خبراء ينادون بحلول مبتكرة لتفادي نزيف مناصب الشغل بالمجال الفلاحي
مازالت مستويات البطالة في المغرب مرتفعة، ووصلت إلى أرقام قياسية، وهو أمر يعزى بشكل أساسي إلى فقدان وظائف في المجال الفلاحي، بسبب تأثيرات سنوات الجفاف المتتالية، ما بات يفرض إيجاد حلول بديلة.
وفي هذا الإطار قال محمد جدري، الخبير الاقتصادي، إن “البطالة وصلت إلى مستويات قياسية، بحيث بلغت في الفصل الماضي 13,7 في المائة، وخلال الفصل الحالي 13,1 بالمائة؛ وهي أرقم لم نصل إليها منذ أكثر من خمس عشرة سنة”.
وأضاف جدري ضمن تصريح لجريدة النهار: “دائما ما كان القطاع الفلاحي المشغل رقم واحد في المملكة المغربية، لكن بات الجفاف الذي أصبح هيكليا في الاقتصاد الوطني يؤثر بشكل كبير على طلب اليد العاملة”.
وأوضح الخبير ذاته: “السنة الماضية فقدنا تقريبا أكثر من 297 ألف منصب شغل، ورغم المجهودات التي قمنا بها في قطع غيار السيارات، وصناعة الطائرات، والنسيج والصناعات الغذائية، والسياحة والصناعة التقليدية والخدمات، لم نستطع أن نعوض هذا الضياع الكبير في القطاع الفلاحي”، وتابع: “لكن ما هو إيجابي هو أن أرقام النمو اليوم لم تعد مرتبطة ارتباطا كبيرا بالقطاع الفلاحي. هذه السنة رغم الجفاف اقتربنا من نسبة نمو تقارب 3 بالمائة، وبالتالي لم يعد القطاع الفلاحي يساهم بشكل كبير في نسبة النمو”.
وتوقع المتحدث نفسه أنه في أفق 2027، حينما سيتم حل إشكالية الماء وإشكالية الطاقة بشكل كبير، “فإن القطاع الفلاحي ستصبح لديه قدرة على التحمل، وسنتحكم في المواسم الفلاحية مهما كانت الوضعية المائية في المملكة”.
وأردف جدري: “في الوقت الحالي لن تستطيع القطاعات الأخرى تعويض القطاع الفلاحي على الأقل حتى 2027، لكن بعد هذا التاريخ يمكن لباقي القطاعات مثل صناعة السيارات، صناعة الطائرات، النسيج والجلد، والسياحة والصناعة التقليدية والخدمات، أن تعوض هذه الأرقام”، معتبرا أننا “مازلنا في مرحلة انتقالية بالنسبة للاقتصاد الوطني”.
من جانبه قال يوسف كراوي الفيلالي، خبير اقتصادي رئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير، إن “الوضعية في سوق الشغل مزرية بسبب ارتفاع معدل البطالة على المستوى الوطني، إذ فاق 13 بالمائة، وفي فئة الشباب فاق 40 بالمائة، فيما يمكن أن يتفاقم الوضع”.
وأضاف الفيلالي ضمن تصريح لجريدة النهار: “إذا استمر الضغط على القطاع الفلاحي الذي يعرف تراجع التساقطات المطرية وندرة الماء، واليوم هو عرضة للتغيرات والتقلبات المناخية، سترتفع معدلات البطالة”.
وشرح المتحدث ذاته أن القطاع الفلاحي لوحده يشغل 40 في المائة من مجموع الشغيلة النشيطة، فيما “فقدان مناصب الشغل في القطاع اليوم مرتفع جدا، ويمكن أن يرتفع أكثر، ولهذا هناك معاناة كبيرة في سوق الشغل”.
وأكد الخبير نفسه أنه “ليس القطاع الفلاحي وحده المتضرر، فحينما يكون هناك تباطؤ للنمو حتى القطاعات الأخرى تتضرر بطريقة غير مباشرة؛ وبالتالي نرى أن القطاع الصناعي والقطاع الخدماتي لا يوظفان بالشكل الكافي اليوم، خاصة مع وجود أكثر من 400 ألف متخرج ومتخرجة كل سنة يبحثون عن ولوج سوق الشغل ويجدون صعوبة كبيرة”.
وأردف الفلالي: “الوضع العام في المغرب هو أننا نعرف معدلات نمو ضعيفة جدا. فالقطاعات الاقتصادية لا تخلق مناصب الشغل بالشكل الكافي، خصوصا القطاعات غير الفلاحية، وبالتالي تبقى معدلات البطالة مرتفعة، سواء على المستوى الوطني أو في فئتي الشباب والنساء”.
أما بخصوص البدائل فدعا المتحدث إلى ضرورة “تطوير القطاع الفلاحي بحيث لا يكون مرتبطا بالتساقطات المطرية والتغيرات المناخية، والاشتغال أكثر على الصناعة الغذائية والفلاحة الغذائية التي تعتمد على تقنيات حديثة في استعمال الماء”.
كما دعا الخبير إلى “تقنين المياه في السقي بطريقة اصطناعية، وهذا أساسي جدا لاستمرار اشتغال القطاع الفلاحي رغم الضغط المائي والتغيرات المناخية، ورغم تراجع التساقطات، ولكي يحافظ القطاع الفلاحي على القيمة المضافة الفلاحية، ويعود ليشغل من فقدوا مناصب عملهم من جديد”.
كما شدد الفيلالي على “ضرورة تطوير الاستثمارات الصناعية التي تخلق فرص الشغل، وليس الاستثمار في البنية التحتية في المجال الصناعي، أو الاستثمار في مجالات صناعية ريعية لا تخلق مناصب الشغل”، خاتما: “يجب أن تكون هناك قدرة كبيرة على التفاوض لدى الحكومة مع المستثمرين الأجانب والشركات الأجنبية، لكي تخلق مناصب الشغل وتقدم خطة للتوظيف تكون واضحة توازي الاستثمارات التي تقوم بها”.
تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News