“جيتكس 2025” يرسُم مستقبل التكنولوجيا الإفريقية.. دورة تَفِي بالوعود

أكثر من 1400 عارض تكنولوجي ومؤسساتي من 130 دولة، وأزيد من 880 شركة ناشئة، منها مغربية، جاءت لتبصم على حضورها وتتقاسم أحدث ابتكاراتها وتكنولوجياتها في مراكش، التي صارت طيلة ثلاثة أيام (14–16 أبريل) “عاصمة تحتضن مستقبل التكنولوجيا الإفريقية”.

وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، بشراكة مع وكالة التنمية الرقمية، وشركة “كون إنترناشيونال” (منظم معارض جيتكس عبر العالم)، تقف وراء قصة نجاح الحدث القاري الرائد، الذي كرّس نفسه دورةً بعد دورة موعدا سنوياً جامعاً لعمالقة التكنولوجيا العالمية مع صناع القرار ومسؤولين ومحتضني مشاريع، فضلا عن عموم الزوار من مختلف دول القارة الإفريقية والعالم، موفراً لهم فرصة مهمة للصفقات والاتفاقيات وتبادل الخبرات.

إعلان "جيتكس 2025" يرسُم مستقبل التكنولوجيا الإفريقية.. دورة تَفِي بالوعود

بعد ثلاثة أيام من الفعاليات المتميزة وجلسات النقاش والحوار، التي عملت على تقريب مجتمع التكنولوجيا العالمي وترابُط الجهود العالمية نحو صياغة مستقبل الاقتصاد القائم على تطورات الذكاء الاصطناعي والرقميات في إفريقيا، يُنتظر أن يحقق المعرض التكنولوجي الأضخم قارياً أكثر من 45 ألف زائر؛ فيما حاضرَ في أروقته أكثر من 600 متحدث وخبير.

طموحٌ واضح حدده المنظمون، ولاسيما وكالة التنمية الرقمية، بتحقيق “مشاركة قياسية” في ثالث دورات “جيتكس الإفريقي” لأكثر من 1450 عارضًا، من دول إفريقية جديدة أبرزُها الغابون والنيجر وزامبيا، إلى جانب حضور بارز بصمتْ عليه دول أوروبية وآسيوية؛ مثل بلجيكا وسويسرا وأوزبكستان.

وفاء بالوعد

بعد نهاية النسخة الثالثة لسنة 2025 تبين أن الحدث القاري الأبرز للابتكار والذكاء الاصطناعي وريادة الأعمال الرقمية أوفى بوعده بتوفير المنصة المثالية لبناء علاقات وشراكات جديدة، وتفعيل الخطط المستقبلية، وإطلاق الحلول المبتكرة وإقامة تحالفات وشراكات عبر القارة.

ويخطو معرض جيتكس إفريقيا المغرب 2025 نحو حصد إشادة جديدة واسعة؛ بينما بدا الحاضرون من 130 دولة مُستحسِنين مستوى النجاح والنضج الملموس الذي تحقق طيلة أيام الحدث.

وإلى جانب العروض المتميزة والمعارض الموضوعاتية لفت “جيتكس مراكش 2025” انتباه المهنيين والفاعلين والزوار إلى أجندة أكثر تنوعاً وطموحاً، في محاولة من القائمين عليه لأجل “تجاوز المحاور التقليدية للذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والاتصالات، لتشمل ميادين إستراتيجية واعدة؛ مثل التحول الطاقي، والتنقل الذكي، وتكنولوجيا التعليم، وتكنولوجيا الرياضة، فضلا عن الزراعة الذكية”.

وبسلسلة موسعة من الكلمات الرئيسية والحوارات والجلسات النقاشية، للحديث عن آفاق التكنولوجيا الجديدة، تمحورت أيام الموعد الثلاثة حول موضوعات مختلفة ضمن فعاليات مركّزة لكل يوم، مع مشاركة إفريقية لا تخطئها عيون الزائرين، لتعكس المكانة البارزة لهذا الحدث الهام بالنسبة للفاعلين في مجال التكنولوجيا والابتكار في قارة تتلمّس طريقها نحو الريادة العالمية.

الحدث الذي يعد محركا حقيقيا لنمو الاقتصاد الرقمي صار بمثابة واجهة فريدة للمقاولات الناشئة ورجال الأعمال والمؤسسات في القارة، مُقوّياً روابط التواصل والتعاون وولوجِ أسواق جديدة، بكل ما يعنيه ذلك من دلالات تعزيز مكانة المغرب خاصة، وإفريقيا عامة، في المنظومة التكنولوجية العالمية.

البحث عن فرص

عرف الموعد مشاركة نحو 650 فاعلا حكوميا من دول متعددة وأكثر من 350 مستثمرا قدِمُوا إلى مراكش للبحث عن مشاريع تكنولوجية جديدة قصد دعمها أو تقوية روابط التشبيك من أجل فرص احتضان ممكنة.

مئات من مجتمع الشركات الناشئة المغربية كانت حاضرة في جيتيكس إفريقيا؛ فيما تفيد المعطيات الرسمية بأن 200 شركة ناشئة مغربية استفادت من برنامج “MOROCCO 200” بدعم من الحكومة ووكالة التنمية الرقمية، للتكفل بـ95 بالمائة من مصاريف مشاركتها في المعرض.

وبعد بلوغه مستوى كافياً من النضج في مجال ريادة الأعمال الرقمية فإن المعرض صار قِبلةً لجلب المستثمرين الأجانب؛ باستحضار أن 84 من الشركات العارضة في آخر نسخة عبّرت عن رغبتها في دخول المغرب والسوق الإفريقية؛ في وقت تسارعت دينامية شركات ناشئة مغربية وجدت مستثمرين ومحتضنينَ لمشاريعها.

وتسعى المملكة المغربية ليس فقط إلى استعراض مستجدات وصيحات الحلول الرقمية المتوصل إليها، بل إلى تبادل الخبرات والاستفادة من استشارة وتجارب أكثر من 600 خبير متعدد التخصصات شاركوا في “جيتكس إفريقيا 2025”.

“أكثر من مجرد معرض!”

في عالم يشهد تحولات رقمية متسارعة فالمعارض التكنولوجية لم تعُد مجرد فضاءات للعرض، بل أصبحت منصات إستراتيجية لإبراز الإمكانات والقدرات الكامنة. من هذا المنطلق يكرّس معرض جيتكس إفريقيا، المنظم للسنة توالياً بالمغرب، فكرةً واضحة مفادها أن القارة الإفريقية لم تعد فقط مستورِدةً للتكنولوجيا، بل قادرة على إنتاج الحلول الرقمية وتصديرها إلى العالم.

القائمون على “جيتكس إفريقيا” لا ينظرون إليه كمجرد تظاهرة تجارية أو تقنية، بل كفرصة حقيقية لتسليط الضوء على ما تزخر به إفريقيا، والمغرب على وجه الخصوص، من طاقات شابة ومقاولات ناشئة ومشاريع ابتكارية رائدة؛ إنه حدث يسعى إلى تغيير النظرة النمطية حول القارة، وتقديمها كفاعل رقمي صاعد، يساهم في صياغة المستقبل التكنولوجي العالمي.

من مستهلك إلى فاعل

إن تنظيم حدث بهذا الحجم داخل بلد إفريقي له دلالات عميقة، فهو مرآةُ عاكسة لتوفُّر البنية التحتية، والمناخ الاستثماري، والإرادة السياسية لدعم الابتكار؛ كما يمنح الشركات الإفريقية منصة للتواصل مع نظرائها الدوليين، ولعرض حلولها الذكية التي تنبع من واقعها، وتخدم احتياجاتها المحلية، بل وتقدم أجوبة عن تحديات عالمية.

ويتعلق الأمر بتحول جوهري في دور المغرب وإفريقيا؛ مِن مستهلكٍ طالب الحلول، إلى فاعل يصنعُها ويُسوّقها، بل وينافس بها في أكبر المحافل.

زر الذهاب إلى الأعلى