مشروع قانون مالية 2025 يواكب مدن المغرب المرشحة لاحتضان “المونديال”
يرتقب أن يحمل مشروع قانون المالية 2025 برنامجا لمواكبة المدن التي ستختضن مباريات كأس العالم لكرة القدم 2030، المزمع تنظيمه بشكل مشترك بين المغرب وإسبانيا والبرتغال، إذ كشفت الرسالة التأطيرية التي عممها عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، على وزرائه، عن استهداف البرنامج المنتظر ضمان جاهزية ست مدن، هي الدار البيضاء والرباط وأكادير ومراكش وفاس وطنجة، من خلال تعزيز جاذبيتها وتطوير بنياتها التحتية ومرافقها الحيوية على مدى السنوات ست المقبلة.
وحملت الرسالة التأطيرية إشارات حول رهان الحكومة على الجهات والجماعات الترابية من أجل تأهيل المدن، خصوصا التي ستحتضن مباريات المونديال، إذ كشفت عن عزمها الرفع من وتيرة تحديث الإدارة المغربية وجعلها آلية لتحقيق التنمية الشاملة، وكذا تعزيز التكامل بين الدولة والمجالات الترابية من خلال تقوية الجهوية المتقدمة، عبر مواصلة دفع الاعتمادات المالية المخصصة من الميزانية العامة لفائدة الجهات، التي تقدر بـ10 مليارات درهم سنويا، ومواكبتها في إعداد الجيل الثاني من برامج التنمية الجهوية برسم الفترة بين 2022 و2027، إضافة إلى زيادة حصة الجماعات من الضريبة على القيمة المضافة، لمساعدتها على القيام بأدوارها التنموية، والوفاء بالتزاماتها مع الشركاء وتغطية نفقاتها الإجبارية.
وسيتطلب تأهيل ومواكبة المدن الجديدة، تشجيع الاستثمار الخاص والمنتج، إذ شدد رئيس الحكومة في الوثيقة الصادرة عنه على مواصلة تنزيل الإجراءات التي جاءت بها خارطة الطريق الإستراتيجية 2023-2026، الخاصة بتطوير مناخ الأعمال، على أساس تعزيزها الجهود المبذولة في إطار تحسين بيئة الأعمال الوطنية، من خلال تجويد منظومة الصفقات العمومية، والتمويل التعاوني، وكذا تقليص آجال الأداء والإحداث الإلكتروني للمقاولات، وتبسيط أزيد من 45 في المائة من المساطر الإدارية المرتبطة بالاستثمار، ورقمنتها، وتفعيل الإصلاح الضريبي الذي يضمن وضع نظام جبائي مستقر وشفاف، يوفر رؤية واضحة للمستثمرين.
الحكامة المحلية
تعتبر الحكامة ركيزة أساسية لضمان نجاح برنامج مواكبة المدن المحتضنة مستقبلا لمباريات مونديال 2030، الذي كشف عنه رئيس الحكومة ضمن رسالته التأطيرية لمشروع قانون المالية 2025، إذ ستكون الحكامة المحلية التي تركز على التخطيط الإستراتيجي وتحسين الموارد وتعزيز القدرات المؤسسية والاستدامة حاسمة في تنزيل البرنامج المذكور على أرض الواقع، وبلوغ أفضل الشروط والظروف لاستضافة الحدث الرياضي العالمي، الذي تسعى الحكومة أيضا إلى تحقيق الاستفادة القصوى منه، خصوصا على المستوى الاقتصادي، من خلال كسب بنيات تحتية عالية المستوى، ورفع مستوى الرواج الاقتصادي الجهوي، وتطوير السياحة وزيادة حجم الاستثمارات الوافدة ومكاسب أخرى.
وأوضح يوسف مريد، خبير في السياسات العمومية والحكامة، في تصريح لجريدة النهار، أن الحكامة على المستويين المحلي والمركزي ستلعب دورا مركزيا في تعبئة وتخصيص الموارد المالية والبشرية بفعالية، موردا أن الرسالة التأطيرية لمشروع مالية 2025 تركز على ترشيد الإنفاق العام وكفاءة الاستثمارات، وذلك بتبني التدبير الصارم للميزانيات المخصصة لمشاريع البنية التحتية، لتجنب التكاليف الزائدة والتأخيرات، مع ضمان جودة الأشغال؛ بالإضافة إلى تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتمويل المشاريع الضرورية، خاصة في قطاعات السياحة والنقل، مشددا على أهمية اعتماد المقاربة التشاركية، من خلال إشراك أصحاب المصلحة المحليين (المنتخبون والمواطنون والشركات) في عملية اتخاذ القرار، لضمان استدامة المشاريع وعكسها الاحتياجات الحقيقية للسكان.
وأكد مريد في السياق ذاته أن تأهيل المدن المضيفة لمونديال 2030 يعتمد على قدرة المؤسسات المحلية، الجهات والجماعات الترابية، على تدبير المشاريع المعقدة المرتبطة بحدث بحجم كأس العالم لكرة القدم، مردفا بأن “الحكومة مطالبة بتبني الحكامة في برنامج المواكبة الذي تراهن على تنزيله ضمن مشروع قانون المالية المقبل، خصوصا من خلال التكوين وتعزيز الكفاءات، وتحسين جودة أداء الموظفين والمسؤولين المحليين في تدبير المشاريع والمتابعة والتقييم، إلى جانب وضع آليات لتعزيز الشفافية في مراقبة تقدم الأوراش واستخدام التمويلات العمومية، بما يتيح تجنب مخاطر الفساد والاختلالات”.
رهانات تمويلية
تشكل استضافة المغرب كأس العالم 2030 تحديًا كبيرا يتطلب استثمارات ضخمة في البنية التحتية، والسياحة، والنقل، وقطاعات رئيسية أخرى، إذ توضح الرسالة التأطيرية لمشروع قانون المالية 2025 الصادرة عن رئيس الحكومة الأولويات الميزانية والتوجهات الإستراتيجية اللازمة لضمان توازنات المالية خلال الفترة المقبلة؛ فيما يعتمد نجاح برنامج مواكبة المدن المرشحة لاستضافة الحدث الرياضي العالمي على تعبئة فعالة للموارد، وإدارة صارمة للمخاطر المالية، ورؤية بعيدة المدى للتداعيات الاقتصادية، من خلال الجمع بين الصرامة الميزانية والابتكار المالي، إذ يرتقب أن تلعب “التمويلات المبتكرة” دورا مهما في هذا الشأن.
وبالنسبة إلى محمد أمين الحسني، خبير اقتصادي، يتطلب تمويل برنامج مواكبة المدن المضيفة تعبئة فعالة للموارد العامة والخاصة، إذ تشير الرسالة التأطيرية لمشروع مالية 2025 إلى أهمية الصرامة الميزانية وتحسين الإنفاق، مضيفا أن هذا الأمر يستدعي إعطاء الأولوية للمشاريع الأكثر أهمية للحدث الرياضي، بالنظر إلى محدودية الموارد، خصوصا ما يتعلق بتحسين البنية التحتية للنقل، وزيادة القدرة الاستيعابية للإيواء، ومشددا على أهمية اللجوء إلى الشراكات بين القطاعين العام والخاص، باعتبارها عاملا حاسما لاستكمال التمويل اللازم، وتعبئة رؤوس الأموال الخاصة لتغطية مشاريع، مثل الفنادق، والبنية التحتية الطرقية، والخدمات الضرورية المختلفة للجماهير الوافدة.
وأفاد الحسنين في تصريح لجريدة النهار، بأنه يتعين التعامل مع الاستثمارات التي يتم تنفيذها استعدادا لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2030 من منظور تأثيرها الاقتصادي على المدى الطويل، مع ضرورة ضمان أن تعود هذه الاستثمارات بالفائدة المستدامة على الاقتصادات المحلية للجهات والجماعات الترابية، موضحا أن تحقيق الاستفادة من الاستثمارات وضمان نجاعة التمويل يرتكز على تصميم مشاريع للبنية التحتية تحوي فوائد اقتصادية مستدامة، مثل شبكات النقل التي ستستمر في خدمة المواطنين بعد انتهاء الحدث، والاستثمار في مشاريع تعزز جاذبية المدن المضيفة سياحيا، ما يسهم في زيادة عائدات السياحة على المدى الطويل.
تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News