هيئة مستقلة لمراقبة جودة الخدمات تقسّم أرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب
تباينت وجهات نظر أرباب المقاهي والمطاعم حيال المقترح الذي تقدمت به الجامعة المغربية لحقوق المستهلك بخصوص “خلق مؤسسة تهتم بمراقبة جودة الخدمات السياحية، مستقلة عن وزارة السياحة، لتفادي حالة التنافي (طرف وحكم)”، إذ رفض بعضهم إحداث هذه الهيئة، وفضلوا “الاكتفاء بفرض تكوين العاملين بالمقاهي والمطاعم ومقدمي الخدمات السياحية مثلما هو معمول به في دول أخرى”، غير أن آخرين رحّبوا بالفكرة باعتبارها “فرصة لضمان تصنيف حقيقي للقطاع”.
في هذا الإطار قال نور الدين الحراق، رئيس الجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب، إن “خلق هذه المؤسسة غير عملي”، معتبراً أن “التجاوزات بالفعل موجودة، لكنها لا تعني القطاع بأكمله؛ وهي حالات معزولة تظهر ذروتها في الصيف حين يبدأ موسم السياحة الداخلية بشكل فعلي”، مستدركاً بأن “تدني الخدمات لا يحتاج إلى مؤسسة مراقبة بقدر ما يحتاج إلى تكوين العاملين في هذه المطاعم، بدءاً بربّ المطعم حتى النادل، الذي يوصل الطلبات للزبون”.
وأورد الحراق، ضمن توضيحات قدمها لجريدة النهار، أن “الجامعة طالبت بهذا من قبل؛ أي تخصيص دورات تكوينية، خصوصاً أننا مقبلون على محطات كبيرة، منها كأس أمم إفريقيا وكأس العالم (2030)، وعلى الخدمات التي نقدمها أن تتصف بمعايير عالمية، باعتبار المطاعم تشكل وجهاً للمغرب”، مبرّئا “ربّ المقهى أو المطعم الذي يقدم خدمة سياحية بدوره من المسؤولية في الأسعار المنتشرة حاليا، وإنما الأمر يعود أساساً لغلاء المواد الأولية التي بلغت ارتفاعات صاروخية، وللضرائب والرسوم المجحفة”، بتعبيره.
وتفاعلاً مع سؤال هل مازالت المواد الأولية تشكل كما يرى حماة المستهلك “ذريعة” لأي زيادة كما حدث مراراً في قطاعات كثيرة؟ قال المتحدث ذاته إن “المواد الأولية تلعب دوراً مهما في تحديد السعر النهائي للمنتج والخدمة التي يقدمها المطعم”، معتبراً أن هناك “فوضى حقيقية ارتفعت معها أسعار كل المواد”، وزاد: “لا نعرف هل هذه المسألة ظرفية وعابرة أم ستعمّر طويلاً، حتى نعرف كيف نتجهز لها، لكوننا نحن من نوجد في فوهة النار كمهنيين”.
وجواباً عن سؤال هل المواد الأولية تعتبر تسويغاً لرفع الأسعار إلى “مستويات قياسية” مثلما نشاهده في فواتير منتشرة على شبكات البث المفتوح؟ سجل الحراق أن هذه الفواتير التي تتجول “لا تعكس توجهاً عامّا”، مردفا: “هي مقاه ومطاعم محدودة تتوجه إلى نوع محدد من الزبناء الذين لديهم قدرة شرائية تستطيع التعاطي مع تلك الأثمان؛ والاستهلاك محكوم بالاختيار”، ومشدداً على أن “الوضع لا يمكن أن تتعاطى معه هذه المؤسسة المستقلة التي نتحدث بشأنها”.
من جانبه رحّب أحمد بفركَان، المنسق الوطني للجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب، بهذه المؤسسة التي يقترحها “حماة المستهلك”، باعتبارها “مؤسسة مهمة ستضمن التقييم وتصنيف كل مطعم أو مقهى وفق الخدمات التي يقدمها”، مضيفاً أنها “ستخلص المجال من التجاذبات المجانية ومن الفواتير التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي بغرض التباهي في أحيان كثيرة وبغرض الكيد في أحيان أخرى”.
وسجل بفركان، في تصريح لجريدة النهار، أن “العديد من المقاهي حافظت على أسعارها المعروفة”، واستدرك: “لكن علينا من جهة أخرى أن نكفّ عن التحامل بلا معنى، فنحن نعرف أن الكثير من المطاعم وغيرها تصنف كأماكن راقية، وبالتالي مبدئيا الأثمان فيها من المرجح أن تكون مرتفعة، بالنظر إلى طبيعة المكان وإلى الكلفة لتوفير الفضاء والعاملين والمواد الأولية، إلخ”، معتبراً أنه “لا يمكن أن نبحث عن قهوة بمقابل 10 دراهم في أماكن نعرف تصنيفها بشكل أولي، فإذا وجدنا فيها قهوة بـ25 درهماً فهي جد منطقية”، وفق قوله.
وأكد المهني ذاته أن “السوق يضمن التنوع، ولكل زبون ما يشاء؛ وهناك بطاقة (Menu) تتضمن الأسعار”، معتبراً أنه “في هذا الهامش بالضبط يمكن لهذه المؤسسة التي تنادي بها الجامعة المغربية لحقوق المستهلك التحرك؛ أي إنها ستراقب مدى جودة الخدمات بالنظر إلى السعر الموضوع في لائحة الأسعار؛ وهذا التصور جدي ومهم لكونه سيحفّز جميع الفاعلين في هذا القطاع السياحي على تقديم خدمات تضمن الحد الأقصى من الجودة، مع الحرص على أن تمنح هذه المؤسسة تقييما صارماً لكل مؤسسة لا تحترم الجودة”.
تجدر الإشارة إلى أن الجامعة المغربية لحقوق المستهلك وجهت انتقادات لاذعة إلى سوق السياحة الداخلية بالتراب الوطني هذه السنة، واستنكرت ما وصل إليه القطاع الحيوي من “ترسيخ مظاهر الجشع والنصب والاحتيال من بعض المنعشين السياحيين على المستهلك المغربي”.
وفي هذا الصدد أورد بلاغ الجامعة المغربية أن “التصرفات اللاأخلاقية طالت كل الخدمات السياحية؛ وهو ما جعل المستهلك المغربي يعزف عنها”، لافتا إلى أن “المواطن المغربي إذا توفرت له الإمكانيات المادية يتوجه مباشرة إلى الخارج لقضاء عطلته، حيث يستفيد من الخدمات نفسها بأثمان جد تنافسية مقارنة مع العروض الوطنية”.
تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News