
حضور “الشناقة” وضعف المردودية يرفعان أسعار البصل في المغرب
بعد أن واصلت أسعار البصل البصم على مسار تصاعدي لتبلغ 10 دراهم للكيلوغرام الواحد ببعض المناطق المغربية، أكدت مصادر فلاحية مهنية أن “تناقص” مردودية المساحات المزروعة هذا الموسم كان “بفعل عدم هطول الأمطار بشكل كاف”، و”حدوث تساقطات مطرية أياما قليلة قبل الجني، مما أدى إلى إتلاف كميات مهمة من المحاصيل”، مشيرة إلى أن هذين السببين كانا وراء “الغلاء الحاصل” في هذا المنتج الحيوي، غير أنهما ليسا “المتحكمين فيه بشكل كلي”، تضيف المصادر ذاتها.
وكشفت أنه بالرغم من عشرات الأطنان من خسائر البصل بفعل “الأمطار المتأخرة”، فإن الأسعار التي يتم بها تسويق هذا المنتج الحيوي من الضيعات تتأرجح أساسا بين 4 دراهم ونصف و5 دراهم، وإن تعدت هذا السقف الأخير فبسنتيمات معدودات فقط، مما يؤكد أن “ممارسات المضاربين (الشناقة) سبب رئيسي يساهم في وصول المنتج إلى المستهلك النهائي بأسعار تنهك قدرته الشرائية”.
موحى أرشون، مزارع للبصل بمنطقة كيكو بإقليم بولمان وأمين الفلاحين بالمنطقة، أفاد أن “أسعار بيع هذه المادة من الضيعات بالمنطقة تتراوح بين 4 دراهم ونصف و5 دراهم للكيلوغرام الواحد، وتصل إلى 5 دراهم وأربعة سنتيمات على أقصى تقدير”، مشيرا إلى “وجود إشكالات عديدة تقف وراء وصول الأثمان إلى هذا المستوى، غير أنه في نهاية المطاف فإن الأسعار التي يباع بها البصل للمستهلك المغربي لا تخلو من أثر المضاربين”.
وأضاف أرشون، في تصريح لجريدة النهار، أن “هذه الإشكالات تشمل أساسا نقص مردودية الهكتار من البصل بالمنطقة بسبب ندرة المياه التي جعلت البصل لا يحصل على الموارد المائية الكافية خلال الفترة المناسبة”، مشيرا إلى أن “الهكتار الواحد، الذي كان ينتج ما بين 60 و70 طنا من البصل خلال المواسم السابقة، أنتج بالكاد 24 طنا خلال هذا الموسم”.
وتابع قائلا: “تهاطل الأمطار خلال الفترة التي تسبق جني المحصول مثل بدوره إشكالاَ ساهم في ارتفاع أسعار البصل، حيث إن الكثير من الفلاحين فسدت محاصيلهم من هذا المنتج مباشرة بعد البدء في تخزينها”، مبرزا أن “ثمة فلاحين خسروا نحو 20 طنا”.
وعما إن كانت هذه العوامل تبرر الأسعار التي يتم بها تسويق البصل للمستهلك النهائي، قال المتحدث نفسه إن “بلوغ ثمن البصل 10 دراهم للكيلوغرام الواحد مثلا سببه كثرة الشناقة”، مردفا أن “هذا الأمر نعانيه كفلاحين في حالة منتوجات أخرى، فمثلا البطاطس يتم تسويقها حاليا من الضيعات بدرهم ونصف للكيلو غرام الواحد أو درهمين، لكنها تصل إلى المستهلك بثمانية دراهم”.
اعتبارا لذلك، يطالب الكثير من الفلاحين، حسب أرشون، بأن “يكون هناك مجمعون يشترون من الفلاحين وتتاح لهم إمكانية التخزين، على أن تراقب السلطات مخزونهم والأثمنة التي يسوقون بها المنتج لتجار التقسيط”.
وأضاف أن “عدة فلاحين شرعوا في زرع البصل خلال الفترة الحالية، رغم أن هناك تأخرا نسبيا في هذا الجانب بسبب التساقطات المطرية”، مستبعدا أن “تؤدي هذه التساقطات إلى وفرة محاصيل الكميات التي يتم زرعها من البصل حاليا.
وبمنطقة المرابحة بإقليم سيدي قاسم “تراجعت المساحات المزروعة من البصل هذا الموسم بنسبة 50 في المئة، حيث لم يتشجع الكثير من الفلاحين بالمنطقة على غرسها”، وفق ما أكده طارق عبدو، مزارع للبصل بالمنطقة، مبرزا أن “هذا الأمر يعد من العوامل الرئيسية لغلاء أسعار البصل خلال الفترة الحالية، حيث إنه حتى في المناطق المشتهرة بهذه الزراعة كعين كرمة بمكناس، مثلا، تناقصت المساحات المزروعة”.
وأضاف عبدو، في تصريح لجريدة النهار، أن “إحجام الكثير من الفلاحين بالمنطقة عن زراعة البصل هذا الموسم سببه أساسا تأخر الدولة في صرف الدعم المخصص لهذه الزراعة برسم الموسم السابق، أي 2023/2024″، مردفا أن “هؤلاء تهربوا من البصل كذلك لأن الأسعار التي تم بها تسويق هذا المنتج من الضيعات خلال السنة الماضية كانت جد متدنية ولا تلبي تطلعات المزارعين”.
وأوضح أن “تسقيف الدولة للحصة المسموح بتصديرها من البصل، بالنسبة للمزارعين، جعل العرض يفوق الطلب، مما أدى إلى انهيار الأثمان”، مشيرا إلى أنه “في نهاية المطاف، وباستحضار الأثمنة التي يسوق بها المنتوج حاليا في الأسواق للمستهلكين، يمكن القول إن نتيجة هذا التسقيف جاءت عكسية لما كانت ترمي إليه الحكومة”.