سلسلة “لعبة الحبار”.. سباق المفلسين يصير أكثر شراسة عبر تلفزيون الواقع

بينما يطول انتظار الموسم الثاني من سلسلة “لعبة الحبار” على منصة نيتفليكس، صدرت سلسلة “لعبة الحبار.. التحدي” بصيغة تلفزيون الواقع (22-11-2023) وهي تستلهم السلسلة وتستخدم نفس أيقوناتها ومعاييرها السردية والبصرية لجعل التنافس مرئيا.

في مطلع الحلقة الأولى، تغني الدمية، فيجري المرشحون المفلسون للظفر بالملايين. تسكت الدمية، فيتوقفون فجأة، وهذا ليس سهلا. هذا التحدي الأول حسي حركي. هو اختبار لكيف يستطيع الفرد التوقف في اللحظة المناسبة.

لو هذا المرشح يدري لكان توقف مسبقا عن الاستدانة.

انتشر هذا المطلع بشكل غير مسبوق، فبلغ زمن مشاهدات الموسم الأول من سلسلة “لعبة الحبار” بعد شهر من عرضها على منصة نيتفليكس في نهاية 2021 أكثر من ملياري ساعة مشاهدة، أي ما مجموعه مليون سنة.

إذا موْقعنا رقم مشاهدات سلسلة “لعبة الحبار” في التاريخ البشري فستعود بنا إلى زمن ما قبل اكتشاف النار. وهذا يعطي فكرة مذهلة عن نجاح المسلسل، الذي يكثف محنة البشر مع النقود وهي وقود الزمن.

السلسلة الجديدة أشبه بكأس العالم للغارقين في الديون بسبب السلوك الاستهلاكي. اقترضوا ليشتروا الكماليات، والنتيجة: الدّين ذل بالنهار وهَمّ بالليل.

واقوى حلم في العالم لمن يعيش هذه الوضعية هو التخلص من الديون.

ما هو الثمن؟

المشاركة في سباق حمرا خضرا.

البداية بالسباق، من لا يتمتع بمهارة حس حركية للتحكم في جسده يقتل.

هكذا يدفع المرشحون من عمرهم لتعويض شراء حاجيات لم تكن ضرورية.

لكي يتم تعميم التجربة تمت عولمة “لعبة الحبار”. جاء المشاركون من دول مختلفه، برازيليون وهنود وإيرانيون وأمريكيون… والجائزة بالدولار وليس بالعملة الكورية.

لا يوجد متسابق مغربي، على الرغم من أن ديون الأفراد تبلغ 40 مليار دولار في المغرب.

إن الوضع الاقتصادي العالمي حاليا هو الذي يوفر السياق والمصداقية للسلسلة. فبسبب الأزمة والغلاء والتضخم وتراكم الديون وتعذر الدفع يشعر المشاهدون بأنهم معنيون بالسلسلة التي تخاطبهم وتشرح مشاكلهم، وهذا شرط كل فن حقيقي.

يأتي المال بصعوبة ويذهب بسرعة، وهو ما يفسر مشاكل البشر في كل مكان. يختلف البشر على أشياء كثيرة؛ لكن حين يصل الحديث إلى النقود يعود كل فرد إلى حدوده وحقيقته… هنا يصير البشر على دين واحد حسب فولتير.

جاء المشاركون في الحلقات الجديدة وهم على عِلم بوقائع الموسم الأول. الجديد هو تغيير الصراع من مواجهة المنظمين إلى تغييبهم. صار الهدف في الحلقات الجديدة هو استهداف المشاركين الآخرين لإقصائهم، وهذا يرفع التشويق بشكل غير مسبوق.

العنف البيني أكثر حدة.

ينبع التشويق من كسر المتوقع، من المفاجآت. توقع المتنافسون لعبة شد الحبل التي تعتمد على العضلات. لذلك، وقع التسابق لضم رجل إفريقي لاستغلال عضلاته؛ لكن حين انكشفت اللعبة اتضح أنها تتطلب استراتيجيات عقلية لا عضلات مفتولة…

لمنح عمق للقطات يخضع المرشحون لاستجوابات تكشف السياقات التي جاؤوا منها. مثلا هذا لاعب كرة سلة أمريكي كلف زوجته في أيام مجده بإدارة ثروته وحين تقاعد غرق في الديون، علمته الديون التواضع. وقد جاء لكي يقامر بحياته ليربح جائزة لعبة الحبار. جاء ليتنافس ويتفوق لكي تكون لديه بطاقة بنكية ذهبية ليشتري كل ما يريده.

أضيفت أيضا مسابقة الأشغال المنزلية ضمن مجالات التنافس بين المشاركين في لعبة الحبار. يجد ذاك الشخص، الذي يلعب رقم 10 في المنزل، نفسه مضطرا إلى تقشير الجزر. خيزو. سيكون المطبخ وخيزو سببا للإقصاء والفناء.

بعد كل لعبة يحتفل الناجحون بنجاتهم، ولا يعدون عدد الذين قتلوا. كل ميت يساوي عشرة آلاف دولار، تضاف إلى الحصالة المعلقة فوق الرؤوس ككوكب ذري مضاء بالدولار. بمجرد إقصاء أي مرشح يكثر من يرثيه. يوجد هذا في “فيسبوك” أيضا.

هكذا، تلتقط السلسلة مشاكل العصر بأناقة وتكثيف عال مسلي ومحذر من خطر الديون. وهذا درس للأفراد والدول.

تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News
زر الذهاب إلى الأعلى