العلاقات التجارية بين الرباط ومدريد.. أرقام قياسية مدفوعة بـ”مونديال 2030″

تواصل العلاقات بين المغرب وإسبانيا نموها المطرد سنة بعد أخرى، وذلك على مستويات مختلفة، خاصة في الشق الاقتصادي والتجاري، إذ حققت رقما جديدا في سنة 2024 جعلها تحافظ على وتيرتها التصاعدية في إطار من التوازن والتكامل الذي يحفظ لكل طرف مكانته وحقوقه.

وتسود حالة من التفاؤل بخصوص المستقبل والإمكانيات الكبرى التي يتيحها أمام تطور هذه العلاقات، نتيجة الفرص الواعدة التي يشكلها “مونديال 2030” لكرة القدم، الذي يستعد البلدان لتنظيمه بشكل مشترك إضافة إلى البرتغال.

إعلان العلاقات التجارية بين الرباط ومدريد.. أرقام قياسية مدفوعة بـ"مونديال 2030"

في تعليقه على الموضوع، اعتبر محمد جدري، أكاديمي محلل اقتصادي، أن العلاقات التجارية والاقتصادية بين المغرب وإسبانيا “تمر من أزهى مراحلها، خصوصا بعد جائحة كورونا”، وأكد أن المبادلات التجارية بين البلدين تواصل “حصد الأرقام القياسية للسنة الرابعة على التوالي”.

وأضاف جدري، ضمن تصريح لجريدة جريدة النهار الإلكترونية، أن الأرقام التي تسجلها المبادلات التجارية بين الرباط ومدريد تجاوزت حاجز 24 مليار يورو السنة الماضية، موضحا أن الجميل في الأمر هو أنها “مبادلات متوازنة”.

وبيّن المحلل الاقتصادي ذاته أن 55 بالمائة من حجم المبادلات التجارية يؤول لصالح إسبانيا، حيث تقدر صادراتها إلى المغرب بحوالي 13 مليار يورو، في حين تقدر الصادرات المغربية نحو إسبانيا بنحو 11 مليار يورو خلال سنة 2024، مبرزا أن الزخم في العلاقات السياسية والدبلوماسية ما بين المغرب وإسبانيا “أرخى بظلاله على المبادلات التجارية”.

وتوقع المتحدث أن تتجاوز المبادلات التجارية بين المملكتين في السنوات المقبلة حاجز الـثلاثين مليار يورو، خصوصا وأنهما يعولان على “مونديال 2030” المشترك. وبالتالي، فإن “مجموعة من الاستثمارات الإسبانية يمكن أن تحل بالمغرب”.

كما لفت جدري إلى أن المغرب من المتوقع أن يكون من بين البلدان “الرائدة” في الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر، وأكد أن إسبانيا في حاجة إلى “طاقة نظيفة قريبة منها لا تبعد سوى بـ14 كيلومترا”، وشدد على أن المبادلات التجارية بين الجارين من المتوقع أن “تواصل حصد الأرقام القياسية خلال القادم من السنوات”.

من جهته، اعتبر عبد الله أبو عوض، محلل سياسي أستاذ العلاقات الدولية، أن طبيعة العلاقة التي تجمع بين الرباط ومدريد مبنية على “انتعاش المصلحة الإسبانية أولا بالاستفادة من السياسة المغربية المرتبطة بالتوسع جنوب-جنوب، ثم المغربية في السوق الأوروبية عن طريق البوابة الإسبانية”.

وأضاف أبو عوض، في حديث مع جريدة النهار، أن الواقع يبين أن إسبانيا تستوعب جيداً مدى “التحديات التي أصبحت تشكلها المجموعات الاقتصادية الحديثة، مثل بريكست، وأن الاعتماد فقط على السوق الأوروبية هو من مستوى الاستقرار الداخلي، في حين إن الانفتاح على الجوار الإفريقي عن طريق المغرب، سيساهم في استثمار الجيو-سياسي لما هو اقتصادي استراتيجي”.

وأكد المتحدث أن هذا الوضع “سـيعمق أوجه التعاون بين المغرب وإسبانيا ليس اقتصاديا فقط، بل حتى في مجالات أخرى، كما هو الحال لما هو أمني في مكافحة الإرهاب، ولما هو رياضي في شراكة المونديال”.

وعن أسباب هذا التوافق والنمو المتواصل في العلاقات بين البلدين، سجل أبو عوض أن السبب الأول يتمثل في “التوجه الحكومي الإسباني، والثاني في التغيرات الدولية التي صارت تفرض الشراكات ذات العمق الاستراتيجي”، مبرزا أن المغرب يفرض سيادته كبوابة إفريقية لكل ما هو جنوب-جنوب، وهذا ما توصلت إليه إسبانيا من خلال المؤشرات التنموية التي تراكمت في السياسة المغربية في الآونة الأخيرة”.

وزاد أبو عوض أنه في أفق الحدث الرياضي لسنة 2030، يمكن القول إن كأس العالم ألزم الطرفين بـ”شراكة اقتصادية ترقى إلى مستوى تطلعاتهما”، متوقعا بدوره أن تشهد علاقاتهما البينية نموا وازدهارا في السنوات المقبلة.

زر الذهاب إلى الأعلى