
الضرائب تستعجل معالجة ملايير ملفات “الاتفاقيات الودية” لتسوية النزاعات
علمت جريدة النهار من مصادر جيدة الاطلاع برفع مصلحة الاستشارات الضريبية والمساعدة في التسوية الودية لدى المديرية العامة للضرائب إيقاع معالجة ملفات “الاتفاقيات الودية” Les accords à l’amiable مع الشركات، التي اختارت الاستفادة من مقتضيات المادة 221 مكرر مرتين من المدونة العامة للضرائب، وتجنب جحيم مساطر المراجعات الضريبية، موضحة أن هذه الاتفاقات شملت حتى الشركات التي دخلت في منازعات قضائية مع الإدارة الجبائية وصدرت ضدها أحكام حائزة لقوة الشيء المقضي به، فيما استهدفت المصالح الضريبية من خلال تسريع عملية تدبير الاتفاقات المذكورة تخفيف الضغط عن اللجان الجهوية والوطنية للنظر في الطعون الضريبية.
وأفادت المصادر ذاتها بتفاعل مصلحة تتبع المراجعات، التابعة لقسم تدبير عمليات المراجعة وتتبع الطعون بمديرية الضرائب، مع طلبات استفادة من “الاتفاقيات الودية” بالملايير خلال شهري يناير وفبراير الماضيين، واردة عن مقاولات متوسطة وكبرى، تنشط في قطاعات الصناعة الغذائية والنسيج والائتمان والتأمين، موردة أن المراجعين الضريبين عكفوا على تحديد نقط النزاع المقبولة في ملفات الطلبات، حيث تهم الاتفاقات العناصر المتعلقة بفرض الضريبة من قبل الإدارة الجبائية فقط، ولا تشمل المسائل القانونية، ومشددة على رفض معالجة طلبات غير مدروسة رفعتها شركات صغيرة، لم تستعين بخدمات مواكبة من مكاتب محاسبة واستشارة متخصصة في تدبير المنازعات الضريبية.
وأكدت مصادر الجريدة انتقال اللجان الجهوية والمركزية للبت في المذكرات الداخلية المرفوعة بشأن “الاتفاقيات الودية” من قبل المدققين الضريبيين إلى السرعة القصوى، مردفة بأن رؤساء لجان استدعوا مسؤولين جهويين عن المصالح القانونية والقضائية للمشاركة في أعمال هذه اللجان، تحديدا في البت في الملفات البالغة مرحلة التقاضي والمنظورة أمام المحاكم، ومتابعة بأن مناقشات لجان اتسمت بالتعقيد في حالات خاصة، بسبب ارتفاع قيمة المبالغ المستحقة بذمة شركات كبرى، وصيغة أدائها وسداد غرامات التأخير المرتبطة بها، ومنبهة إلى أن محاضر الاتفاقات الموقعة جرى إرفاقها برسائل تنازل من قبل مستفيدين، همت عدم اللجوء إلى اللجان الجهوية والوطنية للنظر في الطعون الضريبية والقضاء ومصالح تدبير المنازعات الإدارية الأخرى.
وتنص المادة 221 مكرر مرتين، التي تنظم مسطرة “الاتفاق الودي” بين الخاضع للضريبة والإدارة، على أنه “يمكن للخاضع للضريبة، خلال المساطر الجبائية، أن يبرم اتفاقًا وديًا مع الإدارة حول المسائل الواقعية المتعلقة بعناصر فرض الضريبة، دون أن يشمل الاتفاق المسائل القانونية”، موضحة أن “هذا الاتفاق يحرر في نظيرين، يضمان مبلغ الأسس المفروضة عليها الضريبة والوجبات المستحقة، التي تم الاتفاق بشأنها، واسم وصفة الموقعين، وتاريخ توقيع الاتفاق، حيث يتوجب أن يكون هذا الاتفاق النهائي، الذي لا رجعة فيه، مصحوبا برسالة تنازل من الخاضع للضريبة عن أي طعن أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة واللجنتين الجهوية والوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة، وإدارة الضرائب والمحاكم”.
وكشفت مصادر جريدة النهار عن تلقي مصالح الضرائب موازاة مع طلبات “الاتفاقيات الودية” الجديدة طلبات مماثلة واردة عن مئات المقاولات للتزود ببيانات اختلالات مسجلة عليها خلال السنوات المحاسبية غير المتقادمة، وذلك في إطار الاستفادة من “الحق في الخطأ” Droit à l’erreur، موردة أن المقاولات المذكورة استهدفت من خلال اللجوء إلى هذا الإجراء إعفاءها من غرامات التأخير المنصوص عليها في الفصلين 184 و208 من المدونة العامة للضرائب، التي تصل إلى 25 في المائة حسب الحالة، بما في ذلك الغرامات المالية المطبقة على التأخر في سداد الضرائب (5 في المائة و0.5)، ومنبهة إلى أن الإقرار التصحيحي والأداء التلقائي للمستحقات الجبائية لا يعفي المقاولات المعنية من الخضوع للمراقبة ومسطرة المراجعة الضريبيتين.