خبراء يعددون مزايا إطلاق “سوق العقود الآجلة” في البورصة المغربية

يعتزم المغرب إطلاق “سوق للمشتقات تسمح بالتداول في العقود الآجلة للأسهم”، بحسب ما كانت أعلنت عنه وزيرة الاقتصاد والمالية خلال هذا الأسبوع من الدار البيضاء، مؤكدة أن الإعلان يأتي عقب اجتماع للجنة سوق الأسهم، بما في ذلك الجهة المسؤولة عن تنظيم البورصة والبنك المركزي المغربي، “تقرر خلاله تحويل سوق أسهم الدار البيضاء إلى شركة قابضة”.

يرى عدد من الخبراء الماليين والاقتصاديين في هذه الخطوة إضافة جديدة للبنيات التحتية للأسواق المالية وسوق الرساميل بالمغرب، موازاة مع سعي المملكة إلى منح البورصة “دورا أكبر في تعزيز السيولة وتمويل الاقتصاد”، فضلا عن مزايا عديدة تتمثل في “التحوّط من تقلبات الأسعار” والتحكم أكثر في تدابير المخاطر على سير مختلف الأنشطة الاقتصادية.

يتعزز هذا أكثر بعد تنظيم بورصة الدار البيضاء، منتصف أكتوبر الماضي، بشراكة مع الاتحاد الدولي للبورصات (WFE)، ملتقى حول موضوع “سوق العقود الآجلة”، كان من أبرز أهدافه استباقُ إطلاق هذه السوق، من خلال “تقديم عرض لأدوارها، قضاياها وفوائدها”.

سابقة تطور البورصة

أكد مهدي فروحي، أستاذ علوم الاقتصاد بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، أهمية هذه الخطوة في السوق المالية المغربية، بالقول إنها “سابقة من نوعها بالمغرب؛ سيُعزز إطلاق سوق لمشتقات التداول في العقود الآجلة دور البورصة المغربية في تمويل الاقتصاد ورفع جاذبية المستثمرين المغاربة والأجانب”، معتبرا أنه “سواء عن طريق أنشطة المضاربة أو التحويط، فإن ذلك سيرفع بورصة المغرب إلى مصافّ أسواق الدول المتطورة التي تقترح فرصاً استثمارية واعدة”.

وشرح فروحي، في تصريح لجريدة النهار، أن “سوق العقود الآجلة هي أدوات مالية مشتَقة تُحدد مسبقاً ثمن البيع ما بين بائع ومُشتر؛ فيما يتم تسويته في المستقبل بحلول تاريخ محدد”، مؤكدا أن الأمر “يخص أصولا مالية متنوعة، سواء كانت من الأسهم أو السلع أو المؤشرات في سوق البورصة”.

وشدد على أن من أبرز الأهداف لإطلاق هذه السوق، ضمان “التحوّط ضد الأسعار المتقلبة، خصوصا على مستوى المواد الأولية أو الخام المعروضة للبيع، إذ سيتم تحديد الثمن مسبقا وتفادي الانعكاسات الجانبية لارتفاعه”، مضيفا أنها “تُستعمل كذلك في المضاربة؛ إذ يمكن للمستثمرين التوقيع على عقود آجلة ما يجعلهم قادرين على تنويع الاستثمارات ويمكّنهم من تنويع الأدوات المالية، وبالتالي تنويع المحافظ الاستثمارية كأداة لتدبير المخاطر”.

وأشار أستاذ علوم الاقتصاد ذاته إلى أن “المزايا تشمَل زيادة السيولة والرفع من قيمتها عبر تسهيل عمليات البيع والشراء لأجل محدد مستقبَلاً، وكذا جذب المستثمرين من خلال الفرص التي توفرها سوق العقود الآجلة بالمغرب”.

“التخطيط والتحوط”

سجل محمد أمين الوزاني، محلل مالي عضو بهيئة الخبراء المحاسبين، أهمية هذا الإجراء المعلن عنه رسمياً في سياق دولي متسم باستمرار أجواء اللايقين الاقتصادي، قائلا إن “حديث السلطات المالية المغربية عن السماح بإمكانية التداول عبر العقود الآجلة في البورصة المغربية جاء في هذا السياق الذي يعد نتيجة مباشرة لاستمرار عدد من الحروب وتوترات جيو-سياسية عديدة تعرفها منطقة الشرق الأوسط، وكذلك الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة، التي أثرت بشكل أكيد على سلاسل الإمداد والتوريد”.

واعتبر الوزاني، في حديث لجريدة النهار، أن عمل البورصة المغربية بالعقود الآجلة سيلعب “دورا مهما في حماية القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة عندما يتعلق الأمر كما هو الحال اليوم بالتعامل مع تقلبات الأسعار في الأسواق الدولية لمجموعة سلع ومواد أولية”.

ولفت إلى أن تداول هذه النوعية من العقود سيعطي المغرب واقتصاده نوعاً من الحماية من التقلبات في الأسعار بحكم أن “العقود الآجلة تُتيح للمشترين والبائعين ومختلف الفاعلين الاقتصاديين الاتفاق على سعر معين لشراء أو بيع نوع من السلع في المستقبل”. وزاد بالشرح: “وفي حال إذا كان ارتفاع الأسعار بشكل كبير، فإن المشتري سيتمكن من اقتناء السلع التي يريد بالسعر المتفق عليه مسبقا، فضلا عن خاصية التحوُّط ضد التضخم المؤثر على القدرة الشرائية العامة”.

وسيكون لاستخدام العقود الآجلة، وفق إفادات الخبير المحاسب، “أثر إيجابي في تمكين الفاعلين الاقتصاديين، خصوصا الشركات، من حماية قيمة أموالهم عن طريق تثبيت تكلفة السعر، وإدارة المخاطر المالية الناتجة عن تقلبات الأسواق العالمية، بما يعود بالنفع على ميزانية المستثمرين والشركات”.

وختم المصرح بالإشارة إلى فوائد عديدة للعقود الآجلة، أساسا “القدرة على التخطيط المالي الأكثر دقة”، بحكم أن هذا النوع من العقود يجعل التكاليف المستقبلية المحتملة أكثر قابلية للتنبؤ، وهو ما يعود بالفائدة على وضع الميزانيات التوقعية ذات الصلة بالأسعار المتقلبة.

تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News
زر الذهاب إلى الأعلى