تراجع “الفقر متعدد الأبعاد” يعكس نجاعة إصلاحات اجتماعية واقتصادية مغربية

سجّلت المندوبية السامية للتخطيط تراجعاً وصفته بـ”الكبير” في نسبة الفقر متعدد الأبعاد بالمغرب من 40 في المائة سنة 2001 إلى 9,1 في المائة في 2014، ثم 5,7 في المائة سنة 2022.

وعزت المندوبية هذا التطور الإيجابي، في مذكّرة صدرت حديثاً، إلى الانخفاض الحاد في الفقر متعدد الأبعاد في الوسط القروي على مدى العقدين الماضيين من 73,4 في المائة سنة 2001 إلى 11,2 في المائة سنة 2022، ومن 13,8 في المائة سنة 2001 إلى 2,6 في المائة سنة 2022 بالنّسبة للوسط الحضري.

إعلان تراجع "الفقر متعدد الأبعاد" يعكس نجاعة إصلاحات اجتماعية واقتصادية مغربية

تعليقاً على هذا الأرقام، قال عبد الرزاق الهيري، أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة محمد بن عبد الله بفاس، إن ما يلاحظ في هذا الانخفاض هو أنه “تباطأ بشكل كبير منذ جائحة “كورونا” واندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وهما العاملان اللذان أديا إلى الارتفاع العام في الأسعار على مستوى العالم، وبالتالي تدهور القدرة الشرائية للأسر وارتفاع الفقر النقدي، الذي يعد مكونا أساسيا للفقر متعدد الأبعاد”.

من جانب آخر، يضيف الهيري، تنبه هذه الأرقام إلى “ضرورة عمل السلطات العمومية على إصلاح الأعطاب التي تعرفها مجموعة من السياسات ذات الطابع الاجتماعي من أجل دعم انخفاض هذه النسبة عبر جعلها أكثر نجاعة باستهداف أكثر وضوحا”، الأمر الذي يمكن أن يتأتى، حسبه، عبر السجل الاجتماعي الموحد وغيره من السياسات المنتهجة من قبل الحكومة.

وأوضح الخبير ذاته، في تصريح لجريدة النهار، أن هذا الانخفاض يأتي في ظرف أطلق فيه المغرب نموذجه التنموي الجديد، “غير أن ذلك يحتاج إلى تدعيم عبر تعزيز الولوج إلى التمدرس والخدمات الصحية وتجويدها، وسن سياسة للتشغيل تمكن من توفير دخل للأسر، موازاة مع تقييم السياسات العمومية الحالية، وإعادة توجيهها نحو تحسين المستوى المعيشي للمواطنين، وكذا محاربة التضخم”.

محمد أمين سامي، الخبير في مجال التخطيط الاستراتيجي، قال إن هذه الأرقام “تعكس مجموعة من التطورات الإيجابية والإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي تمت على مدار العقدين الماضيين، من بينها سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية التي عملت الحكومات على تنزيلها، والتي تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي، وتحسين بيئة الأعمال، وزيادة فرص العمل عبر تحسين البنية التحتية، ودعم القطاع الخاص، وتعزيز الصناعات المحلية”.

وأشار سامي، في حديث لجريدة النهار، إلى “عامل آخر مؤثر في هذه الأرقام، يتعلّق بزيادة الاستثمار في قطاعي التعليم والصحة من خلال بناء المدارس والمستشفيات الجديدة، وإنشاء أكثر من 50 ألف مدرسة ابتدائية وثانوية جديدة، فضلا عن مساهمة نظام المساعدة الطبية RAMED في توسيع نظام التغطية الصحية لتشمل فئات أوسع من السكان، بالإضافة إلى تدريب المعلمين والأطباء، وتحسين الوصول إلى الخدمات الصحية والتعليمية”.

في السياق ذاته، استحضر الخبير ذاته مساهمة برامج مكافحة الفقر كبرنامج “المبادرة الوطنية للتنمية البشرية” في تحسين الظروف المعيشية للأفراد في المناطق الريفية والحضرية الفقيرة من خلال مشاريع تنموية محلية، وإطلاق مبادرات لتعزيز التنمية في المناطق القروية من خلال تحسين الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل المياه الصالحة للشرب، والصرف الصحي، والكهرباء، والبنية التحتية للنقل.

ومن بين عوامل هذا التراجع الإيجابي أيضا، وفق سامي، “خفض معدلات وفيات الأطفال، ورفع معدلات الالتحاق بالتعليم، وتحسين نوعية السكن، وزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل وتمكينها، وتقديم دعم مباشر للأسر الفقيرة من خلال برامج الدعم النقدي والتحويلات الاجتماعية”، الأمر الذي يعكس، حسبه، جهودًا مستدامة وشاملة من قبل الحكومة والمجتمع المدني لتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى