توقعات “فيتش”: الإنتاج الزراعي ينخفض بالمغرب والاستثمار يحرك النمو

أعادت “فيتش للحلول”، في أحدث تقاريرها التحليلية المعضدة بالبيانات حول تقييم أداء الاقتصاد المغربي، “مراجعة توقعاتها” بشأن نمو الناتج المحلي الإجمالي للمغرب للعام الجاري؛ لتُخفّضه، تبعا لذلك، إلى 5.0 في المائة (مقابل توقعاتها السابقة البالغة 5,6 في المائة).

وفي تقريرها المعنون بـ”الاقتصاد المغربي سوف يتسارع عام 2025، رغم الرياح المعاكسة من القطاع الزراعي المتعثر”، أوردت المؤسسة البحثية التابعة لأبرز وكالات التصنيف الائتماني العالمية أن تحيين المعطيات والتقييم يدفعها إلى أن “تتوقع الآن نموًا أقل من المتوسط في الإنتاج الزراعي لهذا العام”.

إعلان توقعات "فيتش": الإنتاج الزراعي ينخفض بالمغرب والاستثمار يحرك النمو

وزادت الوثيقة التحليلية المنشورة في فئة تحليل خبراء “فيتش سولوشنز” للمخاطر القُطرية وللفرص في الأسواق الناشئة والمبتدئة، مستدركة بأن المؤسسة “مع ذلك تتوقع نموًا قويًا في القطاع غير الزراعي مدفوعًا بالاستثمار القوي، وكذا بالسياسة النقدية التيسيرية لبنك المغرب وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الكبيرة، لاسيما في قطاعات السيارات والطيران والطاقة المتجددة”.

وقال خبراء المؤسسة البحثية العالمية: “نتوقع أن يظل الاستهلاك الخاص قوياً، مدعومًا بانخفاض التضخم، والسياسة المالية التوسعية، وزيادة الأجور في القطاع العام”، منبهين في السياق ذاته إلى أن تلك التوقعات أُنجزت “رغم التحديات التي يفرضها ارتفاع معدلات البطالة”.

سلبية المخاطر “مهيمنة”

وبينما تؤكد خلاصات تحليل “فيتش للحلول” أن “الخبراء مازالوا متفائلين بشأن الآفاق الاقتصادية للمغرب إلا أن المخاطر تهمين”، مفصلة بأنه “رغم التوقعات المنخفضة للناتج المحلي الإجمالي الزراعي في المغرب إلا أن موسما زراعيًا أضعف من المتوقع –أكثر مما نتوقعه حاليًا– قد يعوق النمو من خلال الحفاظ على معدلات البطالة المرتفعة وزيادة الاحتياجات من الواردات بشكل أكبر”.

ولم تستعبد المؤسسة احتمال أن “تؤدي التوترات الجيوسياسية، لاسيما بين إسرائيل وإيران، إلى ارتفاع أسعار النفط، ما يزيد الضغوط التضخمية”، لافتة إلى أنه “من شأن النمو الأقل من المتوقع في أوروبا نتيجة السياسات التجارية الأمريكية أن يقلل من الطلب على السلع والخدمات المغربية، لاسيما صادرات السيارات والمنسوجات”.

“من المحتمل أن تقوم الإدارة الأمريكية بتوسيع قائمة السلع الإستراتيجية الخاضعة للتعريفات الجمركية لتستهدف واردات أشباه الموصلات؛ وفي هذه الحالة سيكون التأثير على المغرب محدوداً”، يورد التقييم الجديد في نبرة توجس، عازيا ذلك إلى أن “صادرات المغرب من أشباه الموصلات إلى الولايات المتحدة الأمريكية تبلغ حوالي 0,5% من إجمالي صادراته الإسمية، وتعادل 0.2% من الناتج المحلي الإجمالي”.

“إنتاج زراعي أقل”

“لقد خفّضنا توقعاتنا لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمغرب عام 2025 من 5.6% إلى 5.0%”، يسجل تحليل “فيتش للحلول”، مفسرا بأن هذه المراجعة جاءت عاكسة، في المقام الأول، لـ”الدلائل والمؤشرات الناشئة التي تشير إلى أن الإنتاج الزراعي سينخفض إلى أقل من المعدلات التاريخية، رغم الزيادة الطفيفة اعتبارًا من عام 2024، بسبب الظروف المناخية السيئة”.

ويرتقب، بحسب بيانات فيتش عن تطور الناتج المحلي الإجمالي، “تسارُع النمو من 3.3% عام 2024″، مضيفة: “مع ذلك مازالت توقعاتنا متفائلة بشكل ملحوظ، إذ مازلنا نتوقع أداءً قويًا في الاقتصاد غير الزراعي ويستمر في تجاوز مؤشر Focus Economics consensus البالغ 3.9%”.

الاستثمار يحرك النمو

ويقدّر خبراء مؤسسة “فيتش للحلول” أن “الاستثمار هو المحرك المحوري للنمو في المغرب، مدعومًا بالتخفيضات المستمرة في أسعار الفائدة وكذا تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر القوية”.

وفي التفاصيل شرح التحليل ذاته أن “السياسة النقدية لبنك المغرب ستظل تيْسيرية عام 2025 مع انخفاض إضافي بمقدار 25 نقطة أساس في سعر الفائدة عام 2025، بعد تخفيضات بقيمة 50 نقطة أساس عام 2024، ليصل سعر الفائدة إلى 2.25% بنهاية السنة المالية الجارية”.

وسيؤدي ذلك، وفق “فيتش سولوشنز”، إلى “تحفيز الاستثمار الخاص من خلال خفض تكاليف الاقتراض (بلغت معدلات الإقراض المصرفي في المتوسط 5.1% في الربع الرابع من عام 2024، وهو أدنى معدل لها منذ الربع الأول من عام 2023)؛ كما سيفضي إلى تدفقات قوية للاستثمار الأجنبي المباشر، خاصة في قطاعات السيارات والطيران والطاقة المتجددة”.

وفسرت المؤسسة البحثية لتقييم الأسواق دينامية صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر (IDE) بعوامل “الموقع الإستراتيجي للمغرب، وبيئة التشغيل المواتية، واستثمارات البنية التحتية لكأس العالم 2030 التي يستضيفها البلد بالاشتراك مع إسبانيا والبرتغال”، ما يساهم في “دفع تدفقات رأس المال الأجنبي الكبيرة، مع زيادة صافي الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 55.4 في المائة على أساس سنوي عام 2024″، حسب البيانات التي طالعتها جريدة النهار.

كما أشارت المؤسسة إلى أن “قطاع السياحة، مدعومًا باستضافة كأس الأمم الإفريقية في دجنبر 2025 والنمو القوي في أوروبا، سيكون المصدر الرئيسي للسياح في المغرب الذين يتوقع بلوغهم 17.8 مليون سائح وافد عام 2025، ما سيؤدي إلى استمرار صادرات الخدمات القوية”، وزادت: “ومع ذلك سيقابل ذلك إنتاج زراعي مخيب للآمال، إذ إن انخفاض الإنتاج الزراعي يحد من حجم الصادرات ويستلزم زيادة الواردات”.

زر الذهاب إلى الأعلى