ارتفاع نشاط توصيل الطلبيات يجدد مطالب بتحيين عروض تأمين الدراجات النارية
تدرس وزارة النقل واللوجستيك مراجعة الإطار القانوني لتأمين الدراجات النارية، على ضوء المستجدات المرتبطة بتحويل استخدام هذه الدراجات من نقل الأشخاص إلى نقل البضائع لحساب الغير، بعدما تزايدت وتيرة نشاط شركات وتطبيقات توصيل الطلبيات، خصوصا في المدن الكبرى، حيث يستغل ملاك الدراجات تأمينا بسعر وحجم تغطية مخاطر لا يناسب طبيعة نشاطهم، فيما طالبت شركات تأمين بإعادة النظر في سندات ملكية الدراجات الموجهة إلى الاستغلال التجاري.
وفي ظل غياب أي مقتضى قانوني ينص على إجبارية “التأمين التجاري” على الدراجات في مدونة السير، بخلاف سيارات نقل البضائع، تعالت مطالب المؤمنين بتحيين البطاقات الرمادية cartes grises، وتحديد طبيعة استعمالها، مع التنصيص على الاستغلال التجاري في نقل البضائع، بما يتيح لهم صياغة منتجات تأمينات جديدة، بتعويضات ومخاطر متعددة، قابلة للتغطية تحت طلب المؤمن لهم، الذين يمارسون من خلال توصيل الطلبات نشاطا تجاريا، تحت نظام “المقاول الذاتي”.
وشركات توصيل الطلبات، مثل “غلوفو” و”جوميا فوود”، وغيرها، أصبحت تتوفر على أسطول من الدراجات النارية بسائقيها، ما يمثل فرصة تجارية لشركات التأمينات، التي لا تسعى إلى تصحيح خلل قانوني بقدر ما تطمح إلى إعادة تصنيف أحد أهم منتجات التأمين على غير الحياة، وهو التأمين على المسؤولية المدنية الإجبارية، على اعتبار أن السائقين في هذه الشركات يمارسون عملا تجاريا وينقلون سلعا، ويتعين عليهم القيام بهذه الأنشطة تحت تغطية تأمين تجاري.
تأمينات على المقاس
يواجه قطاع توصيل الطلبيات في المغرب تحديات كبيرة تتعلق بتأمين دراجات التوصيل، التي تستخدم بشكل واسع في المدن المغربية الكبرى، مثل الدار البيضاء والرباط ومراكش. ويعد هذا الموضوع ذا أهمية متزايدة مع النمو السريع في قطاع التجارة الإلكترونية وزيادة الطلب على خدمات التوصيل السريع. وبالنظر إلى الوضعية المالية والقانونية الهشة للسائقين، الذين لا يرتبطون بعقود مع شركات التوصيل، ويتشغلون بنظام “المقاول الذاتي”، فمنتج “تأمين تجاري” بأسعار مرتفعة عن التأمين العادي يمكن أن يشكل عبئا إضافيا عليهم.
وبالنسبة إلى يوسف بونوال، وكيل تأمينات، رئيس الرابطة المهنية للحركة الشعبية، فالتأمينات تكون دائما على مقاس القانون، إذ يرتبط منتج التأمين بطريقة استعمال المركبة، سواء لأغراض عادية أو تجارية، موضحا أن مدونة السير تحدد محتويات سند الملكية، فيما وزارة النقل واللوجستيك معنية بشكل أساسي بتصنيف استعمال المركبة، وموردا في تصريحه لجريدة النهار أن شركات التأمينات تتعامل وفق ما هو مضمن في البطاقة الرمادية، وتوجه المؤمن لهم على هذا الأساس إلى منتجات التأمين التي تناسب احتياجاتهم.
وأضاف بونوال، في السياق ذاته، أن تأمين دراجات توصيل الطلبيات يعد أساسيا لضمان سلامة السائقين وتحسين كفاءة هذا النوع من الأنشطة، وذلك من خلال مواجهة التحديات والتعاون بين شركات التأمينات ووزارة النقل واللوجستيك، مردفا بأن تعديلات في باب التأمين بمدونة السير من شأنها تحيين العروض في سوق التأمينات، وتعزيز الأمان وتقليل معدلات الحوادث، بما يعود بالفائدة على الجميع في نهاية المطاف، خصوصا أن فرع التأمين على غير الحياة يشكل محرك نشاط وكلاء ووسطاء التأمينات بمختلف مناطق المملكة.
هاجس ارتفاع التكاليف
مراد البصير، سائق بشركة لتوصيل الطلبات، عبر عن تخوفه من أي تغيير في منتج التأمين على الدراجات، موضحا أن مداخيله اليومية وتكاليف البنزين لا تخول له تحمل تكاليف باهظة من أجل الحصول عل بوليصة “تأمين تجاري”، تتجاوز مبلغ 750 درهما الذي اعتاد أداءه كل سنة، مشددا في تصريح لجريدة النهار على أن أغلب زملائه ممن يمتهنون نشاط توصيل الطلبيات يكتتبون في بوليصات لا تتجاوز ثلاثة أشهر فقط، بالنظر إلى ارتفاع التكاليف التشغيلية وضعف قيمة عمولاتهم، ومشيرا إلى أن التأمين حتى وإن تغيرت تسميته سيظل يغطي المخاطر نفسها.
وفي السياق ذاته أوضح هاشم يحياوي، خبير في التأمينات وتدبير المخاطر، أن النمو السريع لأنشطة توصيل الطلبيات يكشف عن اختلالات كبيرة في نظام التأمين على الدراجات المستخدمة في هذا القطاع، مؤكدا أن الشركات والسائقين على حد سواء يواجهون تحديات معقدة تتعلق بكلفة التأمين أساسا، الذي يعتبر ضروريا لضمان سلامة العاملين واستمرارية الأعمال، ومشيرا إلى أن واجبات الاكتتاب في التأمينات على الدراجات النارية المستخدمة في التوصيل عادية حاليا، باعتبار استمرار تصنيف الدراجات للاستعمال الشخصي، إلا أن هذه الواجبات يمكن أن تشكل عائقا أمام الولوج إلى هذا التأمين، الذي يعد إجباريا بموجب القانون.
وأفاد يحياوي، في تصريح لجريدة النهار، بأن بوليصات التأمين المتاحة لا توفر تغطية شاملة لجميع أنواع المخاطر التي قد تواجهها الدراجات النارية؛ ذلك أن التغطية محدودة للحوادث فقط، دون تضمين السرقة أو الأضرار الأخرى التي تلحق السلع المنقولة، ما يعرض شركات الطلبيات والسائقين لمخاطر مالية كبيرة، ومشيرا إلى أن أي تحيين في عروض التأمين على الدراجات يفرض على شركات التأمين تقديم منتجات تأمين مخصصة لتلبية احتياجات قطاع توصيل الطلبيات، مع مراعاة الطبيعة الخاصة لهذا العمل والمخاطر المرتبطة به؛ إذ يمكن أن توفر هذه المنتجات تغطية شاملة للحوادث والسرقة والأضرار.
تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News