إسبانيا تشيد بـ”المبادرة الأطلسية” للاستفادة من التقارب المغربي الإفريقي

زيارة مثقلة بالدلالات تلك التي أجراها رئيس الحكومة الإسباني بيدرو سانشيز إلى المغرب، الأربعاء الماضي، إذ تعد أول زيارة له إلى المملكة بعد أن أعيد تعيينه في مهامه للمرة الثانية تواليا؛ ذلك أن آخر زيارة قام بها إلى المغرب بصفته السياسية كانت في فبراير من العام الماضي.

وإلى جانب حزمة الاستثمارات الإسبانية المرتقبة بالمغرب، من بين النقاط المهمة خلال الزيارة تلك المتعلقة بموقف الجارة الإيبيرية من المشروع الملكي الأطلسي، إذ أعرب سانشيز عن إشادته بها وتأكيده على اهتمام بلاده بالمبادرات الإستراتيجية للملك المغربي، خاصة المبادرة التي تهم البلدان الأفريقية المطلة على المحيط الأطلسي.

إعلان إسبانيا تشيد بـ"المبادرة الأطلسية" للاستفادة من التقارب المغربي الإفريقي

وتكون بذلك إسبانيا انضمت إلى نادي الدول التي عبرت عن دعمها للمبادرة التي أعلن عنها العاهل المغربي ضمن خطابه بمناسبة الذكرى 48 للمسيرة الخضراء، الأمر الذي يُفهم منه أن مدريد ترى هذه المبادرة كـ”حل للقضايا التي تعرفها منطقة الساحل الإفريقي ووسيلة لتسريع عجلة التنمية بالدول المعنية بها”.

وتشكل هذه الإشادة كذلك جزءا من الدينامية التي طبعت العلاقات بين الرباط ومدريد خلال السنتين الماضيتين، خصوصا بعد الالتزامات المتبادلة التي تم التعهد بها خلال الإعلان الصادر في أبريل 2022، التي كانت في الأساس بناء على موقف إسباني إيجابي وقتها من الوحدة الترابية للمملكة.

وينظر أكاديميون إلى هذه الإشادة الحديثة على أنها “تعبير عن تأثير الخيارات المغربية في المحيط الإقليمي ككل”، فحسبهم “تنظر إسبانيا إلى هذه المبادرة الملكية بمنطق الربح، على اعتبار أن الأخيرة ستكون بوابة لمعالجة قضايا إقليمية كبرى تضررت منها إسبانيا بالفعل ومازالت”.

في صالح مدريد

محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض، قال إن “إشادة رئيس الحكومة بيدرو سانشيز بالمبادرة الملكية للطريق الأطلسية تنطلق من أبعاد جيو-سياسية، على اعتبار أن هذه المبادرة التي كشف عنها الملك محمد السادس تروم تمكين دول الساحل من الاستفادة من المحيط الأطلسي، ما سيمكن من الرفع من مؤشرات النمو بالمنطقة”.

وأضاف الغالي، في تصريح لجريدة جريدة النهار الإلكترونية، أن “المبادرة الملكية ستساعد الدول المعنية بها على الانتقال إلى جيل جديد من خلق الثروة وإيجاد فرص الشغل ورفاهية المواطنين الأفارقة، الأمر الذي سيساهم في التحكم في مجموعة من المشاكل الإستراتيجية التي تعاني منها كذلك الدول الأوروبية، بما فيها إسبانيا، في ما يخص الهجرة على سبيل المثال والإرهاب والاتجار بالبشر”.

واعتبر الأكاديمي ذاته أن “الإشادة الإسبانية بالمشروع الملكي تأتي نظرا لكون مدريد معنية بالأوضاع والملفات التي جاء هذا المشروع لمعالجتها، في وقت يبقى واهما من يعتقد أن التحكم في هذه المخاطر يمكن أن يتم فقط من خلال اتفاقيات جد محدودة، على اعتبار أن مكافحتها رهين بمثل هذا النوع من المبادرات ذات الطابع الإستراتيجي، والهادفة إلى تمكين دول إفريقيا من ممرات تساعدها على تيسير حركية الأشخاص ورؤوس الأموال، ومنه تحقيق التنمية”.

منطق الربح

خالد الشيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، أفاد بأن “المستجد الأساسي في ما يخص زيارة سانشيز إلى المملكة هو الذي يتعلق بتفاعل الأخير مع المبادرات المغربية تجاه إفريقيا، بما فيها المبادرة الملكية الأطلسية التي كشف عنها الملك محمد السادس قبل مدة”.

وأكد الشيات، في تصريح لجريدة جريدة النهار الإلكترونية، أن “الإشادة بالمشروع تأتي نظير رغبة مدريد في الاستفادة من التفاعل الاقتصادي المغربي مع القارة الإفريقية، إلى جانب الإمكانات الضخمة التي سيوفرها تحقيق التنمية بالقارة؛ فضلا عن محاولة الاستفادة من التقارب المغربي الإفريقي ونسج سياسة مندمجة مع المغرب في تصوراته الكبرى على مستوى الساحل والصحراء”.

وأوضح الأستاذ الجامعي نفسه أن “المغرب لديه مجموعة من المشاريع بغرب إفريقيا، منها المشروع الاقتصادي الكبير الخاص بجلب الغاز من نيجيريا، إلى جانب المبادرة الأطلسية الأخيرة، فالمملكة وضعت في هذه المبادرة إمكاناتها وخبراتها ودفعت من خلالها الدول الإفريقية إلى الاستفادة من الانفتاح على الساحل”، مسجلا كونها “مبادرة يمكن مقارنتها مع تصورات وخطط جيو-سياسية كبرى لقوى عالمية”.

تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى