خلاصات تحليلية تتطرق إلى قدرات المغرب وتطلعات مجموعة دول الساحل

أكدت ورقة تحليلية حديثة الصدور أن “الحفاظ على مجموعة دول الساحل الخمس السابقة (G5) من خلال توسيعها لتشمل المغرب، يثير قضايا استراتيجية كبرى في إعادة تحديد التوازن بين الأمن والتنمية بمنطقة الساحل، إذ ترتكز هذه الفرضية على إمكانية خلق فضاء جيو-سياسي للتعاون والتضامن قادر على الاستجابة للتحديات متعددة الأبعاد التي تواجهها المنطقة”.

وكشفت الورقة التحليلية التي نشرها “مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد” أن تكامل المغرب والسنغال مع دول منطقة الساحل من شأنه أن “يحقق قيمة مضافة كبيرة من حيث المهارات والموارد بالنسبة للمنطقة، إذ يتمتع المغرب بخبرة معترف بها في مجالات الدبلوماسية والأمن والتنمية الاقتصادية، ولديه استراتيجية راسخة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى”، مفيدة بأن “السنغال التي عادة ما ينظر إليها كقطب للاستقرار في غرب أفريقيا، تتمتع بتجربة ناجحة في إدارة مبادرات التنمية المجتمعية وتعزيز المؤسسات الديمقراطية”.

إعلان خلاصات تحليلية تتطرق إلى قدرات المغرب وتطلعات مجموعة دول الساحل

وزادت: “يمكن لهاتين الدولتين أن تكمّلا جهود الأعضاء الحاليين في مجموعة دول الساحل الخمس (بوركينا فاسو ومالي وموريتانيا والنيجر وتشاد) الذين يركزون بشكل أكبر على حالات الطوارئ الأمنية”، موردة أن “مشاركة المغرب والسنغال يمكنها تعزيز القدرات العملياتية لهذه المجموعة من الدول، إذ يمكن للمغرب، بفضل خبرته في مكافحة الإرهاب وشبكته الاستخباراتية الواسعة، أن يساهم في تحسين التعاون الإقليمي في مجال مكافحة الإرهاب. كما يمكن للسنغال، التي تشارك بالفعل بشكل نشط في بعثات السلام الدولية، أن تلعب دوراً محورياً في تدريب وتجهيز قوات الدفاع والأمن في المنطقة”.

وتحدثت الوثيقة التي صاغها عبد الحق باسو، خبير أمني واستراتيجي باحث بـ”مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد”، عن كون مصلحة هذا الامتداد “تكمن قبل كل شيء في التوازن الذي من الممكن إقامته بين الأمن والتنمية؛ فحتى الآن كانت الاعتبارات العسكرية تهيمن على ديناميكيات مجموعة الدول الخمس في منطقة الساحل، وهو ما كان في كثير من الأحيان على حساب مبادرات التنمية طويلة الأجل”، وقالت: “من خلال دمج المغرب والسنغال يمكن أن تتطور الاستراتيجية نحو نهج أكثر شمولية، حيث يتم التعامل مع التنمية الاقتصادية، وتحسين البنية التحتية، وتعزيز مؤسسات الدولة باعتبارها أمرا أولويا”.

ويمكن للمغرب في هذا الإطار “أنْ يلعب دوار حاسما في نقل المعرفة والدعم لمشاريع التنمية الزراعية والطاقة والتعليم، وبإمكانه كذلك أن يدعم خبرته في مجال الطاقات المتجددة كهربة المناطق الريفية في منطقة الساحل، مما سيساهم بالتالي في تحسين الإدماج الاقتصادي للسكان المهمشين. أما السنغال فيمكنها أن تكون نموذجاً لإنشاء برامج التمويل الأصغر وتنمية المجتمع، التي تهدف إلى الحد من الفقر وتعزيز التماسك الاجتماعي”، وفق المصدر المذكور.

وتابع بأن “ضمّ المغرب والسنغال من شأنه أن يسمح بتنويع الشراكات الدولية لمجموعة دول الساحل الخمس، مع محافظة المغرب على علاقات قوية مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وعدد من دول الخليج، وهو ما قد يشجع على استثمارات جديدة ودعم مالي لمشاريع التنمية، في وقت يمكن للسنغال أن تتدخل من خلال حشد علاقاتها التاريخية مع الشركاء الاستراتيجيين مثل فرنسا والمؤسسات الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي”.

وجاء في الورقة التحليلية ذاتها أن “هذا التحول يتطلب إرادة سياسية قوية وتنسيقا وثيقا بين مختلف الأطراف الفاعلين، وسيتعيّن على الأعضاء الحاليين في مجموعة الدول الخمس في الساحل الاتفاق على تقاسم قيادتهم ودمج النهج المبتكرة في إدارة الأزمات”، معتبرة أن “المغرب والسنغال سيطلب منهما إظهار التضامن وتكييف طموحاتهما مع الحقائق المعقدة في منطقة الساحل، التي لم تؤخذ في الاعتبار خلال تجربة مجموعة الخمس في الساحل”.

ومن شأن تأسيس مجموعة “G7” بالمنطقة المطلة على الساحل، وفق المصدر نفسه، “تشكيل فرصة فريدة لإعادة التوازن إلى موازين الأمن والتنمية في المنطقة؛ فمن خلال توحيد قواها، لن تتمكن هذه البلدان من معالجة التحديات الأمنية الفورية فحسب، بل ستكون قادرة أيضاً على إرساء أسس التنمية المستدامة والشاملة، وهو شرط أساسي للاستقرار طويل الأمد في المنطقة”.

زر الذهاب إلى الأعلى