الرأسمال الاستثماري يتجاوز 3 مليارات درهم وينعش تمويل المقاولات الصغرى
كشفت نتائج دراسة منجزة من قبل مكتب “غرانت” ثورنتون تحت إشراف لجنة الدراسات والإحصاءات بالجمعية المغربية للمستثمرين في رأس المال (AMIC)، عن تجاوز الرساميل المعبأة سقف 3 مليارات درهم، فيما بلغت هذه الرساميل خلال الفترة بين 2018 و2023 مستوى تراكميا وصل إلى 9.8 مليارات درهم، أي ما يمثل ضعف الأموال المعبأة بين 2012 و2017.
وحسب الدراسة ذاتها، مثلت الصناديق العابرة للجهات 78 في المائة من إجمالي الرساميل المعبأة في المغرب منذ 2012، مفضلة الأشكال القانونية الأجنبية لأسباب تتعلق بالعملة والضرائب، مقابل صناديق محلية شكلت 22 في المائة خلال الفترة نفسها وفضلت الهياكل القانونية المغربية، خصوصا في شكل هيئات التوظيف الجمالي لرأس المال (OPCC).
وساهمت الهيئات الدولية للتنمية والبنوك وشركات تدبير الأصول بحوالي 70 في المائة من الرساميل المعبأة بين 2018 و2023، فيما زادت حصة المستثمرين المغاربة بشكل ملحوظ، حيث ارتفعت من 25 في المائة خلال الفترة بين 2012 و2016 إلى 45 في المائة بين 2018 و2023، علما أن السنة الماضية شهدت نموا قياسيا للاستثمارات لتقفز إلى 2.5 مليار درهم، تم تحقيقها من قبل 12 شركة للتدبير. وشملت هذه الاستثمارات 25 شركة جديدة و16 عملية إعادة استثمار.
إنعاش المقاولات
منذ ظهوره قبل خمس عشرة سنة، ساهم رأس المال الاستثماري بشكل كبير في تمويل المقاولات الصغرى والمتوسطة، بدعم أكثر من 250 شركة وتعبئة حوالي 12 مليار درهم من التمويلات، حيث أثبتت هذه الصناعة فعاليتها، خصوصا في مساعدة ودعم المقاولات على تجاوز الطوارئ الاقتصادية الصعبة، عبر الاستفادة من الاستثمار الرأسمالي لتحقيق أداء مالي أعلى.
وأفاد عبد العزيز مراحي، أستاذ باحث في الهندسة المالية، في تعليقه لجريدة النهار على نتائج الدراسة الجديدة، بأنه “رغم هذه النجاحات، يكافح رأس المال الاستثماري لجذب عدد كاف من المقاولات”، موضحا أن هذا الخيار التمويلي يقدم أكثر بكثير من مجرد ضخ أموال، حيث يمثل تحولا شاملا للمقاولة، مشيرا إلى دور صندوق محمد السادس للاستثمار في بدء حقبة جديدة للرأسمال الاستثماري، من خلال سلسلة من المبادرات تهدف إلى تحفيز هذه الصناعة، بما في ذلك اختيار 17 شركة تدبير. ويتوقع أن تتيح هذه الإجراءات لقطاع رأس المال الاستثماري مضاعفة حجمه ثلاث مرات خلال السنوات الخمس المقبلة، مع التزام مبدئي بقيمة 6 مليارات درهم من قبل الصندوق.
وأضاف مراحي أن إحدى أولويات صندوق الاستثمار السادس هي تكييف عرضه مع الاحتياجات الخاصة للسوق، مؤكدا أنه “في سياق تحقيق هذه الغاية، جار إنشاء صناديق موضوعية تغطي مختلف القطاعات الاقتصادية، بالإضافة إلى التخطيط لإطلاق أداة تمويل شبه حقوق الملكية لمساعدة الشركات ذات رؤوس الأموال المنخفضة على الوصول إلى رأس المال الاستثماري، حيث سيكمل هذا المنتج الوسيط، الذي خصصت له ميزانية قدرها 4 مليارات درهم، التمويل البنكي ويدعم مشاريع الاستثمار”.
النمو الاقتصادي
يلعب رأس المال الاستثماري دورا حساما في تسريع النهوض الاقتصادي من خلال دعم الابتكار، وخلق فرص الشغل وتحفيز النمو الاقتصادي، رغم المخاطر المرتبطة به، إذ يمكن التغلب على هذه التحديات من خلال تحسين البيئة التنظيمية وتقديم الحوافز المناسبة، مع تبني السياسات الصحيحة، علما أن هذا الخيار التمويلي يشكل محركا قويا للنمو الاقتصادي والازدهار.
وبهذا الخصوص، أوضح صلاح إسماعيلي، محلل مالي، في تصريح لجريدة النهار، أهمية تقديم تمويلات رأس المال الاستثماري للمقاولات الناشئة في مراحلها الأولى، حيث يتم توفير هذا التمويل من قبل مستثمرين يبحثون عن عوائد كبيرة على استثماراتهم، مؤكدا أنه بالإضافة إلى التمويل، قدم المستثمرون غالبا الخبرة والإرشاد للمقاولات من الفئة المذكورة، مشيرا إلى مزايا الخيار التمويلي في النهوض الاقتصادي، من خلال دعم الابتكار، خصوصا عبر تمويل المقاولات التي تقدم حلولا جديدة ومبتكرة، ما يؤدي إلى تعزيز الابتكار في الاقتصاد.
وشدد إسماعيلي على دور الخيار التمويلي المشار إليه في تحفيز النمو الاقتصادي، عبر زيادة الإنتاجية، ذلك أن الشركات الناشئة غالبا ما تقدم حلولا ومنتجات وخدمات ترفع مستوى الإنتاجية في مختلف القطاعات، منبها إلى أهميته أيضا في رفع الناتج الداخلي الخام، حيث يؤدي نمو المقاولات المذكورة إلى زيادة الإنتاج، وتحسين البيئة الاستثمارية، وتعزيز جاذبية المملكة للمستثمرين الأجانب، ما سيساعد على تسريع وتيرة تدفق رأس المال إلى الاقتصاد المحلي، ويدعم بالتالي النمو الاقتصادي.
تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News