كتاب يكشف رسائل الأديبة خناتة بنونة إلى الفقيه البصري والشاوي وبودرقة

يكشف كتابٌ جديد ردود الأديبة خناتة بنونة على رسائل الأديب عبد القادر الشاوي زمنَ اعتقاله السياسي إبّان “سنوات الرصاص”، إضافة إلى رسائل وجّهتها إلى المعارضَين البارزين آنذاك الفقيه البصري ومبارك بودرقة، بعد ثلاث سنوات على صدور رسائل الأديب عبد القادر الشاوي إلى الأديبة خناتة بنونة، في كتاب خاص.

وصدر هذا الكتاب الجديد عن دار الملتقى بعنوان “رسائل إلى الفقيه البصري والأستاذ مبارك بودرقة وأجوبة خناتة بنونة على رسائل عبد القادر الشاوي حين اعتقاله”، بتقديم الباحث والفاعل السياسي عبد الصمد بلكبير؛ وهي رسائل، وفق خناتة بنونة، “تؤرخ بشكل من الأشكال لبعض جوانب المرحلة التاريخية دون حسابات الربح والخسارة كما عند المؤرخين الرسميين… عبر الزمن الإنساني: قديما وحديثا”.

إعلان كتاب يكشف رسائل الأديبة خناتة بنونة إلى الفقيه البصري والشاوي وبودرقة

ومن بين ما تضمه رسائلُ الأديبة والمسؤولة السياسية والتربوية خيوطٌ ربطتها مع “جهات وأجنحة متعددة ومختلفة: سياسيا وثقافيا واجتماعيا”؛ من بينها فاعلون رئيسُون عملوا ضد السلطة زمن “سنوات الرصاص”، من جذريّي أقصى اليسار، علما أنها كانت أقرب إلى “أبيها الروحي” علال الفاسي، مؤسس حزب الاستقلال المتوقع في يمين الوسط.

وذكرت خناتة بنونة أنها كانت دائما “تلك المؤمنة: بالله والوطن والملك: الملكية الدستورية التي نحن الآن نرى بعض أبجديتها، إذ لو كان رجال المرحلة السابقة هم الذين يحضرون الآن لكانت خطواتها أسرع: فاليد الواحدة لا تصفق، ولأن الملكية هي ما تجمع فسيفساء المجتمع المغربي”.

وتابعت: “هاته الخيوط ما كنت أنا البادئة فيها: ولكن لقاء الفكر أو الإبداع أو القناعات أو الحوارات المتفقة أو المختلفة، تكون السبب الغالب فيها وفي الأطراف كلها، بالإضافة إلى السلوك وإلى إيماني بإحياء الروح الوطنية البناءة للإنسان والفكر والاقتصاد والعلم والمعرفة والفن والأوطان، وشعوري بالافتخار بوطني (المغرب) الذي شكّل دولة منذ أكثر من اثني عشر قرنا، بفضل شعبه وملوكه وجيشه ونخبه ورجال دينه والروح الوطنية الدائمة فيه”.

خناتة بنونة، المعروفة بثورتها منذ فترة مبكرة من الاستقلال، على جزء من أسرتها أراد تزويجها قسرا، وأراد شقّ مسار حياتها، لتصير من مؤسسات الكتابة الأدبية الحديثة بصيغة المؤنث باللغة العربية من بين ما يكشفه كتابها هذا؛ مضايقات جمّة عاشتها سياسيا ومجتمعيا، بسبب علاقاتها السياسية وآرائها، ومواقفها الرافضة للانحياز لطرف من الأطراف ذات المسؤولية، حفظا “للصفاء” و”المسؤولية” الثقافيين، فضلا عن أحداث أثّرت فيها بعمق، سلبيا، بسبب تصرّفات قريبين منها أو خيانتهم الأمانة.

وخناتة بنونة اليوم، وفق المقدّم عبد الصمد بلكبير، “رمز جامع وموحد للمجتمع والدولة والوطن، وهذا لا يأتي صدفة أو عفوا؛ بل بنضال وجهاد واجتهاد وكفاح”، وشخصيتها “متعددة الأبعاد، ومن ثمَّ الجمهور الذي يحتضنها: فهي أستاذة مربية، ومناضلة حزبية، وقائدة نسائية، ومؤسسة صحافية، ومقاومة فلسطينية عربية، وكاتبة قصة وروايات ومقالات… وكل من تلك الأبعاد، يستقطب لها جمهورا خاصا ومتميزا يثق بها”.

وزاد: “الأستاذة مناضلة وطنية، بل ومؤسسة لاحقة للرائدات الأميرة عائشة ومالكة الفاسي، أنجزت الكثير، وخاصة تأسيسها لأول صحيفة غير متخصصة في توعية وتحرير المرأة والأسرة، بل ميزتها في ذلك كانت وما تزال، ربط ذلك بالتحرر العام للمجتمع ودمقرطة إدارات دولته مع النضال القومي أساسا. وذلك عن طريق ارتباطها بالعمل العام السياسي الحزبي، خلاف بعض النساء اللواتي سقطن في فصل الموضوعين والمعرَكتين الخاصة النسائية والعامة الوطنية والديمقراطية، ولقد اتضح اليوم أكثر، سداد هذا المنحى ومردوديته، مقارنة بالانحرافات التي تعرضت لها الحركات الانعزالية النسوانية، سواء في المغرب وعربيا وعالميا”.

وواصل: “ولا شك أن العمل الصحافي يعتبر مظهرا من أهم مظاهر الحداثة والتحديث، ولقد ساهمت الأستاذة في تأسيس وتنويع هذا الإنجاز مغربيا وعربيا. بل ولقد كانت الرائدة والمؤسسة قبل أن تبنى على لبنتها صحف ومجلات أخرى لاحقة عليها معترفة بجميلها. أما مواقفها ومساندتها لحركات التحرر الوطني والفلسطيني فقل من يدانيها على هذا الصعيد”.

ومن أبعاد خناتة بنونة أيضا، وفق المنشور الجديد، “بعد الأستاذة ككاتبة قصصية وروائية، وهي تعتبر واحدة من الرموز المؤسسة لهذا الفن وطنيا وعلى المستوى النسائي عربيا ثمة نمطان من الوعي والفكر والكتابة في الواقع وفي التاريخ “كتابة الإنتاج” و”كتابة إعادة الإنتاج” وهي تنتمي إلى النمط الأول، الذي يعني ويشترط الارتباط بالواقع، واقع الناس وواقع السياسة، ومن ثمّ العمل على المساهمة فيه إصلاحا أو ثورة، وذلك بوصفه وتحليله وإضاءته ومساعدة الناس على وعيه ومن ثَمّ على تغييره”.

تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى