مراجعات ضريبية تنتظر المستثمرين في الكراء اليومي عبر المنصات الرقمية
تنتظر المستثمرين المغاربة في الكراء اليومي عبر منصات رقمية، مثل منصة “إير بي إن بي Airbnb” العالمية، مراجعات ضريبية ثقيلة، في حال استمرارهم في ممارسة أنشطة الإيجار العقاري خارج ضوابط القانون والمقتضيات الواردة في قانون المالية 2023، بشأن فرض الضريبة على الدخل بالنسبة إلى الأرباح العقارية. يتعلق الأمر بوجوب الانضباط لصيغة ضريبية بشكل مستعجل، تجنبا لتبعات مساطر التحصيل الجبائي القسري والغرامات المرتبطة بها.
ويجهل الكثير من الملزمين، المستثمرين في تأجير العقارات عبر المنصة الرقمية المذكورة، أن النشاط الذي يزاولونه يخضع للضوابط ذاتها التي تنظم الكراء التقليدي، خصوصا ما يتعلق بوجوب التصريح بالإقرار السنوي بمجموع الدخل العقاري قبل فاتح مارس من كل سنة، في سياق مرحلة جديدة من الإصلاح الجبائي أقرتها الحكومة في قانون المالية الماضي واستهدفت من خلالها تحفيز الامتثال الضريبي وتعزيز العدالة الجبائية من خلال التصريح كخطوة أولى.
وتستهدف التغييرات الطارئة في نظام فرض الضريبة على الدخول العقارية تعزيز الالتزام والتصريح الجبائيين، من خلال الإبقاء على كيفية التحصيل الحالية، عن طريق حجز الضريبة في المنبع retenu à la source من المبلغ الإجمالي لهذه الدخول، بأسعار غير إبرائية، مع إعادة تطبيق خصم 40 في المائة برسم الدخول الناشئة عن إيجار العقارات المبنية وغير المبنية، والبناءات مهما كان نوعها، ما عدا مداخيل العقارات الفلاحية، لتحديد صافي الدخل العقاري المفروضة عليه الضريبة عند الإدلاء بالإقرار السنوي بمجموع الدخل.
خارج مظلة التضريب
تظهر عمليات المراقبة النوعية التي تباشرها المديرية العامة للضرائب لأنشطة وقطاعات خاصة سنويا أن الاستثمار في الكراء اليومي بشكل مباشر أو عبر المنصات الرقمية لن يظل خارج مظلة التضريب، حيث تنظر الملزمين المخالفين مراجعات ضريبية بين الفينة والأخرى؛ وهو ما يفرض عليهم ضرورة تصحيح وضعيتهم بشكل تلقائي وأداء ما بذمتهم من مستحقات جبائية، خصوصا أن الأرباح المحققة عن هذا النشاط في تصاعد، تحديدا في فصل الصيف، وحجم الاستثمارات الواردة عليه في تزايد مهم.
وأوضح نور الدين موريد، مستشار وخبير في القوانين الضريبية، أن الكراء اليومي أو التأجير عبر المنصات أو أية قناة وسيطة خاضع لضوابط الكراء التقليدية والتغييرات الجبائية التي وردت في قانون المالية 2023.
وأكد المستشار والخبير في القوانين الضريبية أنه يجب، من الناحية العملية، على الملزمين تقديم إقرار سنوي بدخلهم الإجمالي قبل فاتح مارس، مع تفاصيل محددة عن العقارات المؤجرة والدخل المتحصل عليه، حيث يخضعون لحجز الضريبة في المنبع من المبالغ الإجمالية للدخول العقارية بنسبة 10 في المائة بالنسبة إلى الدخل الذي يقل عن 120 ألف درهم، و15 في المائة للدخل الذي يساوي أو يزيد عن السقف المالي المذكور.
وأضاف موريد، في تصريح لجريدة جريدة النهار الإلكترونية، أن إلزامية التصريح بإقرار سنوي بالدخول العقارية ثابتة حتى إذا كان الدخل الصافي الخاضع للضريبة لا يتجاوز 30 ألف درهم، مؤكدا أن تحديد مبلغ الدخل الخاضع للضريبة يشمل جميع الإيجارات المحصلة والمصاريف المعاد فوترتها على المكترين مع خصم 40 في المائة، مشيرا إلى إمكانية استرداد مبلغ الضريبة المحجوزة عندما تتجاوز هذه الضريبة تلك المستحقة على الدخل الإجمالي السنوي، مشددا في السياق ذاته على وجوب انتقال المستثمرين في الكراء اليومي إلى هذا الإطار التنظيمي لتحسين ربحية استثماراتهم مع الامتثال للمتطلبات الضريبية الجديدة.
نشاط غير مهيكل
في الوقت الذي وفرت السلطات الإطار القانوني اللازم لتنظيم استغلال أنشطة الكراء اليومي، خصوصا في الشق الضريبي، ما زال هذا النوع من الأنشطة غير مهيكل ولا ينضبط لمقتضيات الترخيص بشكل أساسي الواردة في المرسوم رقم 2.23.441 بتحديد بعض أحكام القانون رقم 80.14 المتعلق بالمؤسسات السياحية وأشكال الإيواء السياحي الأخرى، الذي دخل حيز التنفيذ السنة الماضية، وشدد على وجوب التصريح بالنشاط للسلطات المختصة، مع تقديم ملف متكامل بالوثائق المطلوبة لغاية الحصول على رخصة الاستغلال؛ فيما تشير الممارسة على أرض الواقع إلى اعتماد مستثمرين على عقود للكراء لا تختلف عن تلك المستخدمة في تأجير السيارات بدون سائق.
واعتبرت حنان سابحي، مسيرة مكتب للاستشارة العقارية في الدار البيضاء، أن أنشطة الكراء وإعادة الكراء عبر منصة “إير بي إن بي” أصبحت من بين الأكثر ربحية في السوق، وتمكنت من جذب اهتمام عدد كبير من الشباب الذين شرعوا في الاستثمار بكراء شقق وشقق صغيرة “أستوديوهات” في مناطق حيوية بالمدن الكبرى والساحلية وإصلاحها وتصويرها، قبل عرضها عبر المنصة المذكورة والتسويق لها أيضا في مواقع التواصل الاجتماعي.
وشددت سابحي، في تصريح لجريدة النهار، أن أغلب هؤلاء المستثمرين لا يتوفرون على دراية بالتبعات القانونية والواجبات الضريبية المترتبة على هذا النشاط، حيث وقع عدد كبير منهم ضحية جهله بالمقتضيات التنظيمية الخاصة بالكراء، خصوصا ما يتعلق بالضمانات في حالات النزاع بين الطرفين وكذا عند أداء المستحقات الضريبية.
في السياق ذاته، تابعت المتحدثة أن هيكلة نشاط الكراء اليومي ستكون في مصلحة المستثمرين، خصوصا أن القانون واضح فيما يتعلق بتنظيم هذا النوع من الأنشطة، مشيرة إلى أن المادة 154 مكررة من المدونة العامة للضرائب تنص بوضوح على وجوب تضمين الإقرار بالدخول العقارية مجموعة من المعطيات حول العقارات المكتراة ومبالغ الإيجار وهوية الجهة المؤجرة، مؤكدة أن التصريحات المقدمة من المكري والمكتري تتيح للإدارة الجبائية ضمان تحصيل مبالغ الضريبة على الدخول العقارية بسهولة والقطع مع أية محاولة للتملص الجبائي، خصوصا أن الإقرار يتم التصريح به إلكترونيا عبر ملء استمارة خاصة.
تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News