انتقاء مشاريع “الهيدروجين الأخضر” بالصحراء يجلب المشاريع الاستثمارية

انتقت ‏لجنة القيادة المكلفة بـ”عرض المغرب” في مجال الهيدروجين الأخضر 5 مستثمرين وطنيين ودوليين لإنجاز 6 مشاريع في الجهات الثلاث للأقاليم ‏الجنوبية للمملكة، بقيمة مالية استثمارية مقدَّرة بـ 319 مليار درهم، “في أفق إطلاق المفاوضات معهم”.

وأورد بلاغ رسمي لرئاسة الحكومة أن ذلك جاء تماشياً مع رؤية الملك محمد السادس الرامية للارتقاء بالمغرب إلى نادي ‏الدول ذات المؤهلات القوية في مجال الهيدروجين الأخضر، بعدما كان قد دعا في خطاب العرش في يوليوز 2023 إلى “الإسراع بتنزيل هذا العرض بالجودة اللازمة، وبما يضمن تثمين المؤهلات التي يزخر بها المغرب، والاستجابة لمشاريع المستثمرين العالميين في هذا المجال الواعد”.

بدا واضحا من خلال اجتماع 6 مارس الجاري، الذي حضره وزراء قطاعات حكومية وازنة (الداخلية، التجهيز والماء، الصناعة والتجارة، الاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية، الميزانية، إضافة إلى طارق مفضل، الرئيس المدير العام للوكالة المغربية للطاقة المستدامة “مازن”)، سعي “لجنة قيادة الهيدروجين الأخضر” للاستجابة لتنوع واضح في عروض المشاريع الاستثمارية التي توفرها شركات دولية متعددة المنشأ تنشط في إنتاج الطاقات الخضراء وتقنيات الهيدروجين.

ويعكس هذا التنوع “شركات رائدة في مجال الهيدروجين الأخضر بدُوَلها”، تتشكل ضمن تحالفات استثمارية متعددة الدول والجنسيات ومخصَّصة لإنتاج، وتنتمي إلى شركات كبرى من المغرب والإمارات والسعودية وألمانيا وإسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية، فضلا عن شركتين صينيتيْن تعتزمان الاستثمار في إنتاج “الأمونياك”.

وحسب الحكومة، فإن مسطرة انتقاء المشاريع في إطار “عرض المغرب” للهيدروجين الأخضر “ستظل مفتوحة في ‏‏وجه المستثمرين”، مشددة على أنها تمت “وفق منهجية علمية وشفافة، تضمن شراكة متوازنة ودائمة بين المملكة والمستثمرين المعنيين”.

وينتظر أن يتم “التوصل إلى توقيع عقود أولية لحجز الوعاء العقاري المخصص لتنفيذ هذه المشاريع الاستراتيجية، البالغة مساحته 30 ألف هكتار لكل مشروع كحد أقصى”، فيما شددت المعطيات الصادرة إثر الاجتماع على “حرص الدولة من خلال الإطار التعاقدي الذي يجمعها بحاملي المشاريع على حماية وضمان حسن استخدام الوعاء العقاري العمومي”.

التكنولوجيا وتنويع الشراكات

تعليقا على مخرجات الاجتماع ونتائج الانتقاء، ثمّن الخبير الطاقي المغربي أمين بنونة “تسارُع” دينامية تنزيل عرض المغرب في ‏مجال الهيدروجين الأخضر وفقا للتوجيهات الملكية”، مؤكدا أنه “بعد اختيار سابق استراتيجي لجهات الصحراء الثلاث لاحتضان مشاريع الهيدروجين، وإصدار منشور رئيس الحكومة لتفعيل هذا العرض (بتاريخ 11 مارس 2024)، فإننا بصدد السرعة القصوى. ومع الشركات الحاملة لمشاريع استثمارية، بدأت تتضح معالم العرض المغربي للهيدروجين الأخضر”.

ولفت بنونة، في تصريح لجريدة النهار، إلى أن “انتقاء الشركات المذكورة بمجموع 5 مستثمرين وطنيين ودوليين لإنجاز المشاريع الستة، هدفُه استفادة المملكة من نُضج التكنولوجيا اللازمة لتحويل الطاقات وتنويع الشركات وإنتاج الهيدروجين باستثمارات تبقى تقديرية قاربت 320 مليار درهم، والقدرة التمويلية والتشغيلية التي توفرها هذه الشركات الطاقية الفاعلة”.

واستحضر أيضا إمكانيات هائلة توفرها شركة “سيمنس” الألمانية الرائدة في إنتاج أجهزة التحليل الكهربائية “Electrolysis” للماء، حيث يتم فصل ذرات الهيدروجين (H) عن ذرات الأوكسجين (O) في جزيئات الماء (H2O) باستخدام تيار كهربائي مولّد مصدر طاقي متجدد كالطاقة الشمسية أو الطاقة الريحية، ما يضمن “الإنتاج دون أي انبعاث لغاز ثاني أوكسيد الكربون” الملوّث.

العقار وإلإنتاج

بعد أن أكد أن “تقديرات التكلفة الاستثمارية تبقى أوّلية”، ذكر بنونة، الذي اشتغل سابقاً أستاذا لعلوم الطاقة بجامعة مراكش، أن “الوعاء العقاري العمومي وكيفية تدبيره وحُسن استخدامه في مشاريع الهيدروجين في أقاليم الصحراء الشاسعة، عنصر حاسم في إنجاز وإنجاح المشاريع المرتقب أن تغطي 30 ألف هكتار المخصصة كحد أقصى لكل مشروع (ما يعادل 300 كلم مربع)”.

ولفت إلى أنه “بينما تصل قدرة الإنتاج على الصعيد الدولي بين 200 و400 ألف طن سنويا من الهيدروجين الأخضر، فإن المغرب كان قد أعلن الرهان الكبير بإنتاج مليون طن من الأمونيا الخضراء المستخدمة في إنتاج الأسمدة الزراعية بحلول 2031 وفق خطة سابقة كشف عنها المكتب الشريف للفوسفاط”، معتبرا أن “هذا الهدف يَلزم تحقيقه 200 ألف طن من الهيدروجين الأخضر، سيكون معظمها كميات طاقة ضخمة وخضراء من مصادر شمسية بالدرجة الأساس وريحية بشكل نسبي”.

وختم بنونة بأن “نقل الأمونيا الخضراء بعد إنتاجها في جهات كلميم وادنون والعيون والداخلة سيكون ممكناً عبر شاحنات أو أنابيب إلى مكان استغلالها بالجرف الأصفر، مثلا”، مستحضرا “تخطيط المغرب للاستفادة أيضا من إنتاج كميات معينة من الوقود الاصطناعي أو محروقات مصنوعة من الهيدروجين”.

يشار إلى أن المشاريع الستة المنتقاة إلى حدود مارس 2025 تُعزز مشاريع الهيدروجين الأخضر، بإضافتها إلى المشروعين اللذين تضمنتهما الاتفاقيتان اللتان تم التوقيع عليهما أمام الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في أكتوبر 2024 بالرباط، حيث تنص الأولى على تفعيل “عرض المغرب” من أجل تطوير قطاع الهيدروجين الأخضر، بين الدولة المغربية ومجموعة “طوطال إينيرجي”. فيما تتعلق الاتفاقية الثانية بالتنمية المشتركة بين المكتب الشريف للفوسفاط وشركة “إنجي”، التي تضم مشروعا يخص الهيدروجين الأخضر.

Exit mobile version