
وزارة المالية تكرّم عطاءات موظفات.. فتاح تعد بترسيخ “النوع الاجتماعي”
احتفاء سنوي متجدد بموظفات وزارة الاقتصاد والمالية أبتِ الأخيرة -التي تحمل حقيبتها امرأة لأول مرة في تاريخ المملكة- تفويت فرصة تنظيمه، مساء الجمعة، بمناسبة يومهنّ العالمي (الثامن من مارس)؛ فيما قالت نادية فتاح، وزيرة الاقتصاد والمالية بالمناسبة إنه “رغم الإنجازات مازالت عدة تحديات تعيق بلوغ المساواة الفعلية بين النساء والرجال، ويأتي في مقدمتها المستوى المنخفض لمعدل نشاط النساء ومحدودية ولوجهنّ إلى التمويل والأسواق، ما يشكل عائقاً أمام مبادراتهنّ المقاولاتية”.
الحفل الذي استقبله المدرج الكبير لـ”قصر المؤتمرات” بالصخيرات كرَّمَ نساءً موظفات من مختلف الرتَب والدرجات والمديريات والجهات، بصمْن طيلة مساراتهن المهنية متعددة التخصصات أداءَ واحدةٍ من أبرز الوزارات في الهندسة الحكومية، خاصة مع تداخل تحديات الأوراش الكبرى والإصلاحات الهيكلية بالبلاد.
وكعادتها كل عام قدّمت فتاح دروع الجوائز التي توزعتها ثلاث فئات: “جوائز التكريم” لموظفات قياديات شكّلن قدوة وساهمْنَ في إنجاح المشاريع، وأخرى خُصصت للمُبدعات من موظفات الوزارة، فضلا عن “جوائز الأمل” نظيرَ جهودهن طيلة مسار لأقل من 8 سنوات؛ وذلك اعترافاً وتقديراً لمساهمتهنّ ودورهن الفعال في رفع تحديات قطاع الاقتصاد والمالية وتجويد الخدمات.
“خطوات ملموسة”
في كلمتها بالمناسبة، أمام قاعة غصّت بمُديرين مركزيين ومسؤولين ومسؤولات من الوزارة ومديرياتها الاثنتي عشرة بمصالحها اللاممركزة، أعادت الوزيرة فتاح التأكيد على أن “مساهمة المرأة الفاعلة في المجتمع هي محرك رئيسي لتحقيق التقدم والازدهار، لأن تمكين المرأة يعزز من قوة الوطن واستدامته؛ وهو ما يدفعنا، كوزارة، إلى تجديد التزامنا بتعزيز إدماج النساء في كل مبادراتنا وبرامجنا”، مردفة بنبرة فخر: “أنجَزْنا خطوات ملموسة لتحقيق هذه الرؤية، من خلال مبادرات مبتكرة تهدف إلى تمكين المرأة من القيادة وتعزيز مهاراتها”.
واستناداً إلى هذا التوجه أضافت المسؤولة الحكومية أن وزارتها “تقُود مشروعاً وطنياً طموحاً بشراكة مع البنك الدولي تحت عنوان “الإدماج الاقتصادي للمرأة: رافعة للنمو والمساواة”، مبرزة أنه “يعكس رؤيتنا لتمكين المرأة المغربية كأولويّة، ويهدف إلى تحقيق تحول حقيقي في دورها الاقتصادي والاجتماعي”.
وتعهدت الوزيرة بـ”التزام قطاع الاقتصاد والمالية بدعم المرأة وتمكينها، ومواصلة العمل على تنفيذ الخطة الحكومية الثالثة للمساواة، التي ترمي إلى تعزيز الإدماج الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للمرأة، وتوسيع مشاركتها في سوق الشغل، وتيسير ولوجها إلى مناصب المسؤولية”.
ميزانية النوع الاجتماعي
كما تلتزم الوزارة، وفق ما أفادت به فتاح، بـ”ترسيخ مقاربة النوع الاجتماعي في السياسات العمومية من خلال آلية الميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي؛ حيث يضطلع مركز الامتياز الخاص بميزانية النوع الاجتماعي بمهمة مواكبة القطاعات الوزارية والمؤسسات، لضمان إدراج مقاربة النوع الاجتماعي في تدبيرها الميزانياتي، مع تعزيز آليات المساءلة ذات الصلة، وتزويدها بالأدوات والمهارات الضرورية لتمكينها من تبني هذه المقاربة بفعالية”.
ويعمل المركز على “تطوير منصة رقمية لتدبير المعارف والتكوين عن بُعد، لتشكل مرجعًا وطنيًا وإقليميًا ودوليًا في مجال الميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي، بما يسهم في تكريس مبادئ العدالة والمساواة بين الجنسين على مختلف الأصعدة”.
وأضافت الوزيرة شارحة جهود الوزارة في مجال التكوين: “نعمل على مواصلة تطوير برامج التكوين التي تهدف إلى تعزيز قدرات المرأة، وتمكينها من الأدوات اللازمة لتحقيق النجاح والتطور في مسارها المهني. وفي هذا السياق نؤكد على أهمية الشراكة مع مختلف الفاعلين الوطنيين والدوليين؛ إذ عملت الوزارة، بالتعاون مع ‘هيئة الأمم المتحدة للمرأة’، على تنفيذ مشروع طموح لإعداد دورات تدريبية مخصصة لموظفات الوزارة، من خلال تقييم وتحسين العروض التدريبية الحالية، واقتراح برامج تتماشى مع احتياجاتهنّ المهنية”.
وختمت وزيرة المالية كلمتها متوجهة بالشكر والتقدير “لكلّ النساء المغربيات ونساء الوزارة على الخصوص، على عطائهن وإسهاماتهنّ القيمة في مختلف المجالات؛ سواء داخل أسرهن أو في مواقع العمل”.
أرقام تسعى إلى المناصفة
لم تخل فعاليات الحفل من عرض شريط مؤسساتي قصير يسلط الضوء على منجزات ومجهود وزارة الاقتصاد والمالية في مجال النهوض بالمساواة بين الجنسيْن، خاصة في المديريات والمصالح التي تُحصي قرابة النصف من موظفيها من الإناث، مقتربةً بذلك من تحقيق مبدأ “المناصفة”، المنصوص عليه دستورياً والملتزَم به دولياً.
وحسب معطيات رسمية قُدّمت من طرف وزارة الاقتصاد والمالية فإن “التزامها مستمر بمقاربة النوع الاجتماعي من خلال تمثيلية النساء بـ 42 في المائة من إجمالي موظفيها (8056 موظفة)؛ 76 في المائة منهن يعملن بمصالح غير مُمركزة ويتركّزن أساسا بجهات الرباط والدار البيضاء؛ بينما بلغت توظيفات جديدة لكفاءات نسائية نسبة 50 في المائة”، وسط نسبة “تأطير لدى النساء” تقدّر بـ57 في المائة.
يشار إلى أن الحفل تخللته لحظات مميزة – تحت تصفيقات الحاضرين- من خلال تتويج الفائزات بجائزة “المرأة المتميزة” ضمن فئتي “التكريم” و”الأمل”، التي تهدف إلى تشجيع الإبداع والتميز في صفوف الموظفات، إذ تم تكريم عدد من النساء اللواتي تميزن في مساراتهن المهنية وأظهرن إرادة قوية في تجاوز التحديات وتحقيق النجاح، تقديرا لعطائهنّ ومثابرتهن داخل الوزارة.
كما عرفت فئة “المرأة المبدعة” تتويج أربع موظفات في مجالات متنوعة، تضم “فنون الرسم والأدب والموسيقى والديكور”.
وبحسب القائمين عليه فإن الحفل، الذي صار طقساً سنوياً، يعد “تأكيدًا على التزام وزارة الاقتصاد والمالية بجعل النوع الاجتماعي عنصرا محوريا في دينامية الإصلاح وتحديث الإدارة، وترسيخ ثقافة الاعتراف بالإبداع والتميز داخل القطاع”.