
من “كيب” إلى “أورانيا”.. مطالب الانفصال تزحف داخل جنوب إفريقيا
في وقت تدافع جنوب إفريقيا عن المطالب الانفصالية لجبهة البوليساريو في الصحراء تتنامى في عمق ترابها حركات انفصالية تنذر بتفكك داخلي صامت، وسط تحرك قيادات هذه الحركات من أجل حشد الدعم الدولي لمطالبها بإقامة دويلات مستقلة في هذا البلد الإفريقي، الذي تواجه حكومته اتهامات أمريكية بالتضييق على المكون الأبيض وإعادة تأسيس نظام فصل عنصري جديد في البلاد.
بعد كيب الغربية، التي أشهرت ورقة الانفصال في وجه بريتوريا بدعوة الإدارة الأمريكية الجديدة إلى دعم هذا المطلب، الذي يستند إلى شعور بالتهميش الاقتصادي والتميّز الثقافي، تسعى منطقة “أورانيا” في محافظة كيب الشمالية هي الأخرى إلى الاستقلال عن السلطات المركزية، وهو ما يضع جنوب إفريقيا أمام تحديات داخلية كبيرة ناجمة عن تنامي الطموحات الانفصالية التي يرفضها الحزب الحاكم، في تناقض صارخ مع مواقفه الخارجية.
في هذا الصدد زار منظرو فكرة استقلال “أورانيا”، أو من يُسمون “الأفريكانز البيض”، الولايات المتحدة الأمريكية سعيًا إلى الاعتراف بهم ككيان مستقل، حسب ما أفادت به وكالة “رويترز”، التي أكدت أن هذه الفكرة تحظى بتأييد واسع في صفوف السياسيين الأمريكيين، خاصة من اليمين المتطرف.
وأكد جوست ستريدوم، زعيم حركة أورانيا، الذي التقى بسياسيين من الحزب الجمهوري وأكاديميين في الولايات المتحدة الأمريكية، أن الحركة تبحث في الوقت الحالي عن دعم واشنطن، معتبرًا أن “جنوب إفريقيا بلد متنوع للغاية، لذلك ليس من الحكمة أن تتم إدارته مركزيًا”، وسط اتهامات للحركة بإذكاء التوترات العرقية.
في هذا الصدد أفاد كريسبن فيري، المتحدث باسم وزارة الخارجية في بريتوريا، في تصريح لوكالة “رويترز”، بأن “أورانيا ليست دولة، إنها تخضع لقوانين جنوب إفريقيا ودستورها”، مشيرًا إلى إصدار عدد من التشريعات التي تهدف إلى “إعادة بناء البلاد لتمثل جميع من يعيشون داخلها”.
من جهته اعتبر حزب “مقاتلو الحرية الاقتصادية” اليساري في جنوب إفريقيا مطالب إنشاء دولة في هذه المنطقة بمثابة سعي إلى تدمير هذا البلد، فيما أكد كاريل بوشوف، القائد السابق لحركة “أورانيا”، تطلع مجتمعه إلى الاستقلال، وقارن هذا الطموح بـ”ما حدث مع تأسيس دولة إسرائيل بعد الحرب العالمية الثانية، رغم المقاومة الشديدة من العرب في المنطقة”.
ويدفع “الأفريكانز البيض” بالحق في تقرير المصير لتبرير هذه المطالب الانفصالية، وبالدستور الجنوب إفريقي نفسه الذي تؤكد مادته الـ235 على أن “حق شعب جنوب إفريقيا كله في تقرير مصيره، كما يتجلى في الدستور، لا يحول دون الاعتراف بفكرة حق تقرير المصير لأي مجتمع يتقاسم إرثا حضارياً ولغوياً مشتركاً، داخل حدود أي وحدة جغرافية من أراضي الجمهورية، أو بأي صورة أخرى تحددها التشريعات الوطنية”.