عبد العالي المصباحي: الجريمة الإلكترونية في مواقع التواصل الاجتماعي تتطور وتسير بسرعة الضوء
كشف عبد العالي المصباحي، محامي عام بمحكمة النقض، وباحث في الشأن القانوني ـ تخصص نيابة عامة ـ أن الجريمة الإلكترونية عبر مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تسير بسرعة الضوء، قائلا “المشرع إن صح القول أصبح غير قادر أو أصبح ملزم بتتبع تطور هذه الجريمة من خلال التشريع الجنائي بالزجر والعقاب”.
وأوضح المحامي العام، في اللقاء تحت عنوان “الجريمة الإلكترونية في مواقع التواصل الاجتماعي”، المنظم بجناح رئاسة النيابة العامة ضمن فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب في دورته الـ 29 بالرباط، بالقول “نرى أن كل المؤسسات المكلفة بمكافحة الجريمة على أرض الواقع أصبحت ملزمة اليوم أن تخصص نفس الإمكانيات والوسائل اللوجيستيكية التي خصتها بها الدولة لمحاربة هذه الجريمة في مواقع التواصل الاجتماعي أو المجال الافتراضي”، مبرزا أن “كل الجرائم الحقيقة أصبحنا نراها في العالم الافتراضي إلى جانب ظهور جرائم جديدة لم يقم المشرع أصلا إلى حدود يومه باعتبارها جريمة يعاقب عليها بمقتضى القانون”.
وإن كانت الجرائم الإلكترونية تعرف على كونها “ممارسات إلكترونية عمدية ضد فرد أو مجموعة، تهدف إلى التسبب في إلحاق ضرر مادي أو معنوي بضحاياها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة”، فإن القاضي مصباحي أكد أن المشرع المغربي لم يعرف الجريمة الإلكترونية بشكل خاص، بل أدمجها في إطار الفصل 111 من القانون الجنائي، الذي يعتبر الجريمة “هي كل فعل أو امتناع مخالف للقانون ومعاقب عليه بمقتضاه. وسمّاها في ظهير 11 نوفمبر 2003 المتمم للقانون الجنائي، بجرائم المس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات”.
واعتبر المتحدث أن المشرع بهذا التعريف “حسنا فعل لأن هذه الجريمة هي في تطور دائم، فلا يمكن حصرها في مقتضيات محددة، فيفلت بذلك الجناة من العقاب عن الأفعال غير المجرمة بمقتضى التعريف القانوني المحدد مسبقا”.
وعرج المحامي العام على المسميات العديدة التي توصف بها الجرائم الإلكترونية من بينها “الجرائم السايبيرية، وجرائم الحاسوب والإنترنيت، وجرائم أصحاب الياقات البيضاء، وجرائم التقنية العالية”، مشيرا إلى أن المشرع المغربي أصدر عدة قوانين متعلقة بزجر الجرائم الإلكترونية من قبيل قانون 03-07 الخاص بالجرائم المتعلقة بنظم المعالجة الآلية للمعطيات، بالإضافة إلى قوانين أخرى تهم محاربة الإرهاب، وحماية المعطيات الشخصية، وتبادل المعلومات القانونية، وحماية الحياة الخاصة، والحق في الصورة.. حيث نص مثلا في الفصل 1-447 من القانون الجنائي على أنه “يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من 2.000 إلى 20.000 درهم، كل من قام عمدا، وبأي وسيلة بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية، بالتقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص أو سري، دون موافقة أصحابها”.
وأشار المصباحي، في مداخلته، إلى أن خطر الجرائم الإلكترونية يكمن في “اللبس الذي تعطيه حيث أصبحنا نرى جرائم حقيقية في عالم افتراضي وجرائم افتراضية في عالم حقيقي مثل تزوير ورقة نقدية أو التعامل بعملة بيتكوين .. لنجد أنفسنا أمام جريمة افتراضية لا يمكن ملامستها ولا يمكن وضع أيدينا على وسائل الاثبات ولكنها في العالم الحقيقي موجودة”.
واعتبر المصباحي أن “ما يجب التنبه إليه هو هذا اللبس والخلط الذي أنتجته الجريمة الإلكترونية، التي ضربت قواعد التقادم، والاختصاص النوعي والمكاني، والمسؤولية وانعدامها، ومبادئ البحث عن مسرح الجريمة، والإثبات”، لافتا إلى أن الجميع “يجب أن ينتبه إلى أن بين الإباحة والتجريم هناك خيط معاوية حتى نكون في حالة إجرام أو غير ذلك”.
وشدد على أنه “إذا كانت الجرائم الإلكترونية، كما قيل سلفا، تخترق الزمن والمكان، فهذا بالتبعية سيجعلنا نطرح مسألة الاختصاص المكاني، والضابطة القضائية المختصة في البحث والتحري، كما سيجرنا لمسألة سيادة الدول وإقليمية القوانين، وغيرها من الإجراءات المسطرية التي سيصعب تطبيقها على الجرائم الإلكترونية”.
ونوه المحامي العام بدور النيابة العامة المغربية في مواكبة ومحاربة هذه الجريمة، قائلا “يجب أن نعترف ونبارك العمل الجبار الذي تقوم به النيابة العامة بكل مكوناتها والمؤسسات التابة لها من شرطة قضائية وعلمية وتقنية ودرك، المتوفرة على طاقات وأطر ومهندسين وخبراء في المعلوميات يشتغلون على مكافحة الجرائم الإلكترونية، ووضع اليد على كل المتورطين ومتابعتهم بمقتضى القانون سواء الجنائي أو قانون الصحافة والنشر أو القوانين الجنائية الخاصة التي وصلت اليوم إلى ما يزيد عن عشرة قوانين تختص في الجريمة الإلكترونية وتوابعها”.
تصوير: عيسى سوري
تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News