“الدعم المباشر”.. حلم ملايين الأسر المغربية يواجه تحدي التمويل والاستمرارية

باتت حكومة عزيز أخنوش قاب قوسين أو أدنى من تحويل حلم ملايين الأسر المغربية المعوزة في الحصول على دعم مالي مباشر من الدولة إلى حقيقة بعدما صادقت في اجتماعها الأسبوعي، المنعقد الخميس، على المراسيم الخاصة به.

وبدا رئيس الحكومة سعيدا وهو يعلن في المجلس الحكومي عن الانتهاء من إعداد منصة رقمية ستكون “متاحة للمواطنين، حيث يمكن، ابتداء من 2 دجنبر، للراغبين في الاستفادة من الدعم الاجتماعي المباشر، والمستوفين شرط عتبة الاستفادة، التسجيل في هذه المنصة من ‏أجل الحصول على مبلغ الدعم ابتداء من نهاية دجنبر”، احتراما للأجندة الزمنية التي حددها الملك محمد السادس لبداية توصل الفئة المستحقة للدعم المباشر.

وسجل أخنوش أن الحكومة عكفت على إعداد الإطار العملي والميزانياتي لهذا البرنامج، الذي يعتبر “تجسيدا لمضامين البرنامج الحكومي، حيث يتواصل عمل مختلف القطاعات الحكومية المعنية لتنزيل مختلف التدابير والإجراءات الكفيلة ‏بإنجاح هذا الورش التاريخي، وصرف التعويضات المالية المباشرة للمواطنين المستوفين شروط الاستفادة قبل نهاية السنة ‏الجارية، في احترام تام للأجندة التي حددها الملك”.

وتمثل هذه التصريحات والخطوات التي أنجزتها الحكومة رسالة واضحة على “جاهزيتها” التامة لإنجاح هذا الورش الملكي المهم، غير أن هذا لا يمنع بعض المراقبين والمتابعين من إثارة بعض التحديات الجدية التي يرتقب أن تواجه التنزيل الفعلي والعملي للدعم المباشر.

المحلل والخبير الاقتصادي عبد الخالق التهامي أوضح، في تصريح لجريدة جريدة النهار الإلكترونية، أن الصعوبات المحتمل أن تواجهها عملية توزيع الدعم المباشر تتعلق بـ”طبيعة المستفيدين أولا من هذا الدعم وعتبات الاستفادة وتحديد المستحقين له”، مضيفا أن هذا الأمر “قد يبدو واضحا أو سهلا على المستوى النظري، لكن على المستوى العملي ستواجه هذه العمليات مجموعة من الصعوبات والتحديات”.

وأوضح التهامي أن “الإشكالية المرتبطة بالفئات المستهدفة من الدعم إشكالية عالمية معروفة”، لافتا إلى أنه من الممكن أن تعتري هذه العملية “صعوبات أيضا على مستوى التمويل، غير أنه بالنسبة للسنوات الأولى إلى غاية سنة 2026، لن يكون الإشكال المرتبط بالتمويل مطروحا أبدا”.

واستدرك قائلا: “بعد هذه المرحلة الأولية، وعلى المدى المتوسط أو البعيد، من الممكن أن تصطدم عملية توزيع الدعم المباشر للمستهدفين بمشكل ديمومة التمويل، لكن كما سبق أن قلت فإن هذا المشكل ليس مطروحا على المدى القريب”، في إشارة واضحة منه إلى أن ضمان استدامة توجيه الدعم المباشر لمستحقيه في السنوات المقبلة يبقى تحديا كبيرا.

من جهته، أفاد عثمان مودن، رئيس منتدى الباحثين بوزارة الاقتصاد والمالية، أن الدعم الاجتماعي المباشر “فرض ضرورة إعادة تحيين المعطيات المالية، حيث سينضاف مبلغ مالي إلى التكلفة المالية التي ستتحملها ميزانية الدولة برسم الحماية الاجتماعية، قيمتها حوالي 11 مليار درهم برسم سنتي 2024/2025، و15 مليار درهم سنة 2026، لتصل تحملات ميزانية الدولة إلى 35 مليار درهم سنة 2024، وما يقارب 40 مليار درهم بداية من سنة 2026”.

وأبرز مودن، في تصريح لجريدة جريدة النهار الإلكترونية، أن التحدي الماثل أمام الحكومة في الوقت الراهن هو “إلى أي حد ستستطيع خلال السنتين المقبلتين توفير هذه الاعتمادات المتمثلة في 35 و40 مليار درهم، مع ضرورة ضمان استدامة آليات التمويل”.

وتابع قائلا: “صحيح أننا نتوفر على حساب مرصود لأمور خصوصية يسمى صندوق دعم الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي، الذي رصدت له منذ إحداثه مجموعة من الموارد، خصوصا في الثلاث سنوات الأخيرة، من أجل تمويل ورش الحماية الاجتماعية، وصحيح أن الحكومة حاولت أن تطور موارده من خلال بعض مقتضيات مشروع قانون المالية لسنة 2024 (المساهمة الإبرائية على الموجودات بالخارج، والرسم على الإطارات المطاطية)، غير أنه مع ذلك ستظل مسألة عدم كفاية الموارد قائمة”.

وزاد موضحا “سيظل مبلغ يتراوح ما بين 5 و8 مليارات درهم معلقا، تُجهل إلى حدود اللحظة كيفية تعامل الحكومة معه، وكيف ستوفره لضمان نجاح ورش الحماية الاجتماعية، خاصة في شقه المتعلق بالدعم الاجتماعي؟”، لافتا إلى أن التحدي الأول والأخير هو “تحدي التمويل واستدامته، وهل ستظل الحكومة رهينة الجباية كآلية للتمويل، أم أن لها بدائل أخرى خارجها في ظل الحديث عن إصلاح أو إلغاء صندوق المقاصة؟”، سؤال سيظل معلقا وحده الزمن كفيل بتقديم إجابة شافية عنه.

تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News
زر الذهاب إلى الأعلى