خبراء اقتصاديون يتوقعون تثبيت “بنك المغرب” لسعر الفائدة الرئيسي

في أول اجتماعاته المرتقبة هذه السنة، يتطلع مجتمع المستثمرين والمؤسسات البنكية إلى الاجتماع الفصلي الأول لمجلس بنك المغرب، المقرر عقده يوم 18 مارس الجاري (الأسبوع المقبل)؛ حيث من المقرر أن يحسم البنك المركزي في قرار “خفض” أو “تثبيت/إبقاء” سعر الفائدة الرئيسي، المطبق بنسبة 2,50 في المائة منذ نهاية العام 2024.

وبينما توقعت تقارير دولية، منها أحدث تحليلات مؤسسة “فيتش سولوشنز”، أن يستمر بنك المغرب خلال العام الجاري في نهج “السياسة النقدية التيسيرية” لدعم دينامية تسارع النمو ومواكبة الظرفية الاقتصادية دوليا ووطنيا، تتأرجح آراء محللين ماليين واقتصاديين استطلعت جريدة النهار آراءهم بين تحقق سيناريو الخفض أو الاستقرار عند تثبيت المعدل الحالي لسعر الفائدة الرئيسي.

إعلان خبراء اقتصاديون يتوقعون تثبيت "بنك المغرب" لسعر الفائدة الرئيسي

وكان مجلس البنك قد ختم آخر فصول السنة المالية 2024 بقراره “خفض سعر الفائدة الرئيسي بواقع 25 نقطة أساس إلى 2,50 في المائة”؛ غير أنه أكد بالمقابل، حينها، “مواصلة تتبع تطور الظرفية الاقتصادية عن كثب، كما سيبني قراراته خلال كل اجتماع على أحدَثِ المعطيات المحينة”؛ إذ استجدت معه عدد من المعطيات بين أواخر شهر دجنبر الماضي ومارس الحالي أبرزها عودة ترامب بقرارات اقتصادية وجمركية مثيرة للجدل، فضلا عن وقف إطلاق النار في غزة، أيضا تساقطات مطرية وثلجية زادت غزارتُها مع بداية شهر مارس، بما قد يساهم في رفع القيمة المضافة الفلاحية لهذا الموسم.

التثبيت.. “السيناريو الأقرب”

المهدي فروحي، أستاذ جامعي بكلية الاقتصاد والتدبير بالقنيطرة، قال إن هناك “سيناريوهين للقرار المرتقب اتخاذه من لدن مجلس بنك المغرب، في اجتماع 18 مارس”، موضحا أن “الأول والأكثر احتمالا هو الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي عند 2,50 في المائة نظرا للضغوط التضخمية التي أبرزتها الأرقام الأخيرة للمندوبية السامية للتخطيط؛ فقد سجل مؤشر أسعار المستهلك (IPC) ارتفاعا بنسبة 3.3 في المائة ما بين يناير 2024 ويناير 2025 و1.6 في المائة بين دجنبر 2024 ويناير 2025، مما يشير إلى تجدد الضغوط التضخمية”.

وزاد فروحي شارحا: “على الرغم من أن التضخم لا يزال ضمن نطاق يمكن التحكم فيه، فإن أي تخفيض إضافي لسعر الفائدة قد يؤدي إلى تفاقم هذه الضغوط ويزيد من اختلال التوازن الاقتصادي”.

وأضاف الأستاذ الجامعي، من ناحية أخرى، مصرحا لجريدة جريدة النهار، بالاستدلال ببيانات بنك المغرب (يناير 2025) حول المعروض النقدي؛ مسجلا تباطؤ نمو الودائع تحت الطلب إلى 10.3 في المائة، وتباطؤ نمو حسابات التوفير إلى 2,50 في المائة؛ وهو ما يعكس سلوكا أكثر حذرا من قبل المستثمرين. كما يمكن تفسير هذا التباطؤ بتحول السيولة نحو بورصة الدار البيضاء التي تشهد تطورات مهمة في الأشهر الأخيرة.

ولفت المتحدث عينه محللا دواعي القرار المرتقب إلى أن “أمطار الخير الأخيرة سيكون لها حتما تأثير إيجابي على القطاع الفلاحي والنمو الاقتصادي، مما يقلل من الحاجة إلى مزيد من التيسير النقدي”، مبرزا أن “التطورات الاقتصادية والتجارية العالمية، خاصة السياسات الجديدة للإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس ترامب، قد تلعب دورا في قرار بنك المغرب”.

وفي هذا الصدد، أبرز فروحي أن “السياسات الحمائية الأمريكية (مثل فرض رسوم جمركية إضافية) قد تؤدي إلى تباطؤ التجارة العالمية واضطراب الأسواق المالية. وإذا استمرت هذه السياسات، فقد ترتفع تكاليف الاستيراد، مما يزيد من الضغوط التضخمية في المغرب، ويجعل بنك المغرب أكثر تحفظا تجاه خفض الفائدة”. كما تبرز “حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية التي قد تؤثر على تدفقات الاستثمار الأجنبي؛ مما يستدعي نهجا حذِرا من طرف بنك المغرب”.

وخلص الأستاذ الجامعي إلى أن “الإبقاء على سعر فائدة كما هو عليه هو القرار المرجح لتجنب زيادة التضخم والحفاظ على استقرار النظام المالي”.

أما بالنسبة للسيناريو الثاني، والذي أكد المحلل ذاته أنه “أقل ترجيحا، فهو تخفيض سعر الفائدة الرئيسي. ففي ظل خفض البنك المركزي الأوروبي (BCE) لسعر الفائدة بمقدار 0.25 في المائة، فقد يفكر البنك المركزي المغربي في اتخاذ خطوة مماثلة لدعم الاستثمار والاستهلاك. كما أن تباطؤ نمو الودائع وحسابات التوفير قد يبرر هذا التوجه لتعزيز السيولة داخل الاقتصاد. علاوة على ذلك، يمكن أن يساعد تخفيض سعر الفائدة في تشجيع الإقراض ودعم النمو الاقتصادي، خاصة إذا كان للأمطار الأخيرة تأثير إيجابي على الإنتاج الفلاحي”.

عوامل مرجحة

من جانبه، رجح عبد الرزاق الهيري، المحلل الاقتصادي والأكاديمي بجامعة فاس، سيناريو الإبقاء على السعر الحالي عند مستواه، مبرزا أنه “في ظل سياق اقتصادي يتسم باللايقين الجيوسياسي، وكذلك بنسبة تضخم تبقى مرتفعة، خصوصا بالنسبة لأثمنة المواد الغذائية والفلاحية، حسب نشرات المندوبية السامية للتخطيط؛ فمِن المحتمل جدا أن يثبت البنك المركزي المغربي المستوى الحالي لسعر الفائدة الرئيسي (2,5 في المائة).

وتابع الهيري، في تصريح لجريدة جريدة النهار الإلكترونية، أن “سعر الفائدة في المغرب يتساوى حاليا مع سعر الفائدة للبنك المركزي الأوروبي بعد تخفيضه خلال مارس 2025″، وباستحضار أن الاتحاد الأوروبي يعد الشريك الاقتصادي الأول للمغرب.

كما لفت مدير مختبر التوقعات الاقتصادية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله إلى أن “آفاق نمو الاقتصاد الوطني” تبدو إيجابية بفضل “التساقطات المطرية الأخيرة التي قد تساهم في تحسين القيمة المضافة للقطاع الفلاحي المتضرر من الجفاف وقدرة الاقتصاد على خلق وظائف”، خاصة أن ضعف النمو ارتبط في السنين الماضية بتذبذب القيمة المضافة الفلاحية.

وبخصوص الظرفية الدولية، سجل الهيري أن “السياسة الأمريكية تحت إدارة ترامب تتجه نحو الحمائية لدعم الاقتصاد الأمريكي الداخلي؛ ما قد يؤثر على أسعار المواد والمنتجات عالميا ويزيد من التضخم”، مردفا: “هناك تداخل كبير بين الاقتصادات بسبب العولمة والاستثمارات الأجنبية… وهو ما لن يغيب عن أنظار اجتماع مجلس البنك المركزي المغربي بنهاية الفصل الأول 2025”.

زر الذهاب إلى الأعلى