زيلينسكي يدفع ثمن تحدي ترامب

حاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جاهدا كسب ود دونالد ترامب، بينما سلمه رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر دعوة ملكية لزيارة دولة، لكن عندما اضطر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لمخالفة الرئيس الأميركي لجأ إلى الصراحة ودفع ثمن ذلك.

نسف المشهد الصادم الذي جرى الجمعة في المكتب البيضوي تحالف قائما منذ سنوات بين أوكرانيا المؤيدة للغرب والولايات المتحدة.

وصرخ كل من ترامب ونائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس في وجه الرئيس الأوكراني الذي كان يُشبَّه سابقا في واشنطن بونستون تشرشل، قبل أن يُطلب منه مغادرة البيت الأبيض من دون تناول الغداء حتى.

وخرج زيلينسكي من دون التوقيع على اتفاقية لتشارك المعادن بين الولايات المتحدة وأوكرانيا التي اعتُبرت أساسية للدعم الأميركي لهدنة مع روسيا.

وتمثّلت الخطيئة التي ارتكبها زيلينسكي في مناقضة ترامب بشأن حقائق مرتبطة بالحرب في أوكرانيا، ورفضه التراجع عن مواقفه.

وكتب ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي إن زيلينسكي “قلل من احترام الولايات المتحدة الأميركية في مكتبها البيضوي المقدّر”.

ومنذ عودته إلى السلطة لولاية ثانية تجاوز ترامب المعايير المعتادة وحتى الضوابط القانونية في ما يتعلّق بسلطة الرئيس الأميركي داخليا؛ وفي السياسة الخارجية بات يؤكد أن أيام السعي إلى التوافق ولّت، وما يقوله هو الذي يسري.

ويبدو هذا التحوّل جليا جدا في ملف أوكرانيا.

ودفع تحوّل ترامب، الذي اعتبر أن روسيا شريك وليست دولة منبوذة، وأن أوكرانيا مجرّد زبون أكثر من كونها حليفا، ماكرون وستارمر إلى المسارعة إلى البيت الأبيض هذا الأسبوع.

وعلى غرار زيلينسكي يساور ستارمر وماكرون قلق من أن ترامب يريد إرغام كييف على إبرام صفقة سلام تعطي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ما يطمح إليه، فيما تخرج أوكرانيا مهزومة ومن دون ضمانات أمنية؛ لكنهما أدركا أنه كان عليهما مراعاة مطلب ترامب التعامل معه كزعيم لا يمكن التشكيك في صحة مواقفه.

وصافح ماكرون الرئيس الأميركي عدة مرات وقام بالربت على ظهره بشكل بدا واضحا أنه أكسبه رضا ترامب.

وساعد ذلك في التخفيف من حدة التوتر عندما صحح الرئيس الفرنسي علنا لترامب بعدما كرر الأخير إحدى مزاعمه الأكثر تكرارا بأن أوروبا تقدّم تمويلا أقل بكثير لأوكرانيا من واشنطن، وستستعيد كل الأموال.

وبعد أيام سمع ستارمر المعلومات المغلوطة ذاتها وصحح لترامب أيضا. لكن ستارمر أسعد ترامب بتسليمه دعوة موقعة من الملك تشارلز الثالث لزيارة بريطانيا.

– جدل –

الوضع كان مختلفا في حالة زيلينسكي، فبدلا من التصحيح لترامب بشأن قضية صغيرة على غرار من يدفع ماذا حاول مواجهة تبني البيت الأبيض بأكمله الرواية المؤيدة لموسكو بشكل متزايد.

وحتى قبل هذه الزيارة وصف ترامب وحلفاؤه الجمهوريون زيلينسكي بالدكتاتور، وكرروا مزاعم الكرملين الزائفة بأن روسيا ليست من بدأ الحرب.

ومن ثم أصر ترامب أمام الصحافيين الذين تمّت دعوتهم لتغطية الحدث على أنه سيتعيّن على زيلينسكي تقديم تنازلات لبوتين، وانتقد ما اعتبرها عدائية الرئيس الأوكراني لوصفه نظيره الروسي بأنه “قاتل”.

وعندما تدخل فانس ووصف زيلينسكي بأنه ناكر للجميل وعقبة في طريق الدبلوماسية قرر الرئيس الأوكراني الخوض في الجدل.

وسأل فانس: “أي نوع من الدبلوماسية التي تتحدث عنها جاي دي؟”، معددا مبادرات دبلوماسية فشلت عبر السنوات في وقف الهجمات العسكرية الروسية.

ووصف فانس الذي بدا غاضبا زيلينسكي بـ”عديم الاحترام” قبل أن يتناوب وترامب على مهاجمته.

نفع المجاملات

سارع أنصار ترامب لتحميل زيلينسكي المسؤولية، وكتب مؤيد يميني متطرف لترامب يحظى بـ1,3 مليون متابع على “إكس”، حيث يكتب تحت اسم @GuntherEagleman، علما أن اسمه الحقيقي ديفيد فريمان: “أي دكتاتور هذا الذي يواجّه إهانات للرئيس ترامب ونائب الرئيس فانس بينما يتوسل للحصول على الأموال من أجل حرب لا يمكنه إطلاقا تحقيق النصر فيها؟”.

ووصفت مارجوري تايلر غرين المؤيدة بشدة لترامب في الكونغرس زيلينسكي بأنه “متعجرف”.

وسأل صديقها براين غلين، الذي كان في المكتب البيضوي كمراسل لتلفزيون “صوت أميركا الحقيقي” Real America’s Voice اليميني المتشدد، الرئيس الأوكراني بشكل ساخر عن سبب عدم ارتدائه بزة رسمية.

ورد زيلينسكي الذي يرتدي عادة ملابس عسكرية: “سأرتدي بزة رسمية بعد انتهاء هذه الحرب”.

ورأى بعض المحللين أنه كان على زيلينسكي أن يكون إستراتيجيا أكثر.

وقال المعلق في “فوكس نيوز” والجنرال المتقاعد جاك كين: “الأمر الوحيد الذي كان عليك قوله علنا يا زيلينسكي، بغض النظر عن الأسئلة، هو +شكرا سيدي الرئيس. شكرا أميركا+. مع تكرار ذلك مرة تلو الأخرى”.

من جانبه قال خبير السياسة الخارجية لدى “سي إن إن” فريد زكريا إن كلمات زيلينسكي الأولى كان يجب أن تشير إلى “عبقرية” ترامب.

لكن بالنسبة للسناتور الديمقراطي كريس مورفي ما كانت أي مهارات دبلوماسية أو مجاملات لتنقذ زيلينسكي، لأن ترامب كان يحاول الدفع باتّجاه تسوية “تسلّم أوكرانيا إلى بوتين”، وكان زيلينسكي يعرف ذلك.

وكتب مورفي على “إكس” إن المكتب البيضوي كان “كمينا”.

Exit mobile version