“جيتيكس إفريقيا” يناقش استثمار الرقمنة في تجويد الخدمات العمومية

في إطار فعاليات النسخة الثالثة من معرض “جيتيكس إفريقيا” المنظم بمدينة مراكش، ناقش مسؤولون حكوميون وخبراء جوانب معمقة من علاقة الثورة التكنولوجية وتقنياتها المتطورة بمجال الخدمات العمومية التي تقدمها الدولة لفائدة المواطنين، فضلا عن مسؤولياتها في تأمين التبادل المؤسساتي للبيانات.

وتطرق هؤلاء المسؤولون الحكوميون والخبراء، ضمن لقاء مفتوح أمس الإثنين، لضرورات تعزيز البنية التحتية الرقمية على مستوى كل دولة، وكذا سبل تطويع التقنيات المتطورة بغرض ضمان خدمات ذات جودة لفائدة المواطنين والمقاولات، مع تأكيدهم على أهمية تحديث الإطار القانوني المُسْبق والمصاحب لأي تحول أو انتقال رقمي.

خدمات مرقمنة

قالت أمل الفلاح السغروشني، وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة: “نطمح إلى إدارة موثوقة، أكثر كفاءة شفافية وقربا من المواطنين، على أساس أن تكون قريبة منهم لتلبية حاجياتهم”.

وأكدت السغروشني، ضمن اللقاء ذاته، أنه “جرى، إلى حدود اليوم، رصد عدد كبير من الخدمات الرقمية التي طورتها الإدارات العمومية في المغرب وفي مختلف القطاعات، إذ إن معظمها موجه إلى تلبية حاجيات المواطنين والمقاولات أيضا؛ في حين أن بعضها يهدف إلى تحسين مردودية وأداء الإدارات على المستوى الداخلي”.

كما لفتت وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة إلى أن “عملية الرقمنة بالمغرب تشهد زخما متزايدا؛ وهو ما يتمثل في تطور مركزه ضمن مؤشر الحكومة الإلكترونية “إدجي 2024” بحوالي 11 مركزا، وسط طموح تحسين هذا الترتيب في المستقبل القريب”، مستدركة: “على الرغم من هذا التقدم فإنه توجد تفاوتات بين القطاعات في مدى توفر الإدارات المحسوبة عليها على القدرات اللازمة لتنفيذ مشاريع رقمية واسعة النطاق”.

وشرحت الوزيرة في حكومة عزيز أخنوش أن “استراتيجية المغرب الرقمي 2030 تركز على تنفيذ مشاريع تهدف إلى تبسيط ورقمنة الخدمات العمومية، مع ضمان موثوقيتها والتزامها بالمعايير، فضلا عن تعزيز الاقتصاد الرقمي؛ وعلى رأسه المقاولات الناشئة والمؤسسات العاملة في هذا المجال”.

وحاولت السغروشني كذلك التذكير بـ”عدد من التحديات المطروحة اليوم في هذا الجانب؛ بما فيها ضمان جودة وامتثال الخدمات العمومية الرقمية وبناء بيئة رقمية ترتكز على التبادل الآمن للبيانات بين الإدارات، مع العلم أن المغرب يولي أهمية كبرى لاحترام المعايير المعمول بها في هذا الجانب وأمن البيانات وخصوصية المواطنين”.

التعاون في الرقمنة

قالت هاجر الحداوي، خبيرة في مجال التكنولوجيا والابتكار، إنه “لا يمكن التخطيط للتحول الرقمي بمعزل عن التشاركية والتنسيق بين كافة المتدخلين، سواء تعلق الأمر بالحكومات فيما بينها أو القطاعين العام والخاص”.

وأكدت الحداوي، ضمن كلمتها بهذه المناسبة، أنه “قد تختفي 39 في المائة من القوى العاملة أو المهارات الموجودة اليوم على مستوى سوق الشغل بعد خمس سنوات”، مسجلة الحاجة إلى “استخدام التكنولوجيا الجديدة في دعم الحكامة وتطوير المهارات داخل عدد من القطاعات الحكومية، في ظل وجود فجوة في الجوانب القانونية والتنظيمية في هذا الجانب”، داعية إلى “إرساء أسس تعاون جنوب ـ جنوب بين الدول الإفريقية في كل ما يتعلق بالرقمنة والإدارة”.

في سياق متصل، أوضحت الخبيرة “أهمية تعزيز البنية التحتية الرقمية باعتبارها عنصرا مساهما في تعزيز الصمود الوطني في هذا الجانب، مع استحضار كون بناء القدرات يظل أمرا حاسما في تطوير الكفاءات العالية، وبالنظر كذلك إلى أننا نعيش في عصر يتسم بالتغير التكنولوجي السريع والمتطور”.

حوار عابر للحدود

لم يقتصر نقاش الموضوع على المتدخلتيْن السابقتين فقط؛ بل كانت لستيفان شنور، وزير الدولة للشؤون الرقمية والنقل بألمانيا، مداخلةٌ مفصلة في هذا الإطار أكد خلالها أن “كل دولة من دول الاتحاد الأوروبي لا تزال تحتفظ بإجراءات إدارية من الزمن السالف، مع وجود أخرى كاستونيا عملت على إنشاء أنظمة جديدة بالكامل خاصة بها، لا سيما في مجال توفير الخدمات العمومية”.

وقال شنور: “على مستوى ألمانيا، توجد اختلافات في إدارة البيانات وأنظمة تكنولوجيا المعلومات من ولاية إلى أخرى؛ الأمر الذي يوجب علينا جمع هذه الأنظمة في نظام واحد ورقمنة جميع الخدمات العامة”.

وزاد المتدخل عينه: “من بين الأخطاء التي ارتكبناها في أوروبا هي بناء أنظمة معقدة للغاية عوضا عن التركيز على الحلول المعيارية، فضلا عن استخدام القليل من البرمجيات مفتوحة المصدر؛ فمن المهم في الوقت الراهن أن نقول بأنه يمكننا أن نتعلم من الدول الإفريقية، ومن دول أخرى شرعت للتو في رقمنة خدماتها الحكومية”.

وأكد وزير الدولة للشؤون الرقمية والنقل بألمانيا، أيضا، ضمن مداخلته، أن “الحوار بين أوروبا وإفريقيا بخصوص موضوع الرقمنة وتبادل أفضل الممارسات أمر في غاية الأهمية”.

Exit mobile version