غياب الأفلام المغربية الجديدة عن دور العرض يسائل “الصناعة السينمائية”
ما زال تأخر عرض العديد من الأفلام الجديدة، من قبيل “المحكور ماكيبكيش” للمخرج فيصل بوليفة و”الثلث الخالي” للمخرج فوزي بنسعيدي و”كذب أبيض” للمخرجة أسماء المدير، يثير الكثير من الأسئلة لدى جماهير “السينيفيليين” (Cinéphiles) المغاربة، الذين راهنوا على مشاهدتها بعد المهرجان الدولي للفيلم بمراكش؛ لكن “التوقعات ارتفعت بخصوص أن هذه الشرائط من المستبعد أن تكون في القاعات قريبا”.
في هذا الصدد، قال عبد الكريم واكريم، الكاتب والناقد السينمائي، أنه “لم نصل بعد في المغرب إلى أن تكون لنا صناعة سينمائية حقيقية تخول لنا معرفة التواريخ المتواضع عليها لعرض الأفلام الجديدة”، موضحا أن “العديد من المخرجين يراهنون على مرور أفلامهم في مُجمل المهرجانات العالمية قبل عرضها في القاعات السينمائية؛ ولذلك، يمكن أن يمر وقت طويل دون أن تُعرض هذه الأفلام في الصالات”.
واعتبر واكريم، في تصريحه لجريدة جريدة النهار، أن “العديد من متتبعي الشأن السينمائي وعشاقه من الجماهير يترقبون خروج هذه الشرائط الجديدة، التي تم الترويج لها، إلى القاعات؛ لكن بما أنه ليست هناك برمجة متفق عليها فعرضها يظل مجرد توقعات، وبعض أفلام هذه السنة قيل إنها ستعرض قريبا، خصوصا بعد مهرجان مراكش الدولي، غير أن ذلك لم يحدُث حتى الآن”.
وأضاف الناقد السينمائي المغربي أن “أفلاما، من قبيل “كذب أبيض” للمخرجة أسماء المدير، من المتوقع أن تُعرض في القاعات قريبا لكون هذا الشريط سيمثل المغرب في جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي لسنة 2024″، مبرزا أن “إشكاليات التوزيع التي تواجه المنتجين والمخرجين هي حلقة أساسية بدورها تجعل عرض الأفلام تعرف صعوبة، نظرا لكون الهاجس التجاري يمنح الأولوية في أحيان كثيرة للشرائط التي يمكن وصفها بأنها تجارية”.
وأورد المتحدث ذاته أن “الرقي بالسينما في المغرب لا بد أن يعالج هذه الإشكالية المتعلقة بشبابيك التذاكر، بمعنى لا بد أن تجد الأفلام التي تركز على المضمون وعلى الجانب الفني فرصة للعرض لكونها لديها أيضا جمهور خاص بها وينتظرها، وستحقق الفرق؛ وبالتالي تستطيع أن تنافس الأعمال السطحية التي كل همها هو الربح فقط، دون إعارة البعد الفني قيمة كبيرة”.
من جانبه، قرب السيناريست والمخرج عبد الإله الجواهري جريدة النهار من هذه “المشكلة” التي يعرفها مسار الأفلام الجديدة نحو قاعات السينما حتى الآن، مؤكدا الخلفيات والأسباب التي قدمها واكريم، والتي منها ضرورة “استنزاف هذه الأفلام في المهرجانات لكي تستطيع جني الجوائز ويتم التسويق لها والترويج لها بشكل أكبر”، وأيضا “البحث عن موزع لكي تعرض في القاعات”.
وشدد الجواهري، ضمن إفاداته، على أن “الإشكال الذي تواجهه الأفلام الجديدة هو ندرة الموزعين بالمغرب، والعديد من الأعمال السينمائية الجيدة لم تجد موزعا حتى الآن لكي تدخل إلى صالات العرض”، ضاربا المثال بفيلمه الجديد “العبد”، الذي عثر على فرصة للتوزيع؛ ولكن ستتأخر إلى غاية شهر أبريل، لأن هناك زخما حاليا في القاعات، ولكونه ليس فيلما جماهيريا، يركز على استمالة الجمهور بل يركز على نزعة مختلفة في التصور.
وأبرز المخرج المغربي أن “رهانات الموزعين تجعل العديد من المتتبعين للشأن السينمائي يترقبون لوقت طويل عرض العديد من الأفلام التي سمعوا عنها وشاهدوا إعلاناتها”، موضحا أن “هذه المشكلة يجب معالجتها من خلال دمقرطة الفن السينمائي والتسريع في أوراش بناء قاعات جديدة أعلنت عنها وزارة الشباب والثقافة والتواصل؛ لأن المُشاهد المغربي لا بد أن يجد الفرصة ليشاهد أفلام بلاده كلها، وهذه الرغبة السينمائية المتنامية يتعين احتضانها والنهوض بها”.
ودعا المتحدث عينه إلى ضرورة أن “نفكر في خلق نوادٍ للفن السابع، نظرا لدورها الأساسي خلال القرن الماضي”، معتبرا أن “هذه الأزمة المتعلقة بالعرض يجبُ أن يتم تجاوزها، لا سيما أننا صرنا ننتج رقما محترما من الأفلام الممتازة سنويا”، وأضاف: “يتعين أن “نُصالح” الجمهور المغربي مع الصورة السينمائية، لاسيما ذات البعد الفكري، والتي ليس لها هواجس تجارية خالصة، من أجل أن نتمكن من الحديث عن صناعة سينمائية مغربية”.
تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News