الجواهري يدافع عن خفض سعر الفائدة ويثمن قرار عدم نحر الأضاحي

بشدة دافع والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، عن قرار مجلس البنك خفض سعر الفائدة الرئيسي إلى 2,25 في المائة، معتبرا أنه “يستند إلى الهدف الذي تنبني عليه إحدى المهمات الأساسية للبنك المركزي، وهي ضمان استقرار الأسعار”، ومؤكدا أن القرار “تُحيط به معطيات ومتغيرات أساسية أهمّها تباطؤ وتيرة التضخم من 6,1 إلى 0.9 في المائة”، مع “توقعات بخصوص السنة الجارية والسنة القادمة تتمحور حول حصره في معدل 2%، سواء بالنسبة للتضخم كلياً أو لمكوّنه الأساسي”.

وأضاف الجواهري، خلال اللقاء الصحفي الذي أعقب الاجتماع الفصلي الأول لمجلس البنك سنة 2025، أن “مؤشرات المالية العمومية المُشجعة، وتجديد التزام الحكومة بضمان توازنها واستدامتها، مع قرب إخراج تعديلات القانون التنظيمي للمالية؛ فضلا عن البرمجة الميزانياتية للسنوات الثلاث، كلها عوامل تدفع في اتجاه الخفض واعتماد سياسة نقدية ميسَّرة تدعم النشاط الاقتصادي والتشغيل”.

كما استعرض المسؤول ذاته مؤشرات مشجّعة إضافية، تتمثل في أن “احتياطيات الصرف بدورها تظل مُريحة بـ5 أشهر ونصف الشهر من واردات السلع والخدمات”، مستحضرا أن “مداخيل الأسفار والسياحة وتحويلات الجالية، ومداخيل الاستثمار الأجنبي المباشر، هي في مستوى تحسُّن مستمر وثابت”، مع “نمو يتجاوز 4% في قيمة القطاعات غير الفلاحية”.

الإحساس بالتضخم

وبخصوص استمرار إحساس المواطنين بغلاء بعض مكونات سلّة الغذاء ردّ والي بنك المغرب بأنه “من المعلوم في الأدبيات الاقتصادية، بل وحتى الممارسة، أن هناك فرقا بين أرقام انخفاض التضخم المعلنة وأرقام ما يُعرف بالتضخم الملموس لدى المستهلك، ضمن مؤشرات تحتسب مكونات المواد الأكثر استهلاكاً”.

في سياق متصل رفضَ الجواهري التعليق على سياسة استيراد اللحوم الحمراء لتخفيض الأسعار في السوق المحلية، معتبرا تقييمَ ذلك “اختصاصاً وشأناً حكوميا خالصًا”؛ قبل أن يثمّن القرار الملكي بعدم إقامة شعيرة ذبح الأضاحي هذه السنة، واصفاً إياه بأنه “قرار في محله”.

وأجمل المتحدث شارحًا بأن الضغوط التضخمية الحالية قد تكون ناشئة في جزء كبير منها عن “صدمة عرض خاصة بالنسبة للمواد الغذائية؛ وهو ما قد يدفع إلى استيراد بعض المواد لتوسيع العرض وضمان توازنه مع الطلب”.

مواكبة المقاولات الصغيرة جدا

بعد وضعه آلية وبرنامجا محدّدا وجديدًا لدعم التمويل البنكي للمقاولات الصغيرة جدًا، من خلال “إعادة تمويل البنوك المشاركة بسعر فائدة تفضيلي يساوي سعر الفائدة الرئيسي ناقص 25 نقطة أساس”، كشف والي بنك المغرب، خلال الندوة ذاتها، عن “استئناف اجتماعاته ثلاثية الأطراف مع البنوك والاتحاد العام لمقاولات المغرب، بعدما كانت توقفت بسبب كوفيد-19، في وقت مبكر من الشهر المقبل، أو خلال النصف الأول من هذا العام على أقصى تقدير، لمناقشة وتدارس معمقيْن لجميع القضايا المتعلقة بهذه الفئة من المقاولات التي تهيمن على معظم النسيج الوطني الاقتصادي”.

في سياق متصل أوضح والي البنك المركزي المغربي، متفاعلا مع سؤال لجريدة جريدة النهار، أن “الهدف يبقى واحداً وفي المجرى نفسه بخصوص إجراءات مواكبة المقاولات الصغرى”؛ غير أنه استدرك بأن “لمجلس البنك استقلاليته في القرار عن الحكومة واختصاصاته وفق المهام المنوطة به دون تدخُّل أي طرف في عمل الآخر”، مضيفا: “في قرارات المجلس نأخذ في الاعتبار سياسات وتحركات الحكومة”، وزاد أن التعامل في شأن دعم التمويل البنكي للمقاولات، بين البنك المركزي و”تمويلكم”، “خاضع لوصاية وزارة المالية رغم عمل كل مؤسسة ضمن مهامّها”، لافتًا إلى أن “نقاش التفاصيل يراعي الإكراهات التقنية”.

كما قال الجواهري، مجيبا عن أسئلة الصحافيين في الموضوع، إن “مواكبة المقاولات الصغرى جدا والصغرى من مهامّنا في بنك المغرب أيضا إلى جانب ما قامت به الحكومة وأعلنته من خلال خارطة طريق للتشغيل…”، معتبرًا “الأمر الأكثر إلحاحًا للإعلان عنه هو معدل سعر الفائدة التفضيلي؛ وهو ما يخص مجلس البنك”.

وأردف المتحدث بأن “اجتماعات جارية في الفترة الحالية تهمّ أساساً مراجعة مساطر وإجراءات البنوك لتسهيل عمل وتمويل المقاولات الصغرى جدا؛ مع دور جد مهم من مؤسسة ‘تمويلكم’ لنقاش وتحديد نسبة ومعدلات الضمان المركزي للقروض، وإلى أيّ حد يمكنها أن تصل، فضلا عن قيمة الدعم الممنوح وحالاته… كل هذا قيد المناقشة… “، مستحضرا بتنويهٍ كبير “الالتزام الذي عبّره عنه فاعلو القطاع البنكي في المغرب خلال اجتماع عُقد يوم 6 مارس، بخصوص دعم وتبسيط إجراءات تمويل هذه الفئة من المقاولات؛ من خلال هياكل الدعم التابعة للبنوك الرئيسية، على وجه الخصوص، مع التأكيد على طلب البنك المركزي المستمر للتعبئة لصالح هذه الشركات التي تمثل 80% من النسيج الوطني لريادة الأعمال، ليس فقط خلال مرحلة بدء العمل والإنشاء، بل أيضًا خلال تطورها”.

كما أشار الجواهري في معرض حديثه إلى “تخطيط البنك المركزي، كذلك، وعزمه العمل مع شركة ‘تمويلكم’ لتحسين الضمانات المرتبطة بالقروض الممنوحة للشركات الصغيرة جدًا، بهدف تحفيز التوظيف والحد من بطالة الشباب، خاصة بالحواضر والمدن”، مُحيلاً على “إمكانية” إجراء مراجعة (إعادة نظر) لبرنامج “انطلاقة”.

الدرهم الرقمي والأصول المشفرة

ولم يخلُ اللقاء الصحفي للمسؤول المالي ذاته من تذكيره بمستجدات مشروع “اعتماد الدرهم الرقمي أو عملة افتراضية للبنك المركزي”، كاشفاً في السياق عن “تجريب مرتقب لعملة افتراضية بين المغرب ومصر”، وواصل: “سنعتمدها ونرى كيف يمكن أن تَسير التجربة وهل ستنجح أم لا.. واختيارنا مصر جاء لأنها في مستوى قريب لنا ووضع مشابه.. سنحاول العمل على تجربة تقنية أولى قبل الوصول إلى استنتاجات واضحة.. العملة الرقمية مشروع متوسط المدى ويمكن القول إننا مازلنا وسط المسار”.

كما استحضر الجواهري، متحدثا في الموضوع نفسه، “سلسلة من نقاشات الاجتماعات السابقة لمجلس البنك”، مجددا التذكير بأن الأخير “يتوفر على طاقم خاص استغرقت 3 سنوات منه لإعداد مشروع قانون للأصول الرقمية، وهو الآن لدى مصالح وزارة المالية لتعميق النظر فيه بلجنة مخصصة للانكباب على ذلك”.

ولفت المتحدث إلى أن “المساعدة التقنية من صندوق النقد والبنك الدوليين كانت حاضرة في مراحل هذه المشاريع الرقمية للعملات”، مبرزاً أن “العمل جار لدراسة كيفية تعزيز الشمول المالي لتقليل تداول ‘الكاش’، ما يحد من تفاقمه بشكل مستمر”.

Exit mobile version