الغلاء يتسبب في تراجع الإقبال على الفواكه .. والمستهلكون “الحلقة الأضعف”
منذ بداية الصيف الجاري لم يهدأ الحديث بعدُ بين شرائح واسعة من المغاربة عن استمرار ارتفاع أسعار مختلف أنواع الفواكه بالأسواق المغربية، رغم أن هذا الفصل هو ذروة الإنتاج والاستهلاك بالنسبة لأصناف كثيرة من الفاكهة، تكون غنيّة بالأملاح المعدنية ومكونات غذائية مفيدةٍ صيفا.
واستقت جريدة جريدة النهار الإلكترونية بالفيديو إفادات تجار وبائعي فواكه مغاربة، فضلا عن مواطنين، أجمَعت على “تراجع الإقبال على شراء الفواكه من طرف المواطنين، خاصة الفئات الهشة أو محدودة الدخل”.
وقال بائع فواكه، في تصريح لجريدة النهار، إن “البطيخ الأحمر (الدلاح) مثلا ارتفع ثمنه هذا الصيف إلى حوالي 6 أو 7 دراهم للكيلوغرام بعد أن كان يشترى بـ3 دراهم في أسواق الجملة”، مبرزا أن “مختلف الفواكه الصيفية عرفت أثمانها ارتفاعًا ملحوظاً، سواء بالنسبة للتاجر أو المستهلك”.
وأشار المتحدث نفسه إلى أن “البائعين يشْكون قلة الإقبال في ظل تراجع ملموس في استهلاك الفواكه، مما يكبّدهم خسائر نتيجة فساد وتلف معروضاتهم من مختلف أصناف الفواكه”.
غير بعيد عن هذا البائع، استوقفت الجريدة مواطناً، خلال جولتها بأحد أسواق الرباط، حيث قال إن الزيادة في أسعار الفواكه “تظل هذه السنة غير مسبوقة”، مضيفا أن “المواطنين تضرروا من ذلك بشكل لا يُتصوّر”، ودعا الحكومة أو جمعيات حماية المستهلك إلى التدخل.
“قلة الماء تخفض المعروض”
وفي محاولة لتفسير أسباب هذا الغلاء، أوضح رئيس الفيدرالية البيمهنية لمنتجي الخضر والفواكه، الحسين أضرضور، أن “مختلف أصناف الفواكه التي تُنتَج محليا بالمغرب عانت من إشكالية توالي الجفاف والإجهاد المائي المتفاقم منذ ست سنوات، غيْرَ أن الثلاثة أعوام الأخيرة عرفت تضرُّر الأشجار المثمرة بشكل كبير بسبب اشتداد أزمة الماء وقلة مياه السقي الفلاحي”.
وأبرز أضرضور، في تصريح لجريدة جريدة النهار، أن “السبب الأساسي فيما آلت إليه أسعار الفواكه هو أزمة الماء، مما أثّر بشكل مباشر على قلة الغلة وضُعف مردودية المحاصيل والمعروض في الأسواق”، قبل أن ينفيَ جملة وتفصيلًا “أيّ تأثير للتصدير على سعر الفواكه الموسمية في فصل الصيف الحالي”.
وتفاعلا مع سؤال لجريدة النهار، أقرّ رئيس الفيدرالية البيمهنية لمنتجي الخضر والفواكه بالمغرب أن “المهنيين يتابعون أيضا ارتفاع الأسعار بشكل يجعل فئات وشرائح مجتمعية واسعة غير قادرة على تحمّلها”، مشيرا إلى أنها “تفُوق القدرة الشرائية لمعظم المغاربة، كما أنها تُكبّد مهنيي القطاع خسائر جراء تلف بعض الأنواع بسرعة”.
“مضاربة بلا مراقبة”
من زاوية نظر “حُماة المستهلك”، الذي وجد نفسه مغلوبا على أمره بعد “استمرار الغلاء معطىً هيكلياً في تسويق عدد من المنتجات الفلاحية والحيوانية”، أكد بوجمعة موجي، نائب رئيس “جمعية حماية المستهلك” بالدار البيضاء، أن “أثمنة أصناف الفواكه الموسمية المعهود استهلاكها أصبح يحلّق في نطاقات خيالية وقياسية”.
وقال موجي، العضو بـ”الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك”، في تصريح لجريدة النهار، “نتفهّم أن الأمر في جزء منه يعود إلى ست سنوات عِجاف، غير أننا في الوقت نفسه نُندّد بهذا الغلاء الذي طال مختلف مراحل التسويق، خاصة بالجملة واستفحال إشكالية المضاربين بأسواق البيع؛ إذ لا يُعقل أن يتم بيع محتوى شاحنة من الفواكه ثلاث أو أربع مرات قبل وصولها إلى أسواق ومتاجر القرب من المستهلك النهائي”، لافتا إلى أن المستهلكين ما زالوا “الحلقة الأضعف”، بعدما لم يعُد بمقدور كثير منهم اقتناء كيلوغرام من الفواكه.
وفي معرض حديثه أثار موجي مسألة “زراعة الدلاح”، التي قال إنها “عانت هذه السنة من مشكل خاص بحكم أنها من صنف الفواكه الأكثر استهلاكاً لكميات مياه كبيرة، مما دفع السلطات المحلية في مناطق زراعتها إلى إصدار قرارات بعدم زراعتها أو تخفيض كميات السقي أو الأراضي الموجّهة إليها”.
وبينما ذكّر بأن “ما يتيحه قانون حرية الأسعار والمنافسة من عدم تحديد أثمان البيع عامل آخر يرفع السعر النهائي للفواكه، إلى جانب تكاليف النقل بالمحروقات واستمرار الجفاف”، شدد الفاعل المدني ذاته على ضرورة المراقبة المستمرة، بل تكثيفها في أسواق الجملة، ومحاربة مختلف أشكال الاحتكار والمضاربة والسمسرة… هذا أمر مطلوب طالما نادت به جمعيات المستهلك”.
تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News