التجربة المغربية في المجال الفلاحي تغري مسؤولي نيجيريا لضمان الأمن الغذائي

موازاة مع استمرار التعاون المغربي النيجيري في مجال الطاقة يبدو أن أهل الحل والعقد بأبوجا يرغبون في تطوير هذا التعاون ليشمل المجال الفلاحي كذلك؛ وهو ما اتضح بعدما جرى التنويه بالسياسة الفلاحية المغربية واعتبارها “مثالا جديرا بالاقتداء” من قبل محمد اينوا يحيى، حاكم ولاية غومبي، بعد لقائه بأحمد بولا تينوبو، الرئيس النيجيري الحالي، تدارسا خلاله سبل ضمان الأمن الغذائي للبلاد.

وقال الإعلام النيجيري إن محمدا اينوا، وبعدما نفذ أخيرا زيارة إلى المملكة، عاد ليؤكد “وجود سعي إلى تطبيق التجربة المغربية بولاية غومبي، بعدما تبين أن التجربة المغربية نجحت في تطوير الإنتاج الحيواني والمحاصيل الزراعية على الرغم من مشاكل التصحر وقلة الأمطار”، مؤكدا “السير في اتجاه العمل في إطار شراكة مع أطراف مغربية من أجل إنتاج نبات الكسافا ضمن أراضٍ تصل مساحتها إلى ألف هكتار”.

إعلان التجربة المغربية في المجال الفلاحي تغري مسؤولي نيجيريا لضمان الأمن الغذائي

وزاد اينوا: “لقد ذهبنا إلى المغرب، الذي يعد دولة ناجحة قاريا في تطوير إنتاج الثروة الحيوانية والمحاصيل، من أجل أن نرى كيف يقومون بذلك حتى نتمكن من القيام بذلك بنيجيريا ليتحسن الإنتاج لدينا فيما يتعلق بالزراعة وتربية المواشي، في وقت تمكنوا من تحقيق اكتفائهم الذاتي والمرور نحو التصدير”.

وامتدادا لهذا السعي النيجيري المتواصل للاستفادة من التجربة الفلاحية المغربية سبق أن حضر وزير الزراعة والأمن الغذائي فعاليات المعرض الدولي للفلاحة بمكناس والتقى نظيره محمد صديقي، مؤكدا وقتها عزمهما “تعزيز الاتفاقيات الثنائية وبروتوكولات التعاون”.

في قراءته لهذه المعطيات أكد رياض أوحتيتا، مستشار فلاحي معتمد، أن “المغرب اليوم بصدد تقاسم تجربته لست سنوات من الفلاحة المتكيفة مع المناخ تمكنا خلالها من تطوير الإنتاجية بما جعلنا نحصل على 15 صنفا من الحبوب، فضلا عن منتجات فلاحية أخرى طورناها على الرغم من الجفاف الذي بات عاملا بنيويا يتطلب التخطيط استحضاره دائما”.

وهو يتحدث لجريدة النهار عن مقومات التجربة الفلاحية المغربية سجل رياض أوحتيتا “وجود طفرة تكنولوجية بمجال الفلاحة الوطنية في انتظار الوصول إلى مرحلة تكنولوجية ثانية خلال السنوات العشر الأخيرة”، موردا أن “التجربة المغربية مكنت موريتانيا من تطوير إنتاجيتها الفلاحية حتى صارت من بين المصدرين إلى التراب الأوروبي”.

واعتبر المستشار الفلاحي المعتمد أن “المغرب بات، خلال الآونة الأخيرة، يوظف امتلاكه للفوسفاط من أجل الاستثمار بإفريقيا وهو يعي بالمقومات الأربع لنجاح النشاط الفلاحي، والتي من بينها السماد، على أن يمكن ذلك الجانب النيجيري من الرفع من المردودية الفلاحية التي يمكن أن تجعل منه بلدا مصدرا”.

وعلى الرغم من كل هذا فإن المتحدث سالف الذكر أورد أن “السياسة الفلاحية التي اعتمدت خلال السنوات الأخيرة كانت تضع نصب عينيها بشكل مركز الرفع من الصادرات واستنزاف الماء؛ مما جعلنا أمام تراجع بعض السلالات الوطنية، لاسيما في المنتجات الحيوانية أو الخضراوات والفواكه”، مؤكدا أن “نيجيريا يجب ألا تقع في الأخطاء نفسها”.

تفاعلا مع الموضوع نفسه، أكد عبد الخالق التهامي، أكاديمي باحث في مجال الاقتصاد، أن “ما يجعل المغرب مُشادًا به في هذا الإطار كونهُ من بين الدول الفإريقية التي كان لديها تكوين زراعي وبيطري منذ فجر الاستقلال، فضلا عن مؤهلات أخرى يتوفر عليها؛ خبراتية وتكنولوجية، تنضاف إلى توفره على الفوسفاط كأحد أبرز عناصر الإنتاج الفلاحي”.

مفصلا في هذه المقومات لجريدة النهار ذكر التهامي أن “عددا من البلدان الإفريقية التي تتوفر على مقومات طبيعية ومناخية مهمة تحاول ما أمكن أن تستفيد من التجربة المغربية التي راكمها خلال السنوات الأخيرة في مجال الفلاحة”، موردا أن “دراسات الأراضي والاستعمال السّمادي من بين النقاط التي يبرز فيها تفوق المغرب في هذا الصدد، بعدما ابتكر خططا تمكن الفلاحين من معرفة منسوب وطبيعة احتياجاتهم من الأسمدة لضمان الإنتاجية”.

وزاد: “فيما يخص الحالة النيجيرية فمن الملاحظ وجود تقارب فعلي كبير بين هذا البلد الغني فلاحيا مع الرباط، وتبقى الزراعة على رأس أولويات التعاون بين البلدين إلى جانب مسائل أخرى مرتبطة بالطاقة؛ فأبوجا تبقى محتاجة إلى تطوير سياستها الفلاحية والرفع من انتاجيتها واستدامتها ما دام أنها تتوفر على المواد الأولية اللازمة”.

وافترض الأكاديمي الاقتصادي أن “يكون التعاون بين البلدين من خلال شراكات بين الفاعلين الاقتصاديين النيجيريين ونظرائهم المغاربة، عبر نقل طريقة الاعتماد المغربي على التكنولوجيا إلى هناك ومحاولة تكييفها مع الفلاحة النيجيرية بما يساهم في الرفع من مردوديتها”.

تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى