محمد الغالي: تحويل صفة مكفولي الأمة إلى مشروع قانون 50.23 التفاتة ملكية إنسانية لدعم الأطفال اليتامى ضحايا زلزال الحوز

صادق مجلس النواب، في جلسة عامة تشريعية، الجمعة 3 نونبر المنصرم، بالإجماع على مشروع قانون رقم 50.23 في شأن منح الأطفال ضحايا زلزال الحوز صفة مكفولي الأمة.

ويندرج مشروع القانون المصوت عليه، في إطار التعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، من أجل التكفل الفوري بالأطفال اليتامى الذين فقدوا أسرهم وأصبحوا بدون مورد، إثر زلزال 8 شتنبر الماضي الذي ضرب إقليم الحوز، وامتدت آثاره إلى كل من عمالة مراكش وأقاليم شيشاوة وتارودانت و ورزازات وأزيلال.

ويحدد النص القانوني السالف الذكر، شروط منح الأطفال ضحايا زلزال الحوز صفة مكفولي الأمة، كما تم حصر وإعداد قائمات الأطفال المستفيدين، حيث ستناط بمؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لقدماء العسكريين وقدماء المحاربين مهمة السهر على التطبيق السريع والأمثل لمقتضيات هذا القانون.

وبموجب هذا القانون، سيستفيد الأطفال الضحايا من الدعم المادي والمعنوي الممنوح من طرف الدولة والمتمثل في إعانة إجمالية بمبلغ شهري حدد في 1250 درهم، ومجانية العلاجات الطبية والجراحية والاستشفاء في التشكيلات الصحية المدنية والعسكرية التابعة للدولة، وتخفيضات التنقل عبر كافة وسائل النقل السككي.

كما تتيح مواد القانون للأطفال الضحايا دعما ماليا عند كل دخول مدرسي وإعانة مالية بمناسبة عيد الأضحى لكل عائلة، إلى جانب الأسبقية في الالتحاق بمؤسسات التعليم والتكوين، وفي الحصول على المنح الدراسية والأسبقية لولوج المناصب العمومية بإدارات الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية.

وفي هدا الاطار، أوضح محمد الغالي عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بقلعة السراغنة التابعة لجامعة القاضي عياض، في تصريح ل”الصحراء المغربية”، أن مشروع هذا القانون سيكون له وقع جيد على تحسين الوضعية الاجتماعية والمعيشية للأطفال اليتامى ضحايا زلزال الحوز المتمتعين بصفة مكفولي الأمة، مؤكدا أن تحويل صفة مكفولي الأمة إلى مشروع قانون 50.23، هو التفاتة ملكية إنسانية لدعم الأطفال ضحايا الزلزال.

وأفاد الغالي مدير مختبر الأبحاث القانونية وتحليل السياسات بجامعة القاضي عياض، أنه تم إعداد مشروع هذا القانون، الذي جاء متضمنا لثلاث مواد، من أجل تمديد الأحكام المتعلقة بالحقوق المنصوص عليها في القانون رقم 33.97 المتعلق بمكفولي الأمة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.99.191 بتاريخ 25 غشت 1999، باعتباره النص المؤطر، لتشمل الأطفال ضحايا زلزال الحوز المتوفرة فيهم شروط التمتع بصفة مكفولي الأمة.

وحسب الغالي، فإن مقتضيات قانون رقم 50.23 أضاف الأطفال اليتامى ضحايا زلزال الحوز إلى قائمة المتمتعين بصفة مكفولي الأمة، مبرزا أن مفهوم الكفالة هنا يعني بأن الدولة تتحمل أعباء هؤلاء الاطفال من خلال تقديم مختلف الخدمات اليهم ومساعدتهم على العيش الكريم، والقيام بدورها لتوفير شروط التنشئة السليمة للأطفال الذين فقدوا معيلهم نتيجة الزلزال الذي ضرب اقليم الحوز.

وأضاف عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بقلعة السراغنة، أن الخسائر البشرية التي خلفها زلزال الحوز، تتطلب مقاربة مصير الضحايا بصفة عامة والأيتام منهم بصفة خاصة، الشيء الذي يتطلب تنشئتهم في وسط أسري تنزيلا لمقتضيات الفصل 32 من الدستور، والذي نص على أنه تسعى الدولة لتوفير الحماية القانونية والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال، بكيفية متساوية، بصرف النظر عن وضعيتهم العائلية، الشيء الذي يتطلب مقاربة القوانين المنظمة لكفالة الأطفال والأيتام منهم بالمغرب وخاصة بعد إعلان جلالة الملك محمد السادس منح صفة مكفولي الأمة للأيتام من ضحايا هذه الكارثة الطبيعية.

وتابع المتحدث، أن فهم عقد الكفالة والآثار القانونية المرتبطة به يتطلب تحليل قواعد قوانين الكفالة بالمغرب، ولهذه الغاية يمكن القول أن الدولة تتولى من خلال مشروع القانون المصوت عليه من طرف مجلس النواب، رعاية الأطفال ضحايا زلزال الحوز من خلال تقديم مختلف الخدمات الأساسية إليهم ومساعدتهم على العيش الكريم، مشيرا إلى أنه عندما يصل هؤلاء الاطفال الى مستويات متعلقة بالتشغيل فإنهم سيحظون بكفالة ورعاية من خلال تخصيص نسب مهمة لهم بصفتهم من مكفولي الأمة.

وأوضح الغالي، أن كفالة الاطفال اليتامى ضحيا زلزال الحوز ، تدخل في اطار توجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ليؤكد على فضائل التضامن والتماسك المجتمعي التي يتميز بها الشعب المغربي، مشيرا الى أن هذه العملية تندرج في اطار التعاضد وتحقيق نوع من العدالة والإنصاف بالنسبة للمناطق التي تضررت من الزلزال، للسير دائما في نفس التوجه الذي تشتغل عليه المملكة المغربية وهو بناء مجتمع متلاحم ومتماسك قادر على التخلص من الفقر والإقصاء والهشاشة، وتكريس وتجسيد قيم التعايش المشترك والاعتراف والبنيان الواحد المرصوص الذي إذا اشتكى منه عضو يتداعى سائره بالسهر والحمى.

وأكد الغالي أن هذه المبادرة تجسد العراقة والأصالة بالنسبة لقيم التضامن في الدولة المغربية بصفتها أمة، مبرزا أن مفهوم الأمة لايمكن أن يستوي إلا إذا كان فيه تقاسم للآمال والآلام في الماضي والحاضر وفي المستقبل.

وخلص إلى أن الأمم التي استطاعت أن تصمد وتضمن صلابتها ودوامها واستمراريتها هي الأمم التي تتوفر على شعب متضامن متماسك يتقاسم الآمال والآلام، مؤكدا أن كل التقارير الدولية سواء بالنسبة للمنظمات الحكومية أو غير الحكومية أجمعت على أن الدولة المغربية تمكنت من تجاوز الآثار المدمرة لزلزال الحوز بسرعة بفضل ملحمة التضامن التي عبر عنها الشعب المغربي.

تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News
زر الذهاب إلى الأعلى