كشف مهنيون مغاربة في قطاع التمور عن خلو الواردات الجزائرية المسوقة في المغرب من أي آثار لمبيدات فلاحية أو مواد مسرطنة يمكن أن تشكل خطرا على السلامة الصحية للمغاربة، مؤكدين في المقابل أن جودة المنتج المستورد من الجارة الشرقية تظل موضع شك عند مقارنتها بواردات من دول أخرى، مثل تونس، ومشددين على أن الواردات المعنية، موضوع احتجاج ومطالب بالمقاطعة مؤخرا، أغرقت السوق بشكل كبير على حساب أخرى، وعرضت بأسعار منخفضة عن منافساتها مع اقتراب حلول شهر رمضان، بسبب طريقة ولوجها إلى نقط البيع الوطنية.
وأوضح فيصل الشاوي، رئيس فدرالية مستوردي التوابل والتمور والفواكه الجافة، أن مصالح المراقبة التابعة للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا) تظل متشددة وصارمة في ما يتعلق باستيراد المنتجات الفلاحية والغذائية، وذلك بإخضاعها للفحوصات المخبرية والتقنية اللازمة، والتدقيق في وثائق استيرادها، خصوصا الشهادات الصحية المرافقة لها، مؤكدا أن المعايير المعتمدة من قبل المصالح المذكورة عند استيراد التمور تركز على ضرورة التقيد بتغليف كل وحدة مستوردة يقل وزنها عن خمسة كيلوغرامات، ومشددا على أن واردات التمور الجزائرية تأتي في صناديق بوزن يصل إلى 14 كيلوغراما ضمن حاويات للشحن، ما يشكل مخالفة للمعايير المذكورة.
وأورد الشاوي، في تصريح لجريدة النهار، أن مستوردي التمور الجزائرية يتعهدون لمصالح المراقبة بإعادة توضيب وتغليف الشحنات المستوردة من أجل إخراجها من الموانئ، وذلك بعد إدلائهم بشهادات من وحدات تغليف معتمدة للقيام بهذه المهام، قبل أن يتبين أنها شهادات “صورية”، إذ لا يلتزمون بتعهداتهم ويغرقون السوق بصناديق التمور المستوردة على حالتها، مشيرا إلى أن جولة بسيطة في أسواق التمور من شأنها توفير رؤية واضحة للمراقبين حول هذا الخلل على مستوى معالجة عمليات الاستيراد، ومشددا على أن واردات التمور المنظمة تتحمل تكاليف التغليف ولا تقوى على منافسة نظيرتها الجزائرية في ظل هذه الظروف.
وسلط الجدل حول واردات التمور الجزائرية الضوء على إكراهات تعزيز الإنتاج الوطني، خصوصا في ظل الظروف المناخية للموسم الفلاحي الحالي، إذ يخطط المغرب إلى زيادة الإنتاج إلى 300 ألف طن سنويا بحلول 2030، من خلال زراعة ملايين النخلات في مختلف الواحات عبر أنحاء المملكة، فيما وضع عقد البرنامج الجديد الموقع بين الحكومة والفدرالية البيمهنية الوطنية لسلسلة التمور هدف زراعة 5 ملايين نخلة، تشمل 3 ملايين نخلة في الواحات التقليدية وتوسيع المساحات المزروعة خارج الواحات من 14 ألف هكتار إلى 21 ألف هكتار. ويسعى هذا البرنامج إلى رفع معدل التحويل من التمور إلى 10 في المائة خلال خمس سنوات المقبلة، مقارنة بـ0.3 في المائة حاليا، وزيادة حجم الصادرات إلى 70 ألف طن.
وكشف إبراهيم العنبي، مهندس فلاحي متخصص في المبيدات والأسمدة والمدخلات الفلاحية، في تصريح لجريدة النهار، أن مخاطر تلوث التمور الجزائرية الموجهة للتصدير إلى دول العالم، بينها المغرب، تظل قائمة، إلا أن السوق الوطنية تظل على مسافة كبيرة منها، على اعتبار الصرامة التي ينتهجها المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغدائية (أونسا) في مراقبة واردات المواد الفلاحية والأغذية، مشددا على أن الجارة الشرقية ودول أخرى مازالت تعتمد على مبيدات فلاحية ممنوعة في المغرب وأوروبا، وقوائمها المعتمدة تختلف عن قوائم المملكة، التي يجري تحيينها وملاءمتها مع قوائم الاتحاد الأوربي، باعتباره الشريك التجاري الأول للمغرب، ومنبها إلى أن السلامة الصحية للمستهلكين تظل أولوية بالنسبة إلى مصالح المراقبة المغربية على المنافذ الحدودية.
وأضاف العنبي أن طرق الاعتماد على المبيدات في زراعة وإنتاج التمور تغيرت مقارنة مع السنوات الماضية، إذ أصبحت جميع الدول المصدرة للمغرب، مثل تونس والجزائر والسعودية والإمارات العربية المتحدة، حريصة على تبني المعايير الدولية في ما يتعلق ببقايا المبيدات، وتعمل على ملاءمة أنظمتها مع القيود والمتطلبات المفروضة من قبل الأسواق المستوردة عبر العالم، وذلك في ظل منافسة شرية على كسب الأسواق، موردا أن تكاليف الاستيراد هي التي تتحكم في الأسعار بالسوق الوطنية، وتعطي حصصا لواردات على حساب أخرى.