اضطراب بيع اللحوم الحمراء بالمغرب.. فوضى الأسعار تربك المستهلكين

تشهد أسواق بيع اللحوم الحمراء بالمغرب هذه الأيام اضطرابًا غير مسبوق، إذ بدا واضحا أن نقاط البيع بالتقسيط لا تعتمد الأسعار نفسها، خصوصًا بعد أن أهاب الملك محمد السادس بعموم المغاربة عدم أداء شعيرة الذبح خلال عيد الأضحى لهذه السنة، وهي الخطوة التي كان لها وقع مباشر على أسواق بيع المواشي الحيّة.

وانخرطت بعض المحلات بمدن مغربية متفرقة في حملة تخفيض أسعار أنواع مختلفة من اللحوم الحمراء، إذ لجأت إلى اعتماد ثمن 80 درهما، أو أقل، لبيع الكيلوغرام الواحد من بعض الأصناف، بينما تمسّكت باقي نقاط البيع بالأسعار المعتمدة خلال الأسابيع الماضية، ما جعل المستهلكين يواجهون واقعا “غير مفهوم”.

ووفق ما عاينته جريدة جريدة النهار الإلكترونية في بعض أحياء مدينة سلا يُباع الكيلوغرام الواحد من لحم الغنم بحوالي 120 درهمًا، بانخفاض طفيف مقارنة بالسابق، أما الكيلوغرام الواحد من لحم البقر فيُعرض للبيع مقابل 110 دراهم، في حين تُباع “الكُفتة” بحوالي 120 درهمًا، و”الهبرة” بحوالي 130 درهمًا؛ ما يعني أن الأسعار تظل مخالفة لما يتم تداوله حاليًا على مواقع التواصل الاجتماعي.

واستفسرت الجريدة أصحاب بعض محلات البيع بالتجزئة في المدينة حول الموضوع، فأوضحوا أن الأسعار انخفضت نسبيًا عمّا كان سائدا في أوقات سابقة، “لكنْ ليس كما يتم الترويج له”؛ كما أكدوا أن “هذه اللحوم المعروضة للبيع هي إنتاج محلي صرف، إذ لا يتم عرض نظيرتها المستوردة للبيع، على اعتبار أن شرائح واسعة من المستهلكين لا ترغب في شرائها، نظرا لمحدودية جودتها”.

أسواق تعيش الاضطراب

أفاد هشام الجوابري، الكاتب الجهوي لتجار اللحوم الحمراء بالجملة بجهة الدار البيضاء – سطات، بأن أسعار اللحوم الحمراء، بمختلف أصنافها، “عرفت تراجعًا نسبيًا على مستوى نقاط البيع بالجملة، حيث أصبح سعر الكيلوغرام الواحد من لحم الغنم متراوحاً ما بين 80 و95 درهمًا، مقارنة بسعر 120 درهمًا في فترات سابقة”.

أما لحوم الأبقار فتتوزع، وفق إفادة الجوابري لجريدة النهار، على الأصناف الإسبانية والمحلية والبرازيلية. ويتراوح سعر الكيلوغرام الواحد من الصنف البرازيلي بين 70 و73 درهمًا في أسواق الجملة، في حين يصل سعر الصنفين المحلي والاسباني إلى حوالي 86 درهمًا.

وأوضح المهني ذاته أن “الأسعار على مستوى نقاط البيع بالتجزئة لم تستقر بعد، رغم السياق العام الذي يدعم استفادة المغاربة من اللحوم الحمراء بأسعار مناسبة مقارنة بالسابق؛ والسبب وراء عدم تحقق ذلك على الصعيد الوطني هو أن عددًا من تجار التجزئة لم ينخرطوا في دينامية تخفيض الأسعار، إذ يخشى البعض منهم ارتفاعها مجددًا في المستقبل”.

ولم يخفِ الكاتب الجهوي لتجار اللحوم الحمراء بالجملة بجهة الدار البيضاء – سطات تأكيده أن “السوق يعيش اضطرابًا مرحليا، ولم يصل بعد إلى مرحلة الاستقرار”، مشيرًا إلى أن “هذا الاستقرار قد يتحقق في حالة تزويده بما يحتاجه من رؤوس الأغنام التي كانت ستوجه للذبح في عيد الأضحى”.

وإلى مدينة أكادير، حيث قال خالد، وهو مهني في بيع اللحوم الحمراء بالتقسيط، إن “سعر لحم البقر استقر في حدود 100 درهم للكيلوغرام الواحد، إذ يباع بحوالي 90 درهمًا في أسواق الجملة، ما يعني أن هامش الربح محدود لدى المهنيين”. أما سعر الكيلوغرام الواحد من لحم الغنم فتراجع إلى مستوى 110 دراهم، وفق المصدر ذاته.

وفسّر المهني ذاته لـجريدة النهار أن “اللحوم المستوردة من الخارج هي التي تشهد انخفاضًا مهمًا في الأسعار حاليًا، بينما لم تنخفض أسعار اللحوم المحلية وفق ما يتم الترويج له”، مرجعًا الانخفاضات المسجلة في الأيام الماضية إلى أعداد قطعان الماشية التي دخلت السوق.

كما لفت المتحدث إلى “وجود معطى مستجد يتعلق بالتساقطات المطرية التي تعرفها المملكة حاليا، إذ ستساعد المهنيين على الاحتفاظ بمواشيهم بدل بيعها بأثمان بخسة وتوجيهها إلى المسالخ؛ وهذا المعطى قد يسهم في استعادة السوق توازنه خلال الأسابيع المقبلة”، مشيرًا في السياق ذاته إلى أن “بعض بائعي لحوم الأبقار المحلية أصبحوا يتنافسون مع بائعي اللحوم المستوردة لجذب الزبائن”.

تجار “غير منخرطين”

أوضح نور الدين حمانو، رئيس الجمعية المغربية لحماية المستهلك والدفاع عن حقوقه، أن “الإهابة الملكية الأخيرة للمغاربة بعدم أداء شعيرة الذبح خلال عيد الأضحى كان لها وقع ملحوظ على نشاط اللحوم الحمراء داخل الأسواق، حيث سُجّلت انخفاضات في الأسعار وصلت إلى 80 درهمًا لبعض الأنواع”.

وقال حمانو لجريدة النهار: “تابعنا كجمعيات النقاشَ الدائر على المستوى الوطني حاليا، إذ لم تشهد جميع نقاط البيع بالتجزئة انخفاضًا في الأسعار، في حين قام بعضها بتطبيق تخفيضات مهمة بلغت أحيانًا 20 درهمًا في الكيلوغرام الواحد”، مضيفا أن “لجان المراقبة لا يمكنها إلزام المهنيين بخفض الأسعار، لكون قانون حرية الأسعار والمنافسة لا يجيز ذلك إلا في حالات قصوى ومحددة”.

كما أشار المتحدث إلى أن “السلطة التنفيذية كان ينبغي أن تكون أكثر حضورًا خلال هذه الفترة، وأن تواكب السوق الوطنية حتى تصل إلىى مرحلة الاستقرار، إذ إن الوضع الحالي يمنح بعض المهنيين فرصة لزيادة هوامش ربحهم، من خلال الإبقاء على الأسعار المرتفعة”، مسّجلا في الأخير أن “المستهلكين المغاربة كانوا يأملون أن تشهد هذه الفترة انخفاضًا في أسعار اللحوم بعد أن ارتفعت بشكل كبير لعدة أشهر”.

Exit mobile version