ضعف الإقبال ومنافسة الدخلاء يجلبان غضب وكالات الأسفار بالمغرب

بالتزامن مع فصل الصيف الجاري تجددت وقائع نصب واحتيال بطلتها “وكالة سياحية وهمية” روّجت إعلانات عن تنظيم رحلات سياحية جماعية عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ فيما نجحت في إيهام ضحاياها الذين تقدموا بشكايات رسمية إلى المحكمة الابتدائية بتطوان.

وبينما لجأت “المشتبه فيها الرئيسية”، التي توارت عن الأنظار بعد مراكمتها ملايين الدراهم، إلى انتحال صفة العمل في مجال تنظيم رحلات السفر حول العالم عبر صفحاتها بمواقع التواصل الاجتماعي (“إنستغرام” وتطبيق “واتساب”)، علّقَ محمد السملالي، رئيس الفيدرالية الوطنية لأرباب وجمعيات وكالات الأسفار بالمغرب، بأن “مهنة وكيل الأسفار، المنظمة قانونياً بالمغرب، غـدت مرتعاً للدُّخَلاء والسماسرة، فضلا عن محترفي عمليات النصب والاحتيال”، داعياً، حسب تعبيره، “الدولة والسلطات المختصة إلى قطع الطريق أمام الدخلاء وتحمّل مسؤولياتها وتبعات الموضوع”.

“للأسف صار انتشار وكالات سياحية وهمية أمراً اعتيادياً في ظل الزخم الرقمي والتكنولوجي المتسارع على مواقع التواصل”، يورد السملالي في حديثه لجريدة جريدة النهار، مستحضرا أن “واقعة تطوان ليست الأولى، بل سبقَتْها خلال العام الجاري فقط عمليات نصب طالت بعض الحجاج والمُعتَمرين في الدار البيضاء وفاس، فضلا عن وجهات سياحية مثل مراكش وأكادير وشمال المملكة”.

وكان ما يتجاوز 250 شخصا سقطوا بتطوان “ضحايا إعلانات ترويجية قدّمها ‘مؤثرون’ يستحسنون فيها خدمات الوكالة السياحية الوهمية”، وهو المعطى الذي نبّه إليه رئيس التنظيم المهني ذاته، معتبرا أنها “في الأصل شركات وهمية تدّعي تسويق منتج سياحي ضمن إطار مهنة مقننة بموجب القانون رقم 11-16″، وزاد: “رصدنا فعلًا تصاعدا في الظاهرة عبر مواقع التواصل، عن طريق الإيهام ببرامج وأسعار زهيدة، بل حتى وضع رقم الحساب البنكي ومعلومات الشخص المحتال”.

مطلب التحصين

جواباً عن سؤال لجريدة جريدة النهار الإلكترونية بشأن التفسيرات الممكنة لاستفحال هذه “الجولات السياحية الوهمية”، واستغلالها في سياق النصب وانتحال صفة ينظمها القانون، ردّ السملالي بأن “وضعية قطاع وكالات الأسفار ضعيفة على مستوى الحجوزات هذه السنة، ما عدا تلك الموسمية المتعلقة بالحج والعمرة”.

ومضى المهني شارحا: “أؤكد لكم أن شهر يوليوز 2024 مر بشكل دراماتيكي لدى أغلب وكالات الأسفار، قبل أن يشهد انتعاشا محتشمًا في شهر غشت الحالي إلى وجهات تقليدية مثل تركيا، مصر، وبعض دول آسيا، عبر طلبات قليلة تسجلها الوكالات القانونية”، مشتكيًا من “تصاعد منافسة غير شرعية من طرف السماسرة، فضلا عن مجموعة إكراهات سببتها منصات الحجز السياحي الرقمي”، وموردا أن “هذه من أسباب التدهور بالمقارنة مع سنوات ما قبل الجائحة”.

ولم يفوّت السملالي، متحدثا إلى جريدة النهار، فرصة توجيه رسالة واضحة إلى الدولة، التي شدد على أن “مِن اختصاصها وقفُ نزيف هذا القطاع ودعمُه عبر توفير الحماية اللازمة له من الدخلاء، خاصة عبر الإعلانات التي غزَت الشبكات الاجتماعية”.

وبحسبه المهني ذاته فقدْ “سَبق للجمعيات الجهوية لوكالات الأسفار المغربية أن راسلت في هذا الموضوع السلطات المختصة (مندوبية السياحة، السلطات الأمنية والولائية، وغيرها من متدخلين فاعلين…)، غير أنّ التفاعل يظل ضعيفا للأسف”، وفق توصيفه.

وتابع المتحدث نفسه: “حان الوقت كي تتحمل السلطات الوصية والمختصة مسؤوليتها عن تحصين قطاع ذي دور حيوي مهم في السلسلة السياحية للمملكة، عبر مساهمة الوكالات القانونية بشكل كبير في تسويق الوِجهة المغربية، وكذا تسويق المنتج السياحي المغربي في الخارج بمختلف قارات ودول العالم (لقاءات دولية، ملتقيات…)”.

“من مهامّنا أنْ نُسوّق للمغاربة وجهات عالمية سياحية، لكن وجب أن تُنفّذ عملية زجرية لمنع المتطفلين والدخلاء والسماسرة عبر الإنترنت”، يشدد السملالي، لافتا إلى “وجوب الاهتمام بهذا القطاع، الذي يُشغّل يدا عاملة مهمة (على الأقل 10 إلى 12 ألف منصب مباشر وعشرات الآلاف الذين يعملون بشكل غير مباشر) عبر حوالي 2000 وكالة للأسفار في جميع الجهات”.

السياحة الداخلية

رغم أن الصيف يعدّ ذروة الموسم السياحي بالمغرب فإن مهنيّي وكالات الأسفار بالمغرب “يشْتَكون قلة الإقبال”، وفق إفادة رئيس الفدرالية الوطنية الجامعة لهم، موردا: “السمسار يعرض منتجا سياحيا بسعر زهيد بينما نحن نؤدي ضرائب منتظمة ونُسهم من موقعنا في الترويج للسياحة الداخلية والوجهات المحلية، عكس منصات عالمية لا تخضع للضوابط القانونية أو أداء ضرائب أو عمولات بالعملة الوطنية”.

وفي السياق ذاته أثار السملالي “طلب مهنيي وكالة الأسفار مراجعة ضريبة القيمة المضافة البالغة 20% وتخفيضها بما يساهم في تطوير القطاع، بمزيد من ضبطه وتقنينه وفي الوقت نفسه سيكون حلاً لتشجيع المنتج السياحي الوطني”.

وحذّر المهني ذاته مما وصفها بـ”فوضى عارمة تنتشر عبر المنصات الدولية للحجز الرقمي التي لا يُعقل أن تًسوّق المنتج المغربي السياحي لمستهلكين مغاربة دون صفة قانونية، مع استمرار العمل بالعملة الصعبة، ما يسهم في النزيف الاقتصادي للقطاع”.

تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News
زر الذهاب إلى الأعلى