انتشار تطبيقات النقل بالمدن يرفع الإقبال على “السيارات الهجينة” في المغرب

موازاة مع الجدل الدائر حول قانونية تطبيقات التنقل الحضرية VTC بالمغرب، والترخيص لها بالنشاط، يواصل عدد السائقين المقبلين على الانخراط في هذه التطبيقات صعوده، إذ احترف عدد كبير المهنة الجديدة، وانتقلوا إلى مراحل متقدمة في ملاءمة إمكانياتهم مع متطلباتها، خصوصا ما يتعلق بوسيلة النقل، ذلك أن نسبة كبيرة من هؤلاء السائقين أصبحوا يلجؤون إلى كراء السيارات من أجل استغلالها في نشاطهم، إلا أن تطور فاتورة الكراء وارتفاع أسعار المحروقات، خصوصا “الغازوال”، أمران دفعاهم إلى البحث عن بدائل أفضل من خلال السيارات الهجينة Voiture hybride.

وتتراوح كلفة كراء سيارة من أجل استغلالها في نشاط النقل بواسطة تطبيقات التنقل الحضرية بين 6000 درهم و10 آلاف شهريا، حسب نوعية السيارة وطرازها، وكذا الوقود الذي تعمل به، ناهيك عن كلفة التزود بالمحروقات والنفقات المرتبطة بالصيانة والإصلاحات الطارئة، لتتجاوز تكاليف الاستغلال اليومي 350 درهما، الأمر الذي دفع عددا كبيرا من محترفي خدمة النقل الجديدة إلى التحول من السيارات العادية إلى الهجينة، الأقل تكلفة، بفضل محركات تزاوج بين البنزين والطاقة الكهربائية، إذ تولد معدل استهلاك مدمج للطاقة بين 4.5 و5 وسط المدينة.

إعلان انتشار تطبيقات النقل بالمدن يرفع الإقبال على "السيارات الهجينة" في المغرب

ورغم ارتفاع أسعار طرازات السيارات الهجينة لدى الموزعين الأوربيين والآسيويين على حد سواء فإن عددا من سائقي التطبيقات لجؤوا إلى إحداث شركات، خصوصا في صيغة المسؤولية المحدودة SARL، من أجل اقتناء سيارات جديدة، مع أداء مبالغ تسبيقات منخفضة، والاستفادة من الإعفاء على الضريبة على القيمة المضافة، باعتبار أن السيارة موضوع التمويل البنكي موجهة للاستغلال المهني في نشاط الشركة، فيما تراوحت أسعار بعض الطرازات بين 220 ألف درهم و340 ألفا، حسب العلامة التجارية والخصائص التي تحملها.

كلفة استغلال منخفضة

سجلت تطبيقات التنقل الحضرية VTC، مثل “كريم” و”يانغو” و”إن درايف” وغيرها، حركية مهمة خلال الفترة الأخيرة، بعلاقة مع تنامي الطلب على خدمات النقل، خصوصا داخل المدن والمناطق المتمركزة ضواحي الرباط والدار البيضاء، إذ أغرت مقارنات أسعار التنقل بين القطارات والحافلات وسيارات النقل الخاصة الزبائن بالاعتماد على التطبيقات في رحلاتهم، والاستفادة من شروط راحة أكثر، وكذا تجنب الازدحام وهدر الوقت في الانتظار، إلا أن ميزان الربح والخسارة لدى السائقين غالبا ما سجل عجزا لفائدة الزبائن، مع طول المسافة وارتفاع أسعار المحروقات، زيادة على تكاليف الكراء، خصوصا أن التحفيزات الممنوحة لهم من قبل التطبيقات لم تعد مغرية كما كانت في السابق، وعجزت عن تغطية الفارق السلبي في الأثمان، ما عزز البحث عن خفض كلفة الاستغلال.

وبالنسبة إلى أنس با منصور، سائق تطبيقات تنقل حضرية من الدار البيضاء، فالسيارات الهجينة أفضل من السيارات الكهربائية بالنسبة إلى طبيعة النشاط الذي يزاوله، إذ لم يتردد في اختيار سيارة بمحرك يعمل بالبنزين والكهرباء، وتفضيله على آخر يشتغل بالكهرباء بشكل كامل، موضحا في تصريح لجريدة النهار أن الأمر يتعلق بمعايير الاستهلاك والكفاءة والاعتمادية، ذلك أن استدامة المسافة المقطوعة بواسطة الفئة الأولى من السيارات تتراوح بين 600 وألف كيلومتر، بينما لا تتجاوز 200 كيلومتر لدى الفئة الثانية، مشيرا إلى فارق السعر بين الفئتين، إذ تظل الأولى أرخص، ومعفاة شأن الثانية من الضريبة السنوية للسيارات (لافينييت)، وبالتالي تمثل كلفة استغلال أقل من السيارتين الكهربائية والعادية، خصوصا بالنظر إلى المسافة التي تقطعها السيارات المستغلة في النقل بواسطة التطبيقات.

وأفاد السائق مراد عزيري، في تصريح لجريدة النهار، بأن الاختيار بين سيارة هجينة وكهربائية ينطلق من تقييم احتياجات تطبيقات التنقل الحضرية، إذ من الضروري اعتبار طبيعة الاستخدام اليومي، من خلال تحليل المسافة المقطوعة ونقط التردد المتكررة، سواء في المناطق الحضرية أو خارجها، موضحا أن السيارات الهجينة تناسب الرحلات الأطول، إذ توفر استدامة على مستوى استهلاك الطاقة أكثر من السيارة الكهربائية، ومشددا على أن هذه الأخيرة تظل حساسة للظروف الجوية، خصوصا درجات الحرارة المنخفضة التي يمكن أن تؤثر على أدائها، ومنبها إلى أهمية معرفة الطبيعة الجغرافية للمدينة ومناخها من أجل تحقيق أقصى استفادة من السيارة الهجينة، التي تزايد الطلب عليها لدى الموزعين، ما اضطر عددا كبيرا من السائقين إلى التسجيل في قوائم انتظار للحصول على سياراتهم.

مطالب بدعم مستقبلي

في سياق آخر كشف عزيري، السائق المتمرس في تطبيقات التنقل الحضرية، عن دعم مستقبلي للسائقين عند شراء السيارات الهجينة الجديدة من الموزعين، باعتبارها أقل تلويثا للبيئة واستهلاكا للوقود، مشيرا إلى أن عددا من الدول الأوربية أفرجت عن مبالغ دعم لفائدة ممتهني هذا النشاط، بعد تقنينه وتنظيمه بشكل كامل، ومشددا على أن تكاليف شراء سيارة هجينة تظل أغلى من تملك سيارة تقليدية، وبالتالي فتقديم دعم مغر للملاك الجدد لهذه الفئة من السيارات سيكون له أثر إيجابي على البيئة وكلفة الاستغلال، ومعتبرا أيضا أن تطبيقات التنقل الحضرية أصبحت واقعا اليوم، وحلا ضمن مجموعة من الحلول المطروحة لمعالجة مشاكل النقل، وتدعيم العرض في السوق، خصوصا أن سيارات الأجرة أثبتت محدوديتها في تلبية الطلب المتزايد، خصوصا في المدن الكبرى.

من جهته أوضح علاء مراكشي، وكيل تجاري لدى أحد موزعي العلامات الآسيوية بالدار البيضاء، في تصريح لجريدة النهار، أن كلفة الاستغلال المنخفضة شكلت عامل الجذب الأول بالنسبة إلى سائقي تطبيقات التنقل الحضرية لشراء السيارات الهجينة، التي تضررت خلال الفترة الماضية من الشائعات والمعلومات المغلوطة الخاصة بكلفة الصيانة والإصلاح وعدم توفر قطع الغيار، والاستهلاك المبالغ فيه للبنزين وغيرها، مؤكدا أن الزبائن الذين يلتقي بهم في صالات العرض لا ينفكون يعبرون عن دهشتهم من الخصائص والمزايا التي تتمتع بها هذه الفئة من السيارات، خصوصا على مستوى الاعتمادية والجودة، وكذا الاستهلاك وقلة الأعطاب، وتمتعها بإعفاء من الضريبة السنوية على السيارات، مشيرا إلى أن المبيعات سجلت نموا بزائد 15 السنة الماضية فقط.

وأكد مراكشي، في السياق ذاته، تحسن التكنولوجيا في السيارات الهجينة بشكل كبير، بحيث أصبحت أكثر كفاءة وموثوقية، منبها إلى أن البنية التحتية الحالية لدعم هذه السيارات، مثل محطات الشحن، أصبحت أكثر انتشارا مقارنة مع السنوات الماضية، ما يزيل بعض العوائق التي كانت تعترض استخدام هذه السيارات، ومشيرا إلى الدور الكبير الذي لعبته بعض التطبيقات المشهورة في تشجيع سائقيها على استخدام سيارات أقل تلويثا للبيئة، مع التركيز على مساهماتها في تقليص التكاليف وزيادة الأرباح؛ فيما عمدت في أحيان كثيرة إلى تقديم حوافز خاصة للسائقين الذين يستخدمون الفئة المذكورة من السيارات، التي باتت أكثر طلبا من قبل عينات من الزبائن، الراغبين في استقلال سيارات أكثر حداثة وراحة في تنقلاتهم اليومية.

تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى