
اختيار المغرب ضيف شرف معرضين بباريس يجسد تقدير فرنسا للمملكة
أكد باحثون في العلاقات الدولية أن “دعوة المغرب كضيف شرف في معرض الفلاحة الدولي المرموق في باريس لأول مرة، وحلوله ضيف شرف بمهرجان الكتاب بالعاصمة الفرنسية، يكشفان مدى التقدير الذي تكنه الجمهورية الفرنسية تجاه المملكة المغربية”، معتبرين أن “هذه الدينامية تمنح دفعة مهمة للغاية لفائدة تطوير العلاقات على جميع المستويات، منها السياسي والثقافي والاقتصادي”.
الباحثون الذين تحدثوا لجريدة النهار شددوا على أن “المملكة، كأي دولة أخرى، ستعتبر هذه الاستضافات بمثابة قوة ناعمة تمنح المغرب وقضاياه المزيد من الإشعاع”، مبرزين أن “ثقل البلد الشمال إفريقي صار ينال ترويجا دوليّا، وهذا يساعد في التسويق أكثر للكثير من المنتجات الوطنية في هذه الملتقيات التي تعرف حضورا دوليّا لافتا، والاستفادة من تجارب دولية لا يستهان بها”.
حضور مغربي قوي
عباس الوردي، جامعي باحث في العلاقات الدولية، قال إن “اختيار المغرب ضيف شرف في فعاليتين بهذه الأهمية يكشف القيمة الاعتبارية والبنيوية التي تحظى بها المملكة المغربية لدى شريك تقليدي من عيار الجمهورية الفرنسية”، مشددا على أن “التقارب المغربي الفرنسي يمنح اليوم أكثر من إشارة على تماسك العلاقات البينية ومتانتها والرغبة المتبادلة في تعزيز الرؤى الاستراتيجية المشتركة”.
الوردي وضّح لجريدة جريدة النهار الإلكترونية أن “الملك محمدا السادس أطر خلال زيارة الدولة التي أجراها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سابقا إلى الرباط، مبادئ التعاون في مجموعة من القضايا المحورية متعددة المشارب”، وزاد: “الآن نحصد ثمار تلك التعهدات على أساس بنيوي وكذلك مؤسساتي، وهنا نستحضر الزيارة التي أجرتها وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي إلى المملكة”.
كما أورد المتحدث عينه أن “هذا التوجه يعدّ بداية مشرفة تستأنف تاريخا طويلا من العلاقات المغربية الفرنسية”، مبرزا أن “هذا الامتداد يسانده الحضور الثقافي والبنيوي والمؤسساتي في تأطير هذه العلاقات وخلق بنية ثنائية متينة قائمة على تحديد الأولويات، وكذلك وضع خطة استراتيجية قويمة عنوانها تداول القضايا المشتركة على طاولة النقاش بين الفرقاء الفرنسيين وكذلك المغاربة”.
وأكد الباحث ذاته أن “هذه المعارض المهمة التي تحتضنها الجمهورية الفرنسية تمكّن من تداول مواطن التعاون أمام مرأى ومسمع مجموعة من البنى الدولية التي كانت بطبيعة الحال تشكك في متانة العلاقة في ظل الأزمة التي مرت بها العلاقات بين البلدين في مرحلة معينة”، وقال: “اليوم هذا التعاون يمنح الكثير من الدروس بأن التقارب لا يمكن أن يكون مبنيا إلا على أساس الربح المشترك والثقة والاحترام”.
دينامية واضحة
لحسن أقرطيط، باحث في العلاقات الدولية، قال إن “مشاركة المغرب في هذه الملتقيات الكبرى في فرنسا بمثابة نتاج لإعادة تموضع الأخيرة بخصوص النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية ودعمها الصريح والواضح لسيادة المملكة المغربية على الصحراء”، مشيرا إلى أن “هذه المشاركة تأتي ضمن الدفعة التي أعطيت للعلاقات البينية وستؤثّر على كل مجالات التعاون”.
وأضاف أقرطيط، في تصريح لجريدة النهار، أن ضمن هذه المجالات “يوجد الشقّ الاقتصادي أو السياسي أو الثقافي أو الفكري، وبالتالي هذه المشاركة تنضاف للخطوات التي جاءت بعد موقف فرنسا”، مؤكدا أن هذه الدينامية التي تكشف التقدير الموجود للمملكة لدى دولة ذات ثقل وعريقة مثل فرنسا، “سيكون لها تأثير على الشراكة المغربية الفرنسية، بما أنه لا مناص من التعاون المشترك”.
وتابع شارحا: “نحن نشهد خلال الأشهر الأخيرة دفقة قوية في زيارات مسؤولين رفيعي المستوى في الهيئة الحكومية والدبلوماسية الفرنسية لإلى امناطق الجنوبية المغربية”، معتبرا أن “كل هذه التحركات واستضافة المغرب كضيف شرف في مهرجانين دفعة واحدة، مهمة للغاية لتطوير العلاقات على جميع المستويات ضمن مسار متفرد يجمع باريس بالرباط في الشهور الأخيرة”.