“التسوية الطوعية” تَخفض حاجة البنوك إلى السيولة بداية عام 2025

في إشارة دالة أكدت توقعات سابقة أشار تقرير السياسة النقدية، المستعرَض أمام الاجتماع الفصلي الأول (برسم 2025) لأعضاء مجلس بنك المغرب، إلى “تحسّنٍ طفيف” عرفه مستوى الأوضاع النقدية، مسجلا “انخفاض حاجة البنوك إلى السيولة إلى 128,7 مليار درهم، في المتوسط، في شهريْ يناير وفبراير بداية العام الجاري، خاصة إثر تراجع حجم النقد المتداول المرتبط بالأساس بعملية التسوية الطوعية للوضعية الجبائية للأشخاص الذاتيين”، المنتهية متم دجنبر المنصرم.

ويُتوقع وفقا لبيانات محينة طالعتها جريدة النهار في تقرير السياسة النقدية أن لا يستمر هذا الوضع طويلا، إذ من المرتقب أن “ترتفع الحاجة للسيولة النقدية، من جديد، لتصل إلى 143 مليار درهم بنهاية 2025 وإلى 162 مليارا بنهاية 2026”.

وبينما أبرزت آفاق السياسة النقدية حدوث “تطور مرتقب للنشاط الاقتصادي وتوقعات القطاع البنكي” فإن وتيرة ودينامية الائتمان البنكي (الإقراض) ينتظر أن تشهد “وتيرة نمو بتسارع قوي”، حسب توصيف الوثيقة، خاصة في شق القروض الممنوحة للقطاع غير المالي (الأسر والمقاولات)، منتقلة من نسبة نمو 2,6% في 2024 إلى 5,9% في 2025، ثم إلى %6 في 2026.

أما “سعر الصرف الفعلي الحقيقي” فمن المتوقع أن يرتفع، بدوره، بنسبة 0,8% في 2025، قبل أن يعرف شبه استقرار السنة القادمة؛ في حين “سيعوّض الفارق بين التضخم المحلي ونظيره لدى الشركاء والمنافسين التجاريين الرئيسيين ارتفاعَ القيمة الاسمية للدرهم”.

ائتمان يتباطأ

في مقابل “ارتفاع متسارع” سجلته الكتلة النقدية (م3) التي ختمت السنة الماضية بـ 8 في المائة، بَدل 3 في المائة متم 2023، فإن “التسارع في المعروض النقدي هو نتيجة ارتفاع الأصول الاحتياطية الرسمية للمغرب بنسبة 4.4% بعد أن كانت 3.6% في الربع الثالث (2024)، مع استقرار معدل نمو صافي الديون على الحكومة المركزية عند 8.7% في ظل تباطؤ معدل نمو الائتمان البنكي من 4.8% إلى 4.4%”.

وعلى وجه الخصوص أوردت وثيقة تقرير السياسة النقدية للبنك المركزي المغربي أن “الائتمان المقدَّم إلى القطاع غير المالي تباطأ من 3.3% إلى 2.6%”؛ ما يعكس “تباطؤ النمو في القروض المقدمة إلى المؤسسات العمومية (7.3%، بعد أن كانت 14.5%) وإلى المؤسسات الخاصة (0.6%، بعد أن كانت 1.4%)”، لافتة إلى “عدم حدوث أي تغيير تقريبًا في نمو القروض المقدمة إلى الأسر لتستقر النسبة عند (1,7%)”.

وفي تفاصيل قروض الأسر المغربية أبانت أرقام التقرير الرسمي ذاته مواصلتها مسارها نحو “مزيد من الانخفاض” في القروض الممنوحة لفئة “المقاولين الأفراد”، من 1.2% إلى 3.8%.

في المقابل شهدت القروض الممنوحة للأفراد (الخوّاص particuliers)، “استقراراً” في وتيرة نموها بنسبة 2.1%، مع “ارتفاع بنسبة 1.5% في القروض الاستهلاكية، وبـ1.6% في قروض السكن والعقار”.

حسب فروع النشاط

حسب فروع النشاط الاقتصادي أكدت معطيات الوثيقة “ارتفاع الإقراض بنسبة 12.2% في قطاع التعدين واستغلال المقالع، وبنسبة 6.7% في قطاع الكهرباء والغاز والمياه، وبنسبة 3.6% في قطاع البناء والأشغال العامة”. وعلى العكس سارت القروض إلى انخفاض “لافت” بنسبة 12.9% في قطاع “الفنادق والمطاعم”، وبنسبة 2.7% في قطاع “التجارة وإصلاح السيارات والسلع المنزلية”، وبنسبة 14.1% في قطاع “صناعات النسيج والملابس والجلود”.

بين “المتعثرة والمستحَقة”

وفي تطور لا يقل أهمية سجل تقرير السياسة النقدية “ارتفاع القروض المتعثرة” بنسبة 2.4%، بينما انخفضت نسبتُها إلى “القروض البنكية المستحقة” إلى 8.3%.
وزاد المصدر الرسمي نفسه مؤكدا “ارتفاع القروض متعثرة الأداء بنسبة 5.9% في صنفها الخاص بالأسر، مقابل بقائها مستقرة تقريبًا بالنسبة للشركات الخاصة غير المالية، إذ بلغت نسبتها 10.4% و12.5% على التوالي”.

يشار إلى أن أحدث البيانات المتاحة عن شهر يناير 2025 تُظهر نموًا سنويًا في الائتمان البنكي بنسبة 4.1%، ما يعكس “زيادات بنسبة 3.3% في القروض المقدّمة إلى القطاع غير المالي وبنسبة 8.3% في القروض المقدمة إلى صنف ‘الشركات المالية’”، حسب المصدر ذاته.

وعلى “أساس سنوي” سجلت بيانات “المركزي المغربي” تباطؤ نمو الائتمان لفائدة القطاع غير المالي إلى 2.6% بعد 2.8% عام 2023، مفسرا ذلك بـ”وضع يعكس التباطؤ في معدلات النمو في الإقراض إلى المؤسسات العامة من 29.6% إلى 7.3%، ومعدلات الإقراض للشركات الخاصة من 2% إلى 0.6%”؛ في حين أن الإقراض للأسر ارتفع، سنوياً، بنسبة 1.7% بعد انخفاضه بنسبة 0.7%.

Exit mobile version