تقرير: مبادرات المغرب للزراعة التجديدية تدعم آلاف المزارعين الأفارقة
عدد تقرير حديث أوجه ريادة المغرب إفريقيا في الزراعة التجديدية التي تساهم في رفع المحاصيل مع الحفاظ على الموارد المائية وجودة التربة وتقليل الانبعاثات الغازية، مشيدا بسيره نحو توسيع استخدام تقنية الزرع بدون حرث التي باتت سائدة بأكثر من 30 ألف هكتار بالمملكة، وبسعيه نحو إلحاق دول إفريقية عديدة بركب الزراعة التجديدية، من خلال مبادرات عدة أهمها إمداد هذه الدول بأسمدة تناسب تربتها، ودعم أكثر من 400 ألف فلاح إفريقي بالخبرات والتكوينات.
وكشف تقرير “المغرب كقوة دافعة للزراعة التجديدية في إفريقيا”، نشره حديثا مركز الدراسات الإفريقية بجامعة نانيانغ التكنولوجية بسنغفاورة، أنه في ظل رغبة دول القارة في خوض غمار تجربة الزراعة التجديدية، مع زيادة حجم المحاصيل، ورغم “صعوبة” إشراك الفلاحين الأفارقة في هذه التجربة، “أنشأ المغرب شركات لحلول الزراعة التجديدية تعتمد على تقليل الكربون وتحقيق عوائد مالية من خلال اعتمادات الكربون، وهي حلول مصممة خصيصا لتلبية احتياجات الزراعة الإفريقية”.
وأوضح التقرير، الذي أعده الباحث في المعهد الأستاذ في جامعة نافارا بإسبانيا، مايكل تانشوم، واطلعت عليه جريدة النهار الإلكترونية، أن النجاح الذي بصمت عليه الشركات المغربية في نشر ثقافة الزراعة التجديدية بإفريقيا، “بدأ مع الفلاحين المغاربة أنفسهم، حيث يمتلك 71% من هؤلاء مساحة تقل عن 5 هكتارات”.
وذكر المصدر نفسه أن تركيز المملكة الأساسي في ميدان الزراعة التجديدية/المتجددة، انصب على تعميم ممارسة “الزراعة بدون حرث” (الزرع المباشر) على نطاق واسع، مبرزا أن “شركة المثمر المغربية تلعب دورا محوريا في دعم جهود الحكومة لتطوير الزراعة بدون حرث في جميع أنحاء البلاد؛ إذ تتولى تقديم خدمات الإرشاد الزراعي للفلاحين”.
في هذا الصدد، شرح التقرير أن المغرب يتبع، من خلال الشركة المذكورة، “نظام إنتاج زراعي يتم فيه البذر بدون حرث مسبق للحفاظ على الحياة الميكروبية في التربة وحماية مخزونها المائي”، مؤكدا أن “هذا النظام يقلل بشكل كبير من مستويات ثاني أكسيد الكربون التي كانت ستطلق لو تم استخدام الحرث التقليدي”.
وأوضح المصدر نفسه أن برامج هذه الشركة تهم 23 إقليما مغربيا، و”استفاد منها أكثر من 4 آلاف مزارع، فيما ساهمت في تحويل أكثر من 32710 هكتارات-معظمها من الحبوب والقطاني-إلى الزراعة بدون حرث (المباشرة)”، مستحضرا أن منصات “المثمر” تكشف عن “ارتفاع متوسط غلة المحاصيل بنسبة 30% في الزراعة بدون حرث مقارنة بالحرث التقليدي، وبتكلفة أقل”.
على صعيد متصل، بسط التقرير تجليات الانخراط المغربي في دعم انتقال المزارعين الأفارقة جنوب الصحراء نحو الزراعة التجديدية، مذكرا بإطلاق فرع مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط “OCP Africa”، سنة 2018، برنامج “Agri Booster” لتزويد الفلاحين الأفارقة بـ”حلول شاملة ومتخصصة من البداية إلى النهاية” لزيادة غلاتهم ودخولهم وسبل عيشهم على المدى الطويل.
وفضلا عن التكوين والتدريب، فإن البرنامج، وفقا للمصدر نفسه، يشتغل على تسهيل علاقات الفلاحين الأفارقة بموردي المدخلات والبنوك ومتدخلين عدة في الاستثمار الفلاحي، وذلك في أكبر أربع اقتصاديات في غرب إفريقيا، أي نيجيريا وغانا وساحل العاج والسنغال، كاشفا أن ما يصل إلى “630 ألف مزارع استفادوا من البرنامج خلال السنوات الخمس الأولى من تشغيله”.
وبخصوص نتائج البرنامج، ذكر الباحث أنه “أدى إلى زيادة بنسبة 48% في إنتاج الذرة في نيجيريا، وزيادة بنسبة 63% في إنتاج الدخن في السنغال، وزيادات مماثلة في الغلة عبر مجالات عدة”.
بالموازاة مع ذلك، استفاد أكثر من 420 ألف فلاح بتسع دول على الأقل في غرب وشرق إفريقيا، وعلى مدار سنوات عدة، من خدمات الدعم والتقنيات المقدمة من طرف المختبرات التابعة للمكتب الشريف للفوسفاط، وفقا للتقرير ذاته.
كما تطرق مايكل تانشوم إلى اشتغال شركة “OCP Africa” على تطوير أسمدة محلية تناسب تربة كل دولة إفريقية، شارحا أنه بعد اكتشافها أن “نقص الكبريت في التربة كان عائقا أمام نمو المحاصيل في إثيوبيا”، وإنتاجها “صيغ الأسمدة NPS وNPS+ المصممة خصيصا لإنتاج القمح والذرة والتف في هذا البلد الإفريقي، ساهمت (الشركة) في زيادة حجم الغلات بنسبة تصل إلى 37 في المئة”.
وبعد أن استعرض جهود شركات آسيوية بدورها في دعم الزراعة التجديدية بالقارة السمراء، خلص الباحث إلى أن “الوقت الحالي مناسب بالنسبة للمقاولات الفلاحية الآسيوية الناشطة بإفريقيا للتعاون مع نظيرتها المغربية التابعة للمكتب الشريف للفوسفاط في هذا الميدان”، مؤكدا أنه “يمكن تسويق التقنيات الناجحة التي يتم تطويرها بإفريقيا إلى الزراعات المناسبة في آسيا، والعكس صحيح”.
وشدد مايكل تانشوم على أن “التعاون بين شركات الحلول المستدامة المغربية الناشطة في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وسيلة فعالة لتعزيز التعاون الإفريقي-الآسيوي في مجال الزراعة التجديدية لتحقيق منفعة متبادلة”.
تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News