تقرير يرصد تحديات “الفواتير الإلكترونية” في ضبط التلاعبات الضريبية
كشفت معطيات جديدة عن مستجدات تفعيل مشروع “الفواتير الإلكترونية” بالمغرب، الآلية التي جاءت في القانوني المالي لسنة 2018 وما زالت تنتظر نصوصا تطبيقية وفترة انتقالية خاصة، مشيرة إلى أن المديرية العامة للضرائب اختارت نظام “Clearance” كجزء من إصلاح الفوترة الجديدة، حيث يفرض التحقق من كل فاتورة من قبل الإدارة الضريبية قبل إرسالها إلى الزبون.
وسيشكل هذا النظام، حسب تقرير تحليلي صدر عن مكتب الخبرة المحاسبية “أندرسن” (Andersen)، خطوة مهمة في التحول الرقمي والضريبي للمملكة، حيث يهدف إلى تحديث الممارسات الإدارية، وتعزيز الشفافية الضريبية، وتقوية مكافحة الاحتيال، مبرزا أن “الفواتير الإلكترونية” هي عملية إصدار ونقل، وتخزين الفواتير في صيغة إلكترونية منظمة، تضمن سلامة البيانات، مما يميزها عن الصيغ الورقية أو ملفات الـPDF غير المنظمة.
وستطبق “الفواتير الإلكترونية” على دافعي الضرائب الخاضعين للضريبة على الشركات وضريبة الدخل للمهن الحرة والضريبة على القيمة المضافة. ويظل الهدف الأساسي من هذه الآلية هو تبسيط العمليات الضريبية، وتعزيز رقابة الإدارة على التدفقات المالية.
ويقدم النظام المذكور، الذي اختارته إدارة الضرائب، مجموعة من المزايا تتوزع بين التحكم في الوقت الفعلي، حيث يتيح للإدارة رؤية فورية للمعاملات، وكذا تقليل فرص الاحتيال، باعتبار أن التحقق المسبق سيمنع أي تزوير أو تعديل للفواتير، إضافة إلى ضمان المصداقية من خلال تعزيز الإرسال المباشر للإدارة الثقة بين الأطراف.
تجارب دولية
أوضح التقرير، المنجز من قبل الخبيرين مهدي العطار ومنار فريدك، أن المديرية العامة للضرائب كانت أمام اختيارين، قبل أن تستقر على نظام “Clearance”، مبرزا أن نظام “Post Audit” يسمح، بخلاف سابقه، بتبادل الفواتير مباشرة بين الشركات، مع مراجعة لاحقة من الإدارة، مؤكدا أنه رغم مرونة هذا النظام يعتمد على حسن نية الشركات ومراجعات بعدية لاكتشاف المخالفات.
واستدل معدا التقرير بتجارب دولية في هذا الشأن، حيث تبنت إيطاليا نظام “Clearance” لمعاملات الشركات، ومع الإدارة العامة كذلك في 2019، مما ساهم في تقليل الفجوة الضريبية وتعزيز الشفافية، رغم تحديات التكيف التي واجهتها الشركات. كما اعتمدت المكسيك، كمبتكر في هذا المجال، النظام نفسه في 2011، الأمر الذي أدى إلى تحسين وتيرة التحصيل الجبائي وتقليل الاحتيال الضريبي بفضل نهج تدريجي بدأ مع الشركات الكبرى، بينما كانت البرازيل من أوائل الدول التي تبنت النظام في 2008، حيث حققت مركزية كاملة ساعدت في جمع البيانات في الوقت الفعلي وتسهيل عمليات الرقابة الضريبية. وأشارا إلى أن فرنسا بدأت بنظام”Post Audit” ، لكنها ما فتئت تخطط للانتقال إلى النظام المذكور، وهو ما يعكس التوجه العالمي نحو تعزيز الرقابة الضريبية.
وعدد الخبيران فوائد “الفواتير الإلكترونية” من خلال تحسين الكفاءة الإدارية، حيث تزيل الرقمنة الحاجة إلى طباعة وتخزين الفواتير ورقيا، مما يقلص زمن المعالجة ويحسن تدبير السيولة. إضافة إلى تقليل الاحتيال، ذلك أن نظام”Clearance” يضمن مصداقية كل فاتورة تم التحقق منها، مما يحد من فرص الاحتيال، ناهيك عن أثره الإيجابي على البيئة، من خلال المساهمة في تقليص الورق، وتأثير الانبعاثات الناتجة عن نقل الوثائق في تقليل البصمة البيئية.
الكلفة والأمن السيبراني
يواجه تفعيل “الفواتير الإلكترونية” مجموعة من التحديات على أرض الواقع، حيث أشار تقرير “أندرسن” إلى التكاليف الأولية، على اعتبار أن الشركات ستحتاج إلى الاستثمار في البرمجيات والأنظمة التقنية المناسبة، إضافة إلى التعقيدات التقنية، ذلك أن التكامل مع المنصات الضريبية يتطلب إعادة هيكلة العمليات الداخلية وتكوين المستخدمين، دون إغفال تحدي الأمن السيبراني، على أساس أن عملية نقل البيانات المستمرة تتطلب بروتوكولات أمنية متقدمة لحمايتها من الهجمات الإلكترونية. وتنظر بعض الشركات، خاصة الصغيرة والمتوسطة، إلى هذا التحول كعبء إضافي أو تدخل في عملياتها.
وأوصى التقرير التحليلي بالاعتماد التدريجي لنظام “الفواتير الإلكترونية” المختار، استلهاما لتجربة المكسيك، حيث يساعد النهج المبني على خطوات في تجنب اضطرابات كبيرة، ودعم الشركات عبر تقديم أدلة تدريبية ودورات تدريبية مخصصة، إضافة إلى توحيد الصيغ لتسهيل التوافق بين الأنظمة، وإنشاء بنية تحتية قوية لحماية البيانات الحساسة.
تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News