الغرامات المالية تُقلص آجال الأداء بين المقاولات إلى غاية متم سنة 2023
أبان “نظام الغرامات المالية” المعمول به ضمن قانون آجال الأداء بالمغرب عن “تحسّن ملحوظ في آجال الأداء بين المقاولات إلى غاية متم 2023، وعن امتثالها الواسع لمقتضياته (بعد حوالي سنة كاملة من دخوله حيز العمل)”، وفق ما أكدته وزارة الاقتصاد والمالية والاتحاد العام لمقاولات المغرب، بعد “الاجتماع السادس لمرصد آجال الأداء” برئاسة نادية فتاح العلوي، وزيرة الاقتصاد والمالية، وشكيب لعلج، رئيس “مقاولات المغرب”، بمقر وزارة الاقتصاد والمالية.
أحدَثُ المعطيات الصادرة عن “مرصد آجال الأداء”، بمشاركة الأعضاء التابعين للاتحاد العام لمقاولات المغرب، ووزارة الصناعة والتجارة، وبنك المغرب، و”التجمع المهني للأبناك المغربية”، والخزينة العامة للمملكة، ومديرية “المنشآت العامة والخوصصة”، أكد “تسجيل 4769 تصريحاً تقدمت بها المقاولات المعنية خلال الربعيْن الثالث والرابع من عام 2023”.
هذه النتائج عدَّتْها الجهات ذاتها، التي تشكل عضوية المرصد، “بِشارة آفاقٍ واعدة لمواصلة التدابير ذات الأثر الإيجابي على مناخ الأعمال، مع إسهامها في تحرير الطاقات وتشجيع المبادرة الخاصة”.
ويأتي هذا باستحضار ما أوردته وزيرة الاقتصاد والمالية خلال جلسة برلمانية (ماي الماضي)، ومفاده أن “الحكومة تعمل على عدد من الإجراءات من أجل تسهيل الاستثمار وحث المقاولات عليه، خاصة عبر تقليص آجال الأداء”، مستدلة على “نجاحها في هذه المهمة” بالمقارنة بين تطور الأرقام في الفترة الممتدة بين نهاية سنة 2018 ومارس 2024.
وأفادت معطيات رسمية، بحسب الوزيرة، بأن “مستحقات المقاولات لدى المؤسسات العمومية تقلصت تقريبا من حوالي 18 مليار درهم لتصل متم مارس 2024 إلى نحو 11 مليار درهم”، مضيفة أن “متوسط آجال الأداء انخفض من 55 يوما في نهاية 2018 إلى 35 يوماً اليوم تقريبا”.
وخُصص الاجتماع بالأساس لنقاش “العرض الذي قدمته المديرية العامة للضرائب حول الحصيلة الأولية لتنزيل نظام الغرامات المالية، المحدَث بموجب القانون رقم 69.21 بتغيير القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة وبسن أحكام انتقالية خاصة بآجال الأداء، الذي دخل حيز التنفيذ بتاريخ فاتح يوليوز 2023”.
ومن مخرجات الاجتماع “موافقة المرصد على إعداد ونشر تقريره السنوي الرابع الذي سيتضمن حصيلة تنزيل النظام سالف الذكر والنتائج المتعلقة بها”، مع اندراجه في إطار التوجيهات الملكية الواردة في خطاب 20 غشت 2018، التي دعت الإدارات العمومية، وخاصة الجماعات الترابية، إلى أن تقوم بأداء ما بذمتها من مستحقات تجاه المقاولات؛ “ذلك أن أي تأخير قد يؤدي إلى إفلاسها، مع ما يتبع ذلك من فقدان العديد من مناصب الشغل”.
“تحسن نسبي”
تعليقاً على الموضوع سجل محمد الرهج، خبير مختص في الشؤون المالية، أن “حصيلة تطبيق هذا النظام المعني بالغرامات المالية المعتمدة من طرف مصالح مديرية الضرائب يكشف فعلياً المنحى نحو التحسن في آجال الأداء، خاصة بين المقاولات في ما بينها، أي القطاع الخاص”، وزاد مستدركا: “هي نتائج تظهر تحسُّنا نسبياً لكن مع استمرار مشكل أداء المقاولات المطروح بجدية دوماً بشكل قد يدفع عددا من مؤسسات النسيج المقاولاتي المغربي إلى الإفلاس، في بعض الأحيان”.
وتابع الأستاذ بالمعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات، في تصريح لجريدة النهار، بأن “التأخير في آجال أداء الفواتير، سواء بالقطاع الخاص أو بين العام والخاص، يعد من أبرز أسباب إفلاس المقاولات، لأنها تضطر إلى اللجوء إلى الاقتراض والدخول في دوامة منظومة اقتصادية مازالت تعرف نقاط هشاشة”.
تبعاً لذلك، يرى المحلل الاقتصادي نفسه أن “إدارة الجبايات والضرائب تظل الجهة الفاعلة في الموضوع والمَعنية بشكل مباشر عبر العمل على تحسين آجال الأداء بين مقاولات القطاع الخاص في المملكة، وكذا الآجال المتعلقة بالمقاولات والمؤسسات العمومية الخاضعة لإصلاح جارٍ حاليًا”، منوهاً بأن هذا “التحسن المعلن عنه ينعكس بالفعل إيجاباً على خزينة المقاولات وتوازناتها المالية في علاقتها بباقي مكونات المنظومة الاستثمارية والإنتاجية”.
وخلص الرهج متحدثا لجريدة النهار إلى أن “الإشكال يتصل أيضا بمنظومة الصفقات العمومية” برمتها، واصفا بأن “ما تحقق ليس بالنتيجة الكبيرة (حوالي 5000 تصريح في نصف سنة من تطبيق المقتضيات القانونية الجديدة لآجال الأداء)، لأن عدم أداء الفواتير مازال مثار مشكل وتعثرات بين مئات آلاف من المقاولات”، وداعيا في السياق إلى “تحسين المراقبة الجبائية عن طريق الذكاء الاصطناعي وآليات الرقمنة”.
تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News