تقرير يتوقع تفوق المغرب على قدرات جنوب إفريقيا في إنتاج السيارات

كشفت معطيات جديدة استعداد المغرب للتحول إلى أكبر منتج للسيارات في إفريقيا خلال السنة الجارية، متجاوزا بذلك جنوب إفريقيا، التي كانت الرائدة في إنتاج السيارات على مستوى القارة السمراء، إذ تأثرت قدراتها التصنيعية بالأداء الضعيف للوجستيك وزيادة واردات السيارات منذ بداية هذه السنة، بينما سينتقل الاستثمار في صناعة السيارات بالمملكة في المقابل إلى السرعة القصوى، من خلال دعم نمو الإنتاج المحلي، وخاصة مشاريع السيارات الكهربائية (EV) ، مع توقعات ببلوغ مستوى إنتاج (السيارات الخاصة والمركبات لنفعية الخفيفة) لا يقل عن 614 ألف وحدة متم دجنبر المقبل، فيما لن يتجاوز الإنتاج المتوقع للبلد الإفريقي المنافس سقف 591 ألف وحدة.

وأفاد تقرير صادر عن “فيتش سولوشن” Fitch Solution، الرائدة في البيانات والأبحاث والتحليلات التي تركز على مخاطر الائتمان وإستراتيجيات الأعمال، بأن توقعات ارتفاع حجم الإنتاج ستكون أكثر تأكيدا وطويلة الأجل بالنسبة إلى المغرب، بالنظر إلى التطور السريع لصناعة السيارات الكهربائية في المملكة، موضحا أنه رغم العودة المرتقبة لإنتاج السيارات في جنوب إفريقيا إلى الريادة بحلول 2025 فإن توقعات الإنتاج على المدى الطويل ستواجه ضغوطا مستمرة، بسبب المخاطر المتعلقة باللوجستيك والسياسة والانبعاثات، مشددا على أن المملكة ستظل الوجهة الاستثمارية المفضلة لصناعة السيارات بسبب قربها من الاتحاد الأوروبي، واستفادتها من الاتفاقيات التجارية الحالية، والبنية التحتية اللوجستيكية الفعالة.

إعلان تقرير يتوقع تفوق المغرب على قدرات جنوب إفريقيا في إنتاج السيارات

وأضاف التقرير أن هذه العوامل ستساعد على ضمان استمرار نشاط سلسلة الإمداد الأوروبية للسيارات في المغرب، وتطوير سلسلة القيمة المحلية للسيارات الكهربائية، واليد العاملة المؤهلة المحلية، واستغلال الاهتمام الاستثماري القوي من الشركات المصنعة الصينية الأصلية، التي تسعى إلى الحفاظ على الوصول إلى السوق الأوروبية من خلال دعم النمو القوي لصناعة إنتاج السيارات في المملكة خلال الفترة بين 2024 و2033، مع توقعات ببلوغ متوسط النمو السنوي لإنتاج السيارات في المملكة نسبة 6.8 في المائة على أساس سنوي حتى 2033، ليصل حجم الإنتاج السنوي إلى 1.09 ملايين وحدة.

نمو محفوف بالمخاطر

أكدت “فيتش سولشن” أن النمو المتوقع في صناعة السيارات المغربية لن يكون خاليا من المخاطر، إذ ستشهد الصناعة المحلية المعتمدة على التصدير، خصوصا نحو الأسواق الأوربية، نوعا من الاضطراب بعلاقة مع تغيرات بنية الطلب في الأسواق المذكورة، مشيرة في تحليلها إلى أهمية توجه المملكة نحو توسيع التجارة في إفريقيا من خلال منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية “زيلكاف” ZELCAF، وكذا الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عبر اتفاقيات التجارة الحرة، والشرق الأوسط، مشددة على وجوب مساعدة هذه العوامل في تخفيف المخاطر على صناعة السيارات المحلية، فيما توقعت استمرار المغرب في الاستثمار، من خلال توسيع قدرات التصديرية، ومواصلة تطوير البنية التحتية للموانئ والسكك الحديدية، ما سيخفف من المخاطر اللوجستيكية لهذه الصناعة بالمملكة.

وأوضح محسن الناوي، خبير اقتصادي متخصص في التجارة الدولية، تعليقا على مضامين التقرير الجديد الصادر عن شركة البيانات والتحليلات الدولية، أن اعتماد صناعة السيارات في المغرب على الأسواق الأوربية يمثل مخاطرة كبيرة، إذ يمكن أن تؤثر الأزمات الاقتصادية أو التغيرات في السياسات التجارية في الاتحاد الأوروبي على صادرات السيارات المغربية​​، مؤكدا في تصريح لجريدة النهار أنه “رغم تفوق المملكة على جنوب إفريقيا في الإنتاج حاليا إلا أن هذا البلد الإفريقي مازال منافسا قويا بفضل صناعته المستقرة والمتنوعة، وعمله المتواصل على تحسين البنية التحتية ورفع الاستثمارات في الطاقة، ما يعزز توقعات استعادته لتوازنه قي أي وقت”.

وشدد الناوي على ضرورة استثمار المغرب إمكانياته الحالية في مواجهة منافسة جنوب إفريقيا، خصوصا ما يتعلق بامتياز الموقع الجغرافي، والقرب من الاتحاد الأوروبي، إذ يوفر هذا الموقع الإستراتيجي ميزة لوجستيكية تنافسية، ويتيح تصدير السيارات بسهولة إلى الأسواق الأوروبية، ما يقلل من تكاليف النقل والوقت مقارنة بجنوب إفريقيا​​، مشيرا إلى تمتع المغرب ببنية تحتية متقدمة في مجال الموانئ والسكك الحديدية، ما يعزز قدراته على تصدير السيارات بفعالية وكفاءة​​ خلال السنوات المقبل، فيما نبه إلى أهمية التركيز على السيارات الكهربائية لكسب رهان المنافسة في سوق عالمية ناشئة، خصوصا من خلال جذب استثمارات أجنبية أكثر في هذا المجال الصناعي.

خفض انبعاثات الكربون

أشار تقرير “فيتش” الجديد إلى أنه بخلاف المغرب ستكافح جنوب إفريقيا لجذب استثمارات متزايدة على المدى المتوسط، بسبب بيئة التشغيل غير المواتية في البلاد (الانبعاثات، والشغل والتجارة، ومخاطر النقل)، موضحا أنه رغم التفاؤل تجاه صناعة السيارات في هذا البلد الإفريقي، مع صعود حكومة الوحدة الوطنية، فإن الأداء الضعيف للموانئ والمنافسة المتزايدة من الشركات الصينية والهندية، محليا وعالميا، سيكون من الصعب التغلب عليه من قبل صناعة السيارات المحلية، إذ يتوقع أن يبلغ متوسط نمو إنتاج السيارات في جنوب 0.9 في المائة على أساس سنوي خلال الفترة بين 2024 و2033، ليصل إلى حجم إنتاج سنوي يبلغ 687 وحدة.

ويرقب أن تتعزز الرياح المعاكسة للاستثمار في جنوب إفريقيا بسياسات، مثل حاجز خفض انبعاثات الكربون المفروضة من قبل للاتحاد الأوروبي، بسبب اعتمادها على الفحم للحصول على الطاقة وموقعها الجغرافي، ما سيزيد من الانبعاثات عند النقل خلال عمليات التصدير إلى أوروبا، والتحول البطيء للبلاد نحو الكهرباء، فيما لاحظ التقرير بالمقابل أن صناعة السيارات المحلية في هذا البلد الإفريقي تظل أكثر استقرارا وتنوعا مقارنة بالمغرب، ما سيمنح إنتاج السيارات المحلي قدرة تنافسية تصاعدية، في حال استقرار قطاعات الطاقة واللوجستيك في البلاد، وتحسن بيئة التشغيل الداخلية.

ونبه التقرير التحليلي إلى أن موقف جنوب إفريقيا غير الواضح تجاه روسيا وإيران وإسرائيل يضع علاقاتها مع الولايات المتحدة في خطر، ويمكنها اتخاذ إجراءات عقابية ضد البلد الإفريقي المذكور، عن طريق تقييد الوصول التجاري التفضيلي، ما سيخلق حالة من عدم يقين بالنسبة إلى صناعة السيارات المحلية، خاصة مع الاحتمالات المتزايدة بفوز الجمهوريين في سباق الرئاسة الأمريكية، مشددا على وجوب تعامل المغرب بحذر مع الاعتماد الكبير على الأسواق الأوروبية، وتنويع شركائه التجاريين، من أجل تقليل تأثير المخاطر الاقتصادية والسياسية على صادراته من السيارات.

تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى