![الصادرات التجارية تفضح تناقضات خطاب النظام الجزائري حول إسرائيل الصادرات التجارية تفضح تناقضات خطاب النظام الجزائري حول إسرائيل](https://www.alnahar.ma/wp-content/uploads/2025/02/الصادرات-التجارية-تفضح-تناقضات-خطاب-النظام-الجزائري-حول-إسرائيل-780x470.jpg)
الصادرات التجارية تفضح تناقضات خطاب النظام الجزائري حول إسرائيل
“القول شامخ والفعل ركام”؛ مثل ينطبق على الجزائر التي تقول ما لا تفعل وتفعل ما لا تقول، خاصة في علاقاتها مع إسرائيل التي طالما عارضت إقامة أي علاقات دبلوماسية أو تجارية معها، متزعمة بذلك تيار رفض التطبيع، بل وصلت إلى حد اتهامها بالسعي إلى تقويض الأمن القومي الجزائري، إذ تصاعدت هذه الاتهامات منذ قطعت الجزائر علاقتها مع الرباط، غير أن التقارير والأرقام التي تظهر من حين لآخر تكشف عن حقائق عجزت ظلال جدران قصر المرادية عن إخفائها.
آخر هذه الأرقام ما كشف عنه مرصد التعقيد الاقتصادي (OEC)، المتخصص في بيانات التجارة الدولية، الذي سجل أن الجزائر صدرت ما قيمته أكثر من 30.5 مليون دولار من الهيدروجين إلى إسرائيل، مشيرا إلى زيادة الصادرات الجزائرية إلى الدولة العبرية بين سنتي 2008 و2017 بأكثر من 64 في المائة، فيما لم تتجاوز في العام الأول سقف مليونين و570 ألف دولار أمريكي.
وسبق أن كشف موقع “ترادينغ إكونوميكس”، نقلاً عن بيانات الأمم المتحدة للتجارة الدولية، أن الجزائر صدرت منتجات بقيمة 4.41 مليون دولار أمريكي إلى إسرائيل في العام 2019، فيما كشف تقرير لمجلة “ذو كرادل” البريطانية، نقلاً عن بيانات أممية هو الآخر، أن الدولة الجزائرية صدرت في العام 2022 بضائع إلى إسرائيل بقيمة أكثر من 21 مليون دولار، أغلبها من المواد الكيميائية ومركبات المعادن النفيسة.
تتناقض هذه الأرقام مع المواقف السياسية للدولة الجزائرية التي تجاهر برفضها لكل أشكال التطبيع مع إسرائيل وسعيها إلى مواجهة ما تسميه “الاختراق الصهيوني للمنطقة المغاربية”، إذ سبق للرئيس الجزائري أن قال في لقاء تلفزيوني، أسابيع قبل عودة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل، إن بلاده “لن تبارك ولن تشارك في الهرولة نحو التطبيع”، بتعبيره، معتبراً في الوقت ذاته أن “القضية الفلسطينية قضية مقدسة بالنسبة للشعب الجزائري”.
يثير هذا التناقض الصارخ بين الخطاب السياسي والفعل التجاري والاقتصادي للجزائر تجاه إسرائيل تساؤلات حول مصداقية الخطابات الموجهة للشعب الجزائري من طرف عديد النخب السياسية التي وجدت في مناهضة التطبيع وفي التبجح بانتماء بلادها لما يسمى “محور الممانعة”، مادة دسمة لدغدغة مشاعر الجماهير الجزائرية التي منعت بقرار من السلطات من الخروج إلى الشوارع للتنديد بجرائم إسرائيل في قطاع غزة.
وسبق لمجلة “جون أفريك” الفرنسية أن كشفت في تقرير لها عن وجود اتصالات بين مسؤولين جزائريين ونظرائهم في إسرائيل، قبيل اللقاء الذي جمع الرئيس الجزائري الأسبق عبد العزيز بوتفليقة ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك، أواخر تسعينات القرن الماضي في المغرب، مشيرة إلى أن الطرف الجزائري عبر خلال هذه الاتصالات عن استعداده لتطبيع العلاقات مع إسرائيل وفتح سفارة لتل أبيب في العاصمة الجزائر.
ويبدو أن الجزائر ستتجه شيئًا فشيئًا لرفع الطابع المخفي عن علاقاتها مع إسرائيل، خاصة في ظل وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، الشيء الذي أثار توجسًا داخل قصر المرادية بسبب ما يصفه كثيرون بـ”السياسات الجنونية” لترامب الداعم لإسرائيل والراعي الرسمي لاتفاقيات أبراهام التي سيسعى حتما لتوسيع قاعدتها لتشمل دولًا عربية وإسلامية أخرى، وهو ما يبدو أن الرئيس الجزائري فهمه عندما عبر في آخر مقابلاته الصحافية عن استعداد بلاده لإقامة علاقات مع تل أبيب في حال قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، إضافة إلى تليين الخارجية الجزائرية لخطابها المنتقد لإسرائيل وأمريكا ردًا على مخطط تهجير الفلسطينيين من غزة.