واكريم: السينما المغربية كانت “ذكوريّة بامتياز” .. وصندوق الدعم بلغ مداه
قال الكاتب والناقد السينمائي عبد الكريم واكريم إن السينما المغربية قبل بداية الألفية كانت “رجالية وذكورية بامتياز، رغم حضور المرأة وقضاياها كموضوع وباستمرار منذ بداية الفن السابع بالمملكة المغربية”، مشيرا إلى “موجة أفلام المرأة التي رافقت النقاش المحتدم حول مدونة الأحوال الشخصية بداية الألفية”.
وذكر واكريم وهو يتحدث ضمن محور “نظرة على الفنون” بالمعرض الدولي للنشر والكتاب في دورته الـ29، أن غياب العنصر النسوي في ميدان الإخراج كان “شبه كلي”، باستثناء مخرجتين، هما فريدة بليزيد التي انتقلت من كتابة السيناريو إلى الإخراج، وفريدة بورقية التي أنجزت فيلما سينمائيا وحيدا بداية الثمانينات هو “الجمرة” (1982) بعد عودتها من الاتحاد السوفييتي.
أما بليزيد، حسب الناقد، فقد أنجزت فيلمين فقط هما “باب السما مفتوح” (1987) و”كيد نسا” (1999)، وذلك إلى حدود بداية الألفية، بعد أن كانت قد انطلقت ككاتبة سيناريو مع المخرج الجيلالي فرحاتي في فيلمه “عرائس من قصب” سنة 1981، وسجل أن هذه الحقيقة: “حقيقة التوقيع الذكوري في السينما”، ستدخل منعطفاً جديداً مع مطلع القرن الحادي والعشرين.
وتابع بأن الساحة ستشهد بالتدريج ظهور نساء مخرجات، ابتداء بنرجس النجار التي ستنجز ثلاثة أفلام في العشرية الأولى من الألفية: “العيون الجافة”، “بارابول” و”انهض يا مغرب”، وليلى الكيلاني التي ستنجز فيلمها الأول “أماكننا الممنوعة”، وياسمين القصاري بفيلمها “الراكد”، وليلى المراكشي بفيلم “ماروك”.
بعد ذلك، تطرّق الناقد والكاتب، المتحدث “وحيداً” ضمن ندوة “السّينما المغربيّة الجديدة.. رؤى واتجاهات”، إلى الثنائية التي تبدو واضحة في المشهد السينمائي المغربي: سينما فنية في مواجهة سينما تجارية. وأوضح أنه “مع تراكم الكم المنتج سنة بعد أخرى خلال الألفية الجديدة، تم إفراز نوعين سينمائيين رئيسيين وظاهرين للعيان: سينما فنية أو سينما للمؤلف، وسينما تجارية الهدف المعلن لأصحابها هو شباك التذاكر”.
ولم ينكر مع ذلك أن هذه الثنائية “لا تطرح مشكلاً”، بما أن المفروض هو تواجد “تنوّع وزخم في كليهما”، لكنه أشار إلى أن “المشكل المطروح هو الدعم الذي تجده أفلام ذات مستوى بدائي بسيط في مقابل التجاهل والإقصاء الذي تعرفه أفلام فنية تتألق في مهرجانات في المغرب وخارجه ولا يقبل الموزعون بتوزيعها في القاعات التجارية”.
وانتقل المتحدث إلى صندوق الدعم، قائلا: “اليوم نستطيع الحديث عن سينما مغربية، لكن من الصعب الحديث عن صناعة سينمائية في غياب منتجين خواص حقيقيين، كون أغلب الشركات المتواجدة هي شركات تنفيذ الإنتاج بأموال صندوق الدعم التابع للدولة، ولو افترضنا أن الدولة سترفع يوما يدها عن الأفلام السينمائية، فلن تظل هناك سينما في البلد”.
وأقرّ واكريم بأن “صندوق التسبيق على المداخيل في صيغته الحالية أصبح يشكل حجرة عثرة للنهوض بأي صناعة سينمائية في المغرب”، إذ إن “الأفلام التي تنال الدعم هي فقط من تقتنى حقوق بثها من طرف الإعلام العمومي”، مضيفا أن “أغلب الأفلام السينمائية الطويلة التي تم إنتاجها بشكل ذاتي، وهي قليلة طبعا بالمقارنة مع الأفلام التي تنال الدعم، يتم منحها دعم ما بعد الإنتاج في أغلب الأحيان”.
وعدّ الفاعل السينمائي الدعم المذكور “شحيحا وغير مشجع، كما ظهر خلال السنوات القليلة الماضية، خصوصا بالنسبة للمنتجين الخواص كي يعيدوا الكرة مرة أخرى بإنتاج أفلام جديدة”، وقال: “هنا يطرح سؤال كبير نفسه، هل الدولة ليست لديها إرادة لنشوء صناعة سينمائية حقيقية وتفضل أن تظلّ هي المنتجة الوحيدة، الأمر الذي يمكّنها من مراقبة القطاع وفرض رقابة غير مباشرة عليه، أم هنالك أسباب أخرى؟”.
وتفاعلاً مع سؤال لجريدة النهار حول فلسفة هذا الدعم أصلاً ومدى ضرورة وجوده اليوم أمام استفادة أسماء بعينها منه بلا “أي جديد”، لم يخف واكريم أن صندوق الدعم السينمائي “بلغ مداه واستنفد نفسه كصيغة”، منوها إلى ما أثارته جريدة النهار في السؤال، وهو أن “العديد من المخرجين يتم دعمهم أكثر من مرة، ولكن يتّضح لاحقاً أن أفلامهم ليست ذات قيمة كبيرة، لا فنيّا ولا تجاريّا”، بتعبيره.
واقترح الناقد السينمائي ذاته “إنشاء صندوق خاص بدعم الأفلام الأولى للشباب حتى نحافظ على دينامية القطاع وحيويته”، معتبرا في سياق متصل أن “صيغة جديدة تعد مفصلية اليوم لنحظى بفلسفة دعم تتقاطع مع الصّيت والسمعة اللتين وصلتهما السينما المغربية بحضور أفلامها في ملتقيات دولية، والتقدير الذي تناله دوليا، إضافة إلى الإلحاح الذي تتطلبه في إنشاء سوق للتوزيع السينمائي بالرفع من عدد القاعات وفتح أبواب جديدة لتوزيع الفيلم المغربي”.
تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News