جبّار خلال السنوات الأربع القادمة لضمان إنجاح الأوراش المعلنة”، خاتما بأن “تطوير السياحة الداخلية ورفع إسهامها في القيمة المضافة للقطاع يرتبطان بشكل وثيق بتحسين وتجويد خدمات النقل الجوي والربط بين المدن”.
تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News