الدار البيضاء.. حريق كاريان “دراعو” يعيد برنامج القضاء على دور الصفيح إلى الواجهة
شب حريق مهول في كاريان “دراعو”، بمقاطعة سيدي مومن، بالدارالبيضاء، ليلة الاثنين إلى الثلاثاء، أسفر عن تدمير العديد من البيوت الصفيحية وتشريد العديد من الأسر.
ورغم أن الحادث لم يخلف خسائر في الأرواح إلا أنه أعاد تسليط الضوء على الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها سكان هذه الأحياء الهامشية.
وتأتي هذه الكارثة في وقت حساس، حيث تشهد العاصمة الاقتصادية، استعدادات لافتة، في كل المجالات، لاستضافة العديد من التظاهرات الدولية، ومن أبرزها مباريات كأس إفريقيا لعام 2025 ومونديال 2030.
ودفع هذا الحادث العديد من المواطنين للتساؤل عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول مدى تنفيذ برنامج القضاء على دور الصفيح الذي تبنته الحكومة منذ سنوات، ولكنه لم يحرز التقدم المطلوب بالسرعة الكافية.
ويُذكر، في هذا الصدد، أن برنامج القضاء على دور الصفيح، الذي أُطلق في عام 2004 تحت اسم “مدن بدون صفيح”، يهدف إلى تحسين الظروف المعيشية للمواطنين من خلال توفير سكن لائق وبنية تحتية متكاملة. وعلى الرغم من التقدم المحرز، فإن العديد من الأحياء ما تزال تعاني من مشاكل كبيرة تتعلق بالسلامة والصحة.
وحتى الآن، نجح البرنامج في إزالة دور الصفيح من 60% من المناطق المستهدفة، لكن يبقى الكثير لتحقيقه، خاصة مع تزايد عدد سكان المدينة وضغط الهجرة من المناطق القروية، بسبب الجفاف الذي يضرب البلد منذ ست سنوات متتالية.
وفي الدارالبيضاء وحدها، مازال العديد من الأحياء الصفيحية تنتظر دورها للاستفادة من مبادرات الدولة الرامية إلى توفير سكن لائق لجميع المواطنين. ومن بين هذه الأحياء، كاريان الرحامنة، الأكبر في المدينة بحوالي 8 آلاف برّاكة، وسيدي مومن القديم، المطل على الطريق السيار، وكاريان المسعودي بتراب أنفا، ودوار الزفت بتراب الحي الحسني.
وفي تصريح له، بخصوص هذه الإشكالية، قال مولاي أحمد أفيلال، نائب عمدة الدارالبيضاء، إن “السلطات تشتغل على قدم وساق للإسراع في تنفيذ مشاريع الإسكان الاجتماعي وتوفير سكن بديل للقاطنين في دور الصفيح”، مضيفا أن الحكومة المغربية تعمل جاهدة على تحسين الظروف المعيشية لسكان دور الصفيح، خصوصا في ظل الاستعدادات الجارية لتنظيم كأس العالم 2030 والتي تشمل تحسين البنية التحتية وتوفير السكن الكريم لكل المواطنين.
كما ذكّر أن مجلس جهة الدار البيضاء سطات، صادق، منذ أيام، خلال دورة يوليوز، على مشروع اتفاقية شراكة تهدف للقضاء على دور الصفيح، بتراب عمالة الدار البيضاء وإقليم النواصر وإقليم مديونة وعمالة المحمدية، عبر نقل قاطني “الكاريانات” إلى شقق سكنية، من خلال تسريع وتيرة إعادة الإيواء عوض منحهم بقعا سكنية كما كان الحال في السنوات الماضية.
البداية من سيدي مومن
ولقد تم تخصيص ميزانية تقدر بـ 18.6 مليار درهم لإعادة إيواء 62 ألف أسرة من قاطني دور الصفيح، من خلال اتفاقية شراكة بين مختلف الجهات المعنية، تشمل وزارة الداخلية، ووزارة إعداد التراب الوطني والإسكان والتعمير، ووزارة الاقتصاد والمالية، ومجلس جهة الدار البيضاء-سطات، إلى جانب ممثلين عن الجماعات الترابية المعنية.
وتهدف الاتفاقية إلى توفير سكن لائق للأسر المستفيدة من خلال توزيع شقق اقتصادية عليها في مختلف الأقاليم والعمالات المذكورة، كما تتضمن الاتفاقية هدم جميع “الكاريانات” الواقعة في تراب عمالات الدار البيضاء والنواصر ومديونة والمحمدية.
وأفاد المصدر ذاته أنه من المقرر أن تبدأ عملية ترحيل قاطني دور الصفيح، ابتداء من شهر شتنبر من السنة الجارية، مع إعطاء الأولوية للتجمعات الكبرى لدور الصفيح، خصوصا بمقاطعة سيدي مومن، التي تشهد انتشارا واسعا للسكن غير اللائق.