أكاديمية المملكة تنصّب 4 أعضاء جدد.. وفاعلون ثقافيون يُرسون جسور الحوار

تستمر جلسات تنصيب أعضاء أكاديمية المملكة المغربية الجدد، مع جلسة رسمية جديدة استقبلها مقر الأكاديمية بالرباط اليوم الأربعاء، ونصّبت عضوين مغربيين، وعضوين من موريتانيا وفرنسا.

وتلقّت شارات أكاديمية المملكة المغربية، اليوم، كل من السفيرة المندوبة الدائمة السابقة للمغرب في اليونسكو عزيزة بناني، ووزيرة البيئة والتنمية المستدامة الموريتانية السابقة مريم البكاي؛ إلى جانب الأمين العام السابق لوزارة أوروبا والشؤون الخارجية الدبلوماسي الفرنسي موريس غوردو مونتاني، والأكاديمي والروائي والمسؤول الثقافي المغربي مبارك ربيع.

وتأتي جلسة التعيين الرسمية هذه استمرارا لجلسات أُخَر، بعدما عيّن الملك محمد السادس الأعضاء المقيمين والشرفيين والمراسلين لـ”أعلى هيئة فكرية بالمملكة”. وعرف هذا الموعد توشيح الأعضاء الأربعة الجدد بشارة عضوية الأكاديمية، والتعريف بمسارهم العلمي والمعرفي، ثم تقديمهم “درس التنصيب” في تخصصاتهم.

وفي درس افتتاحي بعنوان “تعدد الثقافات، الحوار والسلم”، قدّمته الأكاديمية والمسؤولة المغربية عزيزة بناني باللغات الفرنسية والإسبانية والعربية، على التوالي، اهتمت بمنارات من أجل العيش المشترك في العام، واستحضرت نماذج، من بينها نموذج تنشئتها المغربية، مع إخوة ناقشوا رفض السلطان محمد الخامس طلب حكومة فيشي الفرنسية التابعة للنازيين الألمان، لحرصه على حماية “الرعايا المغاربة اليهود” مثل “الرعايا المسلمين”؛ كما تذكّرت نموذج أبيها المسلم الصوفي الذي كان إمامه ابن عربي، الذي قرأت قبسا من أقواله من بينها قصيدةٌ يقول فيها:

“لقد كنتُ قبل اليوم أنكر صاحبي .. إذا لم يكن ديني إلى دينه داني

لقد صارَ قلبي قابلاً كلَ صُورةٍ .. فمرعىً لغزلانٍ وديرٌ لرُهبـانِ

وبيتٌ لأوثانٍ وكعـبةُ طـائفٍ .. وألواحُ تـوراةٍ ومصحفُ قرآن

أديـنُ بدينِ الحبِ أنّى توجّـهـتْ .. ركائبهُ، فالحبُّ ديني وإيمَاني”

وفي تصريح لجريدة جريدة النهار الإلكترونية قالت مريم البكاي، المستشارة والوزيرة السابقة لموريتانيا في البيئة والتنمية المستدامة: “أنا جد فخورة أن أحضر اليوم بين أعضاء أكاديمية المملكة المغربية البارزين، وأجدد شكر جلالة الملك محمد السادس، لتشريفي بتعييني ضمن أعضاء هذه المؤسسة المرموقة”.

وزادت البكاي متحدثة عن درسها الذي اهتم بموضوع “الانتقال الإيكولوجي”؛ الذي يستمد أهميته من “شدة التراجعات في الوضع المناخي، وشدة التغيرات المناخية التي يعيشها العالم اليوم، وضرورة الانتقال إلى نموذج اقتصادي واجتماعي يأخذ بعين الاعتبار محدودية الكوكب، فيقلّل بالتالي أثره على المناخ”، مع إبراز “محدودية السياسات الحالية، في ظل تحديات عديدة، وإشكالات عالمية، تتطلب توسيع التفكير، والحكامة المناخية، وألا يستمر أخذ الرهانات المناخية مكانا غير مهم في السياسات العمومية، بعمل بين العوام والخواص”.

موريس غوردو مونتاني، الأمين العام السابق لوزارة أوروبا والشؤون الخارجية، قال بدوره لجريدة النهار: “شرف لي أن أكون هنا بقرار من جلالة الملك، عضوا مراسلا بأكاديمية المملكة المغربية”، مضيفا أنه يهتم بالبعد الحضاري؛ “لأننا في عالم متصدع يجب أن يلتقي ببعضه”، وزاد: “من وجهة النظر هذه ينبغي أن تلتئم قوى كل البلدان من أجل تجاوز هذه التصدعات، وإلا فالأخطار الماحقة تنتظرنا”، وهي فكرة يطرحها باستحضار خلفية “فكرة الشراكة الحضارية، التي هي مشروع تتبناه الأكاديمية”.

مبارك ربيع، الأكاديمي والأديب والمسؤول الثقافي، ذكر من جهته لجريدة جريدة النهار الإلكترونية أن تعيينه عضوا بأكاديمية المملكة المغربية “فرصة ثقافية وعلمية مشهودة، وتاريخية في حياة أي مثقف”، وأردف: “أعبر عن امتناني وشكري لراعي أكاديمية المملكة المغربية، جلالة الملك محمد السادس، الذي عينني في هذا المقام الرفيع بين نخبة من أعضاء الأكاديمية”.

وتابع ربيع: “عملي دائما في جميع المؤسسات التي كنت فيها، وخارجها، ثقافي علمي، وهنا بأكاديمية المملكة المغربية عمل مؤطر ومنفتح على آفاق ومواضيع وإشكاليات جديدة، وهذه فرصة للتفتّح الفكري، والتّلاقح والتفاعل مع مستويات أخرى من التفكير”.

وفي درسه الافتتاحي فكّر مبارك ربيع في التوجه إلى “بيداغوجيا للذكاء”؛ لأن “البيداغوجيا يجب أن تكون متجددة، في ظل تحولات عميقة جدا لعصرنا تمس تكنولوجيا المعرفة والمجال المعرفي ومستوى المعرفة، وتمس قضية الذكاء”، ومن بين أوجهها “الذكاء الصناعي”؛ علما أن ما يهم البيداغوجي ليس الانتقادات التي ترافق كل المبتكرات؛ بل أن يجد فيها “ما يؤدي إلى المردودية البيداغوجية؛ أحسن تعلم، وأقل جهد، وأقصر وقت”.

واهتمّ الأكاديمي ذاته، في درسه الافتتاحي، ببيئة التنشئة بكافة مؤسساتها، قصدية وظرفية، عامة وخاصة، قائلا إن على البيداغوجي تجويدها قصد “تحقيق تكافؤ الفرص، وتحقيق ما سيعرف بالحق في الذكاء، أي الحق في بيئة تساعد على نمو الذكاء، وإن لم يكن الذكاء نفسه عند الجميع، فالمهم خلق فرص متكافئة في تنميته”.

تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News
زر الذهاب إلى الأعلى