الاهتمام المتزايد بـ”تاريخ المغرب القديم” يعيد سلسلة أكرير إلى المكتبات
اهتمام متزايد بتاريخ المغرب القديم، يعكسه تزايد العناوين المنشورة الدارسة لهذا المبحث التاريخي وتوالي طبعات كتب ومراجع حوله، خاصة باللغة العربية، أحدثها عملان للأستاذ الجامعي المتخصص في التاريخ القديم عبد العزيز أكرير.
وصدرت طبعتان منقحتان ومزيدتان لكل من مؤلفي “تاريخ المغرب قبل الإسلام.. الممالك المورية الأمازيغية قبل الاحتلال الروماني – قراءة جديدة”، و”تاريخ المغرب القديم من الملك يوبا الثاني إلى مجيء الإسلام”، وهما كتابان ضمن مشروع للأكاديمي أكرير يروم “مراجعة ما كتب وترسخ حول تاريخ المغرب القديم من فرضيات وأطروحات جلها أوروبي مرتبط بفترة الاستعمار وسياقاتها السياسة والعلمية”، ويضع اليد على الإشكالات والموضوعات المحورية لهذا التاريخ والعناصر الكبرى المتحكمة في تطوره؛ وفق منظور شامل وتركيبي، من زاوية نظر “تعطي الأولوية لما هو محلي دون إغفال ما هو أجنبي”.
ومن المرتقب أن يختتم هذا المشروع بجزء ثالث قيد الإعداد، للباحث نفسه، عنوانه “تاريخ المغرب من الأصول إلى القرن الرابع قبل الميلاد”.
أستاذ تاريخ المغرب القديم منذ ثمانينيات القرن العشرين أكرير يدافع في السلسلة عن أفكار من أبرزها أن المغرب قد عرف “ممالك مورية” لا مملكة واحدة؛ فـ”باستثناء الملك بوكوس الثاني وسوس لم تكن تربط الملوك المور أي قرابة عائلية، ولا يشكلون سلالة حاكمة واحدة، وارثة للحكم”؛ بل إن المغرب “لم يخضع أبدا لمملكة مورية واحدة و”مركزية” لمت كل أطرافه”.
ومن الاختيارات المفاهيمية للمرجعَين “استعمال كلمة الأمازيغ أحيانا عوض عبارة الليبيين التي كانت تطلق قديما على ساكنة شمال إفريقيا الموجودة ما بين مصر الفرعونية وسواحل المحيط الأطلنتي، لتقريب المعنى للقارئ، ولتفادي الخلط بين المدلول القديم والمدلول الحالي لكلمة ليبيا والليبيين”.
ونقحت الطبعة الجديدة للكتابين بناء على خلاصات أيام دراسية ناقشَتهما في طبعتهما الأولى، كما استحضرت نتائج جديدة للأبحاث الأثرية التي عرفتها بعض مواقع المغرب القديم خلال العقدين الأخيرين، مع استمرار العملين في منهج “مساءلة الكتابات الأجنبية الأولى التي يمثلها ستيفان كسيل وجيروم كركوبينو، والتي أسست لمجمل الفرضيات والآراء حول هذه الممالك”؛ وهي فرضيات، رصد أكرير، تحولها “تدريجيا من اجتهادات، و”فرضيات عمل” إلى “تقليد” و”مسلمات”، كرستها الكتابات التي تلت هذه الفترة الأولى، وما زالت تجترها الكتابات الحالية أجنبية ومغاربية”.
عبد العزيز أكرير، الذي درس بشعبة التاريخ بكلية الآداب بني ملال، أصدر الجزء الأول من هذا المشروع سنة 2007، في وقت كانت تطبعه ندرة المؤلفات العلمية المتخصصة باللغة العربية حول “هذه الفترة المهمة من تاريخ المغرب”.
وصيغَ الكتابان بمنهج وكتابة “سهلة المنال لقاعدة كبيرة من القراء”، خصوصا أن جل ما كتب حول تاريخ المغرب قبل الفترة الإسلامية، بما فيها تاريخ الممالك المورية، “كتبه أجانب باللغة الفرنسية والإسبانية وغيرهما. وهاته الكتابات إضافة إلى عدم توفرها حاليا في الأسواق، فإنها موجهة إلى فئة محدودة، تتمثل أساسا في النخبة الباحثة المتخصصة في التاريخ القديم. كما أنها لم تهتم بهذا التاريخ إلا عرضا من خلال اهتمامها بتاريخ الشعوب “المتحضرة” (مثل الفينيقيين والرومان) التي تعاملت مع ساكنة المغرب القديم، سلما أو حربا”.
ومع مراجعة فرضيات وأطروحات حول الممالك المورية قبل الاحتلال الروماني، في هذه السلسلة أيضا مساءلة للحصيلة السياسية والحضارية للوجود الأجنبي بالمغرب القديم قبل مجيء الإسلام، مع تأريخ لهذه الفترة بأبعادها المتعددة والمتداخلة؛ “دون إغفال ارتباط شمال إفريقيا بمجريات أحداث الفضاء المتوسطي، وانفتاح جنوبه على عمق المجال الصحراوي”.
تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News