
مراجعات ضريبية تلاحق المستفيدين من التسوية الطوعية للوضعية الجبائية
تنتظر المستفيدين من عملية التسوية الطوعية للوضعية الجبائية للخاضعين للضريبة (الأشخاص الذاتيون) مراجعات ضريبية في إطار فحص مجموع الوضعية الضريبية لهذه الفئة من الملزمين، على اعتبار أن العملية التي انتهت متم دجنبر الماضي لا تعفي الملزمين المعنيين من الخضوع لمراقبة ضريبية لاحقة عن السنوات غير المتقادمة من 2021 إلى 2024، إذ سيتم استثناء مبلغ المساهمة المحددة بنسبة 5 بالمائة من قيمة هذه الموجودات والنفقات فقط خلال تصحيح أسس الضريبة أثناء المراقبة، وكذا بالنسبة إلى تقييم مجموع الدخل السنوي في إطار مسطرة فحص مجموع الوضعية الضريبية للفئة المذكورة من الملزمين، المشار إليها في المادة 216 من المدونة العامة للضرائب.
وستحمي “التسوية الطوعية” المبالغ المصرح بها فقط، ولا تستثني الأموال الأخرى التي لم يشملها التصريح من أي عملية مراقبة طارئة، ما يطرح تساؤلات حول خصائص فحص مجموع الوضعية الضريبية للأشخاص الذاتيين، والشروط القانونية التي يتعين على الملزم والإدارة التقيد بها في هذا الفحص، وكذا أبعاده وتأثيراته على الامتثال الجبائي؛ علما أن التسوية المشار إليها، التي لم يجر تمديدها للسنة الجارية ضمن قانون المالية 2025، مكنت من تصريح الملزمين بأكثر من 127 مليار درهم، مع ضخ عائدات ضريبية من هذه العملية فاقت 6 مليارات درهم في الخزينة العامة للدولة.
ومبدئيا، يمكن للإدارة الجبائية القيام بفحص مجموع الوضعية الضريبية للأشخاص الذاتيين للتحقق من تناسب دخلهم مع نفقاتهم وممتلكاتهم، إذ يتم تقييم الدخل الإجمالي السنوي لشخص ذاتي بالأخذ بعين الاعتبار ممتلكاته أو الأصول النقدية المودعة في حساباته البنكية أو الحسابات البنكية لأشخاص آخرين تربطه بهم علاقة، عندما يكون هو المستفيد الفعلي منها؛ على أساس أنه عندما تباشر الإدارة تقييم الدخل الإجمالي السنوي للملزم يكون مكان فرض الضريبة هو العنوان الوارد في بطاقته الوطنية للتعريف الإلكترونية أو في بطاقة إقامته، فيما يجب على الإدارة أن تأخذ بعين الاعتبار النفقات التي يمكن أن تكون تمت بواسطة موارد تم اكتسابها خلال عدة سنوات.
مسار الفحص
يمر فحص مجموع الوضعية الضريبية للأشخاص الذاتيين من مجموعة إجراءات، تبدأ بوجوب إبلاغ مصالح مديرية الضرائب الملزم بإشعار بالفحص وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 من المدونة العامة للضرائب، مع تحديد فترة هذا الفحص. كما يتعين أن يرفق الإشعار بميثاق الخاضع للضريبة، الذي يتضمن حقوقه وواجباته في مجال المراقبة الجبائية المنصوص عليها في هذه المدونة؛ فيما يجوز للإدارة أن تطلب من الشخص المعني الإدلاء بجميع الإثباتات الضرورية وتقديم الوثائق التي توضح العناصر المتضاربة أو المتباينة التي تم رصدها، وذلك داخل أجل ثلاثين (30) يوما من تاريخ تسلم طلب الإدارة.
وبالنسبة إلى نبيل رفاعي، خبير محاسب ومستشار ضريبي، فالمقتضيات الواردة في المادة 216 من مدونة الضرائب واضحة في ما يتعلق بعدم جواز أن يستغرق الفحص الضريبي للشخص الذاتي أكثر من ستة أشهر، ابتداءً من تاريخ تبليغ الإشعار بالفحص، موضحا في تصريح لجريدة النهار أنه “لا تحتسب في مدة الفحص أي فترة توقف ناتجة عن إرسال طلبات الحصول على المعلومات إلى إدارات الضرائب التابعة لدول أبرمت مع المغرب اتفاقيات تتيح تبادل المعلومات لأغراض جبائية، كما هو مشار إليه في المادة216 من الإطار التشريعي المذكور، وذلك في حدود مائة وثمانين يوما من تاريخ إرسال الطلبات المشار إليها”.
وشدد رفاعي، في السياق ذاته، على أن إدارة الضرائب ملزمة في المقابل بإشعار الشخص المعني بتاريخ إرسال طلب الحصول على المعلومات المشار إليها، وذلك في أجل لا يتجاوز خمسة عشر يوما من تاريخ الإرسال المذكور، وفق مطبوع نموذجي محدد، منبها إلى أنه “قبل تاريخ اختتام الفحص تجري الإدارة محاورة شفوية وتواجهية حول عناصر المقارنة التي سيعتمد عليها في تقييم إجمالي الدخل السنوي؛ ولهذا الغرض يتم إشعار الشخص المعني بالتاريخ المحدد لإجراء المحاورة المذكورة، وكذا بالتاريخ الذي سيختتم فيه الفحص، مع الأخذ بعين الاعتبار الملاحظات التي يدلي بها الملزم خلال هذه المحاورة، إذا ثبت أنها تستند إلى أساس صحيح”.
التبليغ الإلكتروني
أصبح الخاضعون للضريبة، خصوصا الأشخاص الذاتيين، في مواجهة مع تغيير إجرائي في مجال التحصيل الجبائي، جرى تفعيله منذ فاتح يناير الماضي، حيث صار التبليغ في مسطرة تصحيح أسس الضريبية سليما حتى بطريقة إلكترونية، وترتبت عليه الآثار القانونية ذاتها الخاصة بالتبليغ بواسطة الوثيقة الورقية، وبالتالي سيجري تبليغ كل ملزم في العنوان الإلكتروني الذي أدلى به للإدارة الجبائية، وفق الفقرة الثانية من المادة 219 من “المدونة العامة للضرائب 2025”، ما سيزيد من نجاعة عمليات فحص مجموع الوضعية الضريبية للفئة المذكورة من الملزمين.
وأوضح نور الدين مرشود، خبير محاسب في الدار البيضاء، في تصريح لجريدة النهار، أن “التبليغ الإلكتروني سيكون حاسما في مسطرة تصحيح الضريبة، ذلك أنه بعد تحرير إدارة الضرائب محضرا يحدد تاريخ انعقاد المحاورة التواجهية والأطراف الموقعة عليه، وتسليم نسخة منه للشخص المعني، تبلغه الإدارة عقب ذلك بعناصر المقارنة الواجب اعتمادها لتصحيح الأساس السنوي المفروضة عليه الضريبة، وذلك خلال الأشهر الثلاثة التالية لتاريخ اختتام الفحص، فيما تعتبر رسالة التبليغ الوثيقة الوحيدة التي يستند إليها لتحديد مبالغ التصحيحات المبلغة، ولإثبات الشروع في مسطرة تصحيح الضرائب”.
وأشار مرشود، في السياق ذاته، إلى أن “إدارة الضرائب تدعو الأشخاص المعنيين للإدلاء بملاحظاتهم داخل أجل ثلاثين يوما من تاريخ تسلم رسالة التبليغ، على أنه يجوز للشخص المعني، في إطار مسطرة تصحيح الضرائب، إثبات موارده بأي وسيلة من وسائل الإثبات، تحديدا دخول رؤوس الأموال المنقولة الخاضعة للحجز في المنبع، التي تُبرأ من الضريبة، أو تلك المتعلقة بالتوزيعات المعتبرة خفية من الناحية الجبائية، وكذا الدخول المعفاة من الضريبة على الدخل، بشرط إيداع الإقرارات المتعلقة بها، وحاصلات بيوع المنقولات أو العقارات؛ بالإضافة إلى القروض المبرمة لدى البنوك أو الغير لأغراض غير مهنية؛ والمبالغ المتأتية من تحصيل القروض الممنوحة من قبل لفائدة الغير”.
واعتبر الخبير المحاسب أن موافقة الشخص على الضريبة المفروضة عليه خلال 30 يوما من استلام الإشعار تمثل إيذانا بإصدار الضريبة عبر الجدول، موردا أنه في حالة عدم الرد خلال هذا الأجل تفرض الضريبة ولا يمكن الطعن فيها إلا وفق مقتضيات المادة 235 من المدونة العامة للضرائب، ومشددا على أنه إذا قدم المعني بالأمر ملاحظات ورفضتها إدارة الضرائب كليا أو جزئيا تستمر المسطرة حسب الإجراءات القانونية الجاري بها العمل، ولا يمكن للإدارة إعادة فحص الفترة الضريبية نفسها بعد إنهاء فحص شامل سابق.