دراسة توصي بإصلاح قانوني لمكافحة تعنيف النساء في القطاع السينمائي

كشفت نتائج دراسة استطلاعية أنجزتها “جمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الإنسان” أن العنف ضد المرأة يشكل جزءًا من الحياة اليومية للمهنيات في قطاع السينما بالمغرب، مشيرة إلى أن حوالي 80 في المائة من المشاركين في هذه الدراسة تعرضوا أو شهدوا حالة على الأقل من العنف القائم على النوع الاجتماعي خلال حياتهم المهنية.

وأشارت الدراسة إلى أن “العنف النفسي يعد سائدًا على اعتبار أنه يستمر زمنياً، ويترك آثاراً أكبر على الضحايا… وحسب المستجوبين والمستجوبات، فإن تفشي العنف النفسي يرجع لصعوبة إثبات وقوعه والذرائع والأسباب التي يدفع بها مرتكبو هذا العنف لتبريره”، مضيفة أن “أشكال العنف الاقتصادي تحتل المرتبة الثانية، وتتعلق بممارسات شائعة يمارسها الرؤساء التراتبيون الذين لا يتحلون بالشفافية أثناء تحديد المهام، ويقترحون عقوداً تخدم مصالحهم بشكل أساسي وتستغل الوضعية الهشة للعاملات في المجال التقني والمكلفات بالإنتاج”.

إعلان دراسة توصي بإصلاح قانوني لمكافحة تعنيف النساء في القطاع السينمائي

وبالنسبة للعنف الجنسي، أكدت الدراسة أن “الممثلات وصفن هذا النوع من العنف كشكل رئيسي من أشكال العنف، حيث تُعتبر الممثلات، بالخصوص الأصغر سناً، أكثر عرضة للابتزاز الجنسي، أو التلميحات ذات الطابع الجنسي أو الملامسات الجنسية. علماً أنه يتعين توخي الحذر بخصوص انتشار العنف الجنسي الذي يحدث في صمت تام من قبل الضحايا”.

واعتبرت دراسة “جمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الإنسان” أن “العنف القائم على النوع الاجتماعي يقع في غالب الأحيان نتيجة ضعف الإطار المهني الذي يخلق بيئة مواتية لوقوع كافة أشكال العنف ضد المرأة، ومن بينها ضعف مستوى تسيير ديناميات الفريق، في ظل وجود فرق غير متجانسة في أغلب الأحيان، وخاصة خلال التصوير حيث ترتبط كل المهن ببعضها البعض أو عدم التقدير المضبوط للموارد اللازمة للإنتاج الذي يؤثر بشكل مباشر على التزامات الإنتاج تجاه الفرق وخاصة النساء”.

وأشارت إلى “وقوع أغلب حالات العنف في بداية المسار المهني للضحايا بسبب ضعف التحسيس بالظاهرة، وجهل الضحايا بحقوقهن واضطرارهن إلى الاستمرار في محيط مهني يشهد وقوع العنف القائم على النوع إذا ما كن يطمحن لمواصلة مسارهن المهني”، معتبرة أن “الجوانب المرتبطة بالمحيط المهني في قطاع السينما، بما في ذلك ظروف العمل، مستوى التنسيق بين مختلف الشعب وضعف التخطيط المالي، تساهم في ظهور كافة أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي”.

وتابعت بأنه “في ظل غياب مدونة سلوك تبسط القيم والمبادئ الأساسية للعمل داخل الهياكل المرتبطة بقطاع السينما، فإن آلية الانتصاف الداخلي تواجه عدة عقبات، تتمثل في عدم تعامل رؤساء الشعب بجدية مع شكاوى الضحايا، ووجود ثقافة تتسامح وتستخف بجميع أشكال العنف، خاصة تلك التي تقوم على العنف القائم على النوع بحجج يختلقها مرتكبو العنف”.

ولفتت الوثيقة ذاتها إلى “وجود عقبات أخرى ترتبط بضعف تحسيس مهنيات قطاع السينما بالعنف القائم على النوع الاجتماعي، إلى جانب عدم الوعي بحقوقهن وإجراءات الانتصاف الداخلية والخارجية، فضلاً عن ضعف التضامن بين زملاء العمل، إلى جانب التخوف من انتقام مرتكبي العنف، الذي تعززه حقيقة سيطرة الرجال على القطاع الذين إما يشتركون في الممارسات نفسها أو يعبرون عن اللامبالاة تجاهها”.

وسجلت وجود عقبات لا تشجع على التبليغ عن العنف القائم على النوع الاجتماعي، إذ أبرزت أن “المركز السينمائي المغربي ووزارة الثقافة يتفاعلان بشكل كبير مع الشكاوى المقدمة المتعلقة بالعنف القائم على النوع؛ غير أن دورهما يقتصر على الوساطة، وفقاً للأشخاص الذين تمت مقابلتهم، كما أن غياب عقود عمل تحمل مواد موحدة لا يشجع ضحايا العنف على التبليغ”، لافتة أيضاً إلى ضعف تقدير النساء المهنيات في القطاع السينمائي في التصور الاجتماعي والمخيال الجماعي للمغاربة.

وأوصت الدراسة بـ”اتخاذ إصلاحات قانونية من أجل وضع قواعد مهنية لمكافحة كافة أشكال التمييز والعنف القائم على النوع، وكذلك لضمان احترام ظروف عمل المهنيات في قطاع السينما وفقاً لقانون الشغل ودفاتر التحملات المبرمة مع الجهات الوصية”، إضافة إلى “إدراج وحدات التكوين المتعلقة بحقوق المرأة بشكل منهجي، خاصة ما يتعلق بالوقاية والحماية من جميع أشكال العنف القائم على النوع على مستوى المدارس ومؤسسات تكوين مهنيات ومهنيي القطاع السينمائي”.

كما أوصى المصدر ذاته بتنظيم حملات تحسيسية لفائدة النساء المهنيات في قطاع السينما، مشدداً في هذا الإطار على أهمية انخراط المؤسسات الوطنية والمجتمع المدني في هذا المستوى، داعياً في الوقت ذاته إلى فتح نقاش عمومي حول مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي في القطاع السينمائي على هامش انعقاد المهرجانات الوطنية والدولية.

تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى