بنك المغرب: آثار رفع الفائدة جزئية .. والتضخم يكبح القروض الاستهلاكية

أكدت بيانات رسمية متضمنة في ثنايا التقرير السنوي للبنك المركزي المغربي حول “الوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية برسم سنة 2023″، المقدّم إلى الملك محمد السادس من طرف والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري، “تواصُل انتقـال قرارات السياســة النقديــة إلى أســعار الفائــدة عـلى القــروض – سواء تلك الموجّهة لفائدة الأفراد والأسر أو نسيج المقاولات- رغــم بقائــه جزئياً”، مبرزاً أنه “سنة 2023 تميزت الأوضاع النقدية باستمرار التوجه التشديدي للسياسة النقدية التي يعتمدها بنك المغرب”.

وبحسب التقرير، الذي طالعت جريدة جريدة النهار نسخته الكاملة، سَـجلت أسعار الفائدة مـا بين بدايـة “التشـديد النقـدي” والفصـل الرابـع مـن سـنة 2023 “ارتفاعاً بواقـع 112 نقطـة أسـاس مقابـل ارتفـاع إجمالي قـدره 150 نقطـة أسـاس بالنسـبة لسـعر الفائـدة الرئيسـي”، قبل أن يؤكد أن “المقارنـة بالمستوى المتوسط لسـنة 2022 أبانت عن ارتفاع أسـعار الفائـدة بواقـع 92 نقطـة أسـاس إجمالاً، وبما قدره 53 نقطـة أسـاس بالنسـبة للأفراد و110 نقطـ أسـاس بالنسـبة للمقاولات”.

إعلان بنك المغرب: آثار رفع الفائدة جزئية .. والتضخم يكبح القروض الاستهلاكية

رفع الفائدة

بحسب التقرير السنوي للسنة المالية 2023 كان انتقال قرارات رفع سعر الفائدة الرئيسي إلى مختلف الأسواق “تدريجيًا وجزئيـاً”؛ وعلى وجه الخصوص واصلت أسعار الفائدة على القروض ارتفاعها قبل أن تستقر في الفصل الرابع في 5,36%، متزايدة بما قدره 112 نقطة أساس منذ بداية دورة التشديد النقدي. وكان هذا الانتقال متباينا أيضا، إذ تراوح على وجه الخصوص بين 61 نقطة أساس بالنسبة للقروض المقدمة للأفراد و76 نقطة أساس بالنسبة للمقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة، و138 نقطة أساس بالنسبة للمقاولات الكبرى.

“مع تراجع القروض الممنوحة في إطار خطوط الضمان التي تم إحداثها خلال أزمة كوفيد سجلت وتيرة نمو الائتمان البنكي الموجه للقطاع غير المالي تباطؤا ملموسا، متراجعة إلى 2,7% عوض %7,9 سنة من قبل”، يرصد التقرير الرسمي نفسه، مسجلا بالموازاة مع ذلك “تراجُع الديون الصافية على الإدارة المركزية بنسبة 4.7% بعد ارتفاعها القوي في 2022″، وهو ما فسره بالقول إنه نتيجة ترتبط بـ”لجوء الخزينة إلى ما تبقى من المبلغ المسحوب من خط الوقاية والسيولة” الذي أتاحه صندوق النقد الدولي للمملكة.

الائتمان البنكي

بالانتقال إلى شق الائتمان البنكي الذي يعد أحد أبرز محددات الأوضاع النقدية فإنه “بعد ارتفاع بنسبة 7,9 في المائة في 2022، ارتباطا إلى حد كبير بتزايد تسهيلات الصندوق المخصصة لتمويل الواردات من المواد الطاقية والغذائية في سياق التصاعد الملموس للأسعار الدولية لهذه الأخيرة، سجلت وتيرة نمو الائتمان البنكي المقدم للقطاع غير المالي تباطؤاً ملحوظا إلى 2,7% في 2023”.

في المقابل لم يغب عن ناظرَيْ البنك المركزي “تسارُع نمو القروض الممنوحة للمقاولات المالية من 5,6% إلى 20,5 %”. أما في المجمل، يؤكد التقرير المالي السنوي للبنك فِعلية دينامية بصمت “تراجع نمو القروض البنكية في المغرب من 7,5% إلى %5,3”.

ووفق البيانات المحصورة متم 2023، المتضمنة في ثنايا الوثيقة حسب رسومات بيانية طالعتها الجريدة، يتبين أن “المبلغ الجاري للقروض البنكية وصل إلى 1114,9 مليار درهم”؛ وهو ما يعادل بالنسبة المئوية 76,2% من الناتج الداخلي الإجمالي للمملكة عِوضا عن 79,6 % سنةً من قبل”.

قروض الاستهلاك

“دينامية تباطؤ جديد للقروض الموجهة للأفراد، مع نمو محدود بنسبة 2,1 بالمائة”، أكدتها معطيات التقرير السنوي للبنك المركزي، مفسرا إياها “بفعل تأثير حالة الترقّب التي رافقتْ (حينها) إعلان تفعيل المساعدة المباشرة للسكن المعلنة في قانون المالية لسنة 2023”.

وموازاة مع ذلك أورد بنك المغرب، مُجملاً رسم المشهد الائتماني بالمغرب، أنه “بعد سنتيْن من الانتعاش المعتدل الذي تـلا الجائحة لم ترتفع قروض الاستهلاك إلّا بنسبة 0,6 في المائة في سياق بقاء التضخم وأسعار الفائدة في مستوى مرتفع”.

وبالقيمة فإن 322,6 ملياراً من الدراهم هي إجمالي مبلغ القروض الموجهة للأفراد بالمغرب طيلة السنة المالية 2023، وتتوزع بين “قروض الاستهلاك” بـإجمالي 57 مليار درهم، و”قروض “السكن” بقيمة 224,2 مليار درهم.

بدورها، شهدت “الديون مُعلّقة الأداء” (متعثرة السداد) إلى الائتمان البنكي الإجمالي بالمغرب استقرارا عند نسبة 8,4 في المائة.

القطاع غير المالي

أشار تحليل المعطيات “حسب القطاع المؤسساتي” إلى “نمو القروض المقدمة للقطاع غير المالي”، مرجعاً ذلك “بالخصوص إلى ارتفاع القروض الممنوحة للمقاولات العمومية بنسبة 26,6 بالمائة”.

وعلى طرف نقيض تقف قروض لـ”المقاولات الخاصة” التي مسَّها “تدني تسهيلات الخزينة بنسبة 8,4 بالمائة”، نتيجة “انخفاض أسعار الواردات وتراجع القروض الممنوحة في إطار خطوط الضمان المحدَثة خلال أزمة الجائحة”.

وبينما “نمَت قروض التجهيز” بنسبة 5,5 بالمائة، وُسمت القروض المقدمة للمقاولات الخاصة خلال 2023 بـ”شبه استقرار” بعد ارتفاعها بنسبة 10,4 بالمائة سنةً قبلها.

تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى